تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دفض]:

صفحة 53 - الجزء 10

  وقال أَبو حاتِم: الَّذِي يَكُونُ في بُطُونِ البَهَائِم مُتَثَنِّياً: المَرْبِضُ⁣(⁣١)، والذي أَكبَرُ منها: الأَمْغَالُ. وَاحِدُهَا مُغْل⁣(⁣٢).

  والذي مثل الأَثْنَاءِ. حَفِثٌ وفَحِثٌ. والجَمْعُ أَحْفَاثٌ وأَفْحَاثٌ.

  ومن المَجَاز: الرَّبَضُ: سُورُ المَدِينَة وما حَوْلَهَا. ومنه الحَدِيث⁣(⁣٣) «أَنا زعيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي وأَسْلَم وهَاجَر بِبَيْتٍ في رَبَضِ الجَنَّة» وقيل: الرَّبَض: الفَضَاءُ حَوْلَ المَدِينَة.

  ويقَال: نَزَلُوا في رَبَضِ المَدِينَةِ والقَصْرِ أَي ما حَوْلَهَا من المَسَاكن.

  والرَّبَضُ: مَأْوَى الغَنَمِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ، وأَنشد للعَجّاجِ يَصِفُ الثَّوْرَ الوَحْشِيّ:

  واعْتَادَ أَرْبَاضاً لَهَا آرِيُّ ... مِنْ مَعْدِنِ الصَّيرانِ عُدْمُلِيُّ

  العُدْمُلِيُّ: القَدِيمُ. وأَراد بِالْأَرْبَاضِ جَمْعَ رَبَضٍ. شَبَّهَ كِنَاسَ الثَّوْرِ بمَأْوَى الغَنَمِ.

  وفي الحَدِيث: «مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَالشَّاةِ بَيْنَ الرَّبَضَيْنِ، إِذَا أَتَتْ هذِه نَطَحَتْهَا، وإِذَا أَتَتْ هذه نَطَحَتْهَا» كما فِي العُبَابِ.

  قُلتُ: ويُرْوَى: بينَ الرِّبَيضَيْن. والرَّبِيضُ: الغَنَمُ نَفْسُها، كَمَا يَأْتِي. فالمَعْنَى عَلَى هذا أَنَّه مُذَبْذَبٌ كالشَّاةِ الوَاحِدَةِ بَيْن قَطِيعَيْنِ مِنَ الغَنَمِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ مَأْوَى الغَنَمِ رَبَضاً لِأَنَّهَا تَرْبِضُ فيه. وكَذلِكَ رَبَضُ الوَحْشِ: مَأْوَاه وكِنَاسُهُ.

  ومن المَجَاز: الرَّبَضُ: حَبْلُ الرَّحْلِ الَّذِي يُشَدُّ به، أَو ما يَلِي الأَرْضَ مِنْه، أَي من حَبْلِ الرَّحْلِ، لا ما فَوْقَ الرَّحْلِ.

  وقال اللَّيْثُ: الرَّبَضُ: ما وَلِيَ الأَرْضَ مِنَ البَعِير إِذا بَرَكَ، والجَمْع الْأَرْبَاض. وأَنْشَدَ:

  أَسْلَمَتْهَا مَعَاقِدُ الأَرْبَاضِ

  أَي مَعَاقِدُ الجِبَالِ على أَرْبَاضِ البُطُونِ. وقال الطِّرِمَّاح:

  وأَوَتْ بِلَّةُ الكَظُومِ إِلَى الفَظِّ ... وجَالَتْ مَعَاقِدُ الْأَرْبَاضِ

  وإِنَّمَا تَجُولُ الْأَرْبَاضُ من الضُّمْرِ، هكذَا قَالَهُ اللَّيْث: وغَلَّطَهُ الْأَزْهَرِيُّ⁣(⁣٤). وقال: إِنَّمَا الْأَرْبَاضُ الْحِبَالُ. وبه فَسَّرَ أَبو عُبَيْدَة⁣(⁣٥) قَوْلَ ذِي الرُّمَّة:

  إِذَا مَطَوْنَا نُسُوعَ الرَّحْلِ مُصعِدَةً ... يَسْلُكْنَ أَخْرَاتَ أَرْبَاضِ المَدَارِيجِ

  قال: والأَخْرَاتُ: حَلَقُ الحِبَالِ. قُلتُ: وفَسَّرَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ الْأَرْبَاضِ في البَيْت ببُطُونِ الْإِبِلِ، كما ذَهَبَ إِليه اللَّيْثُ.

  ومن المَجَازِ: الرَّبَضُ: قُوتُك الَّذِي يُقِيمُك ويَكْفِيكَ من اللَّبَن، نقله الجَوْهَريُّ. قال: ومِنه المَثَلُ: «مِنْكَ رَبَضُكَ وإِنْ كانَ سَمَاراً» أَي مِنْكَ أَهْلُك وخَدَمُكَ ومَنْ تَأْوِي إِليه وإِنْ كانُوا مُقَصِّرِينَ. قال: وهذا كقَوْلِهِم: «أَنْفُكَ مِنْك ولَوْ كانَ أجْذَعَ». وزادَ في العُبَاب: وكَذَا «مِنْك عِيصُكَ وإِنْ كان أَشِباً». وفي اللِّسَان: السَّمَارُ: اللَّبَنُ الكَثِيرُ المَاءِ.

  والمَعْنَى: قَيِّمُكَ منك لأَنّه مُهْتَمٌّ بك، وإِنْ لَمْ يَكُن حَسَنَ القيَامِ عَلَيْكَ. ثمّ إِنّ قَوْلَه في المَثَل: رَبَضُكَ، مُحَرَّكَةً كما يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ المُصَنِّف وهكَذَا وُجِدَ بخَطِّ الجَوْهَرِيّ.

  ورأَيتُ في هَامِش الصّحاح ما نَصَّه: وَجَدْت في كتابِ المِعْزَى⁣(⁣٦) لأَبِي زَيْد نُسْخَةً مَقْروءة على أَبِي سَعِيدٍ السِّيرَافِيّ ويقال: «مِنْكَ رُبُضُكَ وإِن كان سَمَاراً» هكذَا بضَمَّتَيْنِ صُورَةً لا مُقَيَّداً، يقول: مِنْكَ فَصِيلَتُكَ، وهم بَنُو أَبِيه، وإِنْ كانُوا قومَ سُوءٍ لَا خَيْرَ فِيهِم. قال: ووَجَدْتُ في التَّهْذِيب للأَزْهَرِيِّ بخَطّه ما نَصُّه: ثَعْلَب عن ابْنِ الأَعْرَابِيّ: «منك رُبْضُك» هكذا بضمّ الراءِ غير مُقَيَّدٍ بوَزْنٍ⁣(⁣٧)، قال: والرُّبْض: قَيِّمُ بَيْته. وهكَذَا وَجَدتُ أَيضاً في كتاب الأَمْثَال للأَصْمَعِيّ.


(١) عن اللسان وبالأصل «الربض».

(٢) ضبطت عن اللسان.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ومنه الحديث: عبارة اللسان: وفي الحديث: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة، وهو بفتح الباء ما حولها، خارجاً عنها تشبيهاً بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع ا ه».

(٤) انظر ما لاحظناه قريباً.

(٥) في التهذيب: «أبو عبيد» والأصل كاللسان.

(٦) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «المقرى».

(٧) الذي في التهذيب المطبوع: «منك رَبضُك» ضبط قلم.