[غنض]:
  وقال الأَسْوَدُ بنُ يَعْفُر:
  إِمَّا تَرَيْنِي قَدْ فَنِيتُ وغَاضَنِي ... ما نِيلَ مِنْ بَصَرِي ومن أَجْلادِي
  مَعْنَاهُ نَقَصَنِي بَعْدَ تَمَامِي.
  وَقَوْلهُ، أَنْشَدَهُ ابْنُ الأَعْرَابيّ:
  ولَوْ قَدْ عَضَّ مَعْطِسَهُ جَرِيرِي ... لَقَدْ لانَتْ عَرِيكَتُهُ وغَاضَا
  فَسَّرَه فقال: أَثَّرَ في أَنْفِهِ حَتَّى يَذِلَّ. وقيلَ: غَاضَ الماءَ: نَقَصَهُ وفَجَّرَهُ إِلى مَغِيضٍ، كَأَغَاضَ. وفي الصّحاح: غَيَّضَ الماءَ: فَعكلَ به ذلِكَ، وغَاضَهُ الله. يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى، وأَغَاضَهُ الله أَيْضاً. قُلْتُ: ومِن المُتَعَدِّي أَيْضاً حَدِيثُ عَائشَة تَصِف أَبَاهَا، ®: «وغَاضَ نَبْعَ(١) الرِّدَّةَ» أَي أَذْهَبَ مَا نَبَعَ منهَا وظَهَرَ. ومن اللاَّزم الحَديثُ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكُونَ الوَلَدُ غَيْظاً، والمَطَرُ قَيْظاً، ويَفِيضَ اللِّئامُ فَيْضاً، ويَغِيضَ الكِرَامُ غَيْضاً، ويَجْتَرئَ الصَّغيرُ على الكَبِير، واللَّئيمُ على الكَريم» أَي يَفْنَونَ ويَقِلُّون، وهو مَجَاز. ومن الَّلازم أَيْضاً قَوْله تَعَالَى: وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ {وَما تَزْدادُ}(٢) قال الأَخْفَشُ: أَي وما تَنْقُصُ، نقله الجَوْهَرِيّ. وقال الزَّجّاجُ: أَي ما نَقَصَ من سَبْعَةِ(٣) الأَشْهُرِ، كَذَا في سَائر النُّسَخ المَوجُودَة، والصَّوابُ من تسْعَةِ الأَشْهُرِ الَّتي هي وَقْتُ الوَضْعِ، كما في العُبَاب واللّسَان، وهو نَصُّ الزَّجَّاج، قال: {وَما تَزْدادُ}، يَعْنِي على التِّسْعَة. وقال بَعْضُهُم: مَا نَقَصَ عن أَنْ يَتِمَّ حَتَّى يَمُوتَ، وما زادَ حَتَّى يَتِمَّ الحَمْلُ. وعلى هذَا ما في النّسخ مِنْ تَقْديم السِّين على الباءِ يَكُون صَحِيحاً، كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلى هذَا القَولِ. ويَشْهَدُ له قَوْلُ قَتَادَةَ: الغَيْضُ: السِّقْطُ الَّذي لَم يَتِمَّ خَلْقُه، أَي هو النَّاقِصُ عن سَبْعَةِ الأَشْهُرِ، فتَأَمَّلْ.
  والغِيضُ، بالكَسْرِ: الطَّلْعُ. نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ(٤) وابنُ الأَعْرَابيّ، وكَذلكَ الغَضِيضُ والإِغْرِيضُ، وقدْ تَقَدَّمَا. أَو الغِيضُ هو العَجَمُ الخَارِجُ من لِيفِهِ. هكَذَا في سَائرِ النُّسَخ.
  والذي نَقَلَه الصَّاغَانِيّ عن أَبِي عَمْرو: الغِيضُ: العَجَمُ الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ منْ لِيفِهِ، وذلِكَ يُؤْكَلُ كُلَّه. فانْظُرْه وتَأَمَّلْ.
  والغَيْضَةُ، بالفَتْح: الأَجَمَةُ، وهي مُجْتَمَعُ الشَّجَرِ في مَغِيضِ مَاءٍ يَجْتَمِعُ فيه الماءُ فيَنْبُتُ فيه الشَّجَرُ، ج: غِيَاضٌ وأَغْيَاضٌ، كما في الصّحاح. الأَخيرُ على طَرْحِ الزَّائدِ ولا يَكُونُ جَمْعَ جَمْعٍ، لأَنَّ جَمْعَ الجَمْعِ مُطَرَّحٌ ما وُجِدَت عَنْه مَنْدُوحةٌ. قال رُؤُبَةُ:
  في غَيْضَةٍ شَجْرَاءَ لَمْ تَمَعَّرِ ... مِن خَشَبٍ عاسٍ وغَابٍ مُثْمِرِ
  والمُرَادُ بالشَّجَر أَيُّ شَجَرٍ كان، أَو خَاضٌّ بالغَرَب لا كُلُّ شَجَرٍ(٨)، كما نَقَلَهُ أَبو حَنِيفَةَ عن الأَعْرَابِ الأُوَلِ، قال: والَّذِي جَاءَتْ به أَشْعَارُ العَرَب خِلَافَ هذا، وأَنْشَدَ رَجَزَ رُؤْبَةَ هذا وقَال: فجَعلَهَا من المُثْمِرِ وغَيرِ المُثْمِرِ، وجَعَلَهَا غَابَةً، وأَيُّ غَرَبٍ بنَجْدٍ يَلِي غَرَبَ الأَرْيَافِ إِذَا اجْتَمَعَتْ، فهِيَ غِيَاضٌ، كما في العُباب.
  والغَيْضَةُ: نَاحِيَةٌ قُرْبَ المَوْصِلِ شَرْقِيَّها، عَلَيْهَا عِدَّةُ قُرىً.
  ومن المَجَازِ: أَعْطَاهُ غَيْضاً من فَيْضٍ، أَي قَلِيلاً منْ كَثيرٍ. وقال أَبو سَعِيدٍ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ قد فَاضَ مَالهُ ومَيْسَرَتُه، فهو إِنَّمَا يُعْطِي من قُلّةِ(٥). ومنه حَديثُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العاصِ الثَّقَفِيّ: «لَدِرْهَمٌ يُنْفِقُه أَحَدُكُم من جَهْدهِ خَيْرٌ من عَشَرَةِ آلافِ درْهَم يُنْفِقُهَا غَيْضاً من فَيْضٍ» أَي قَلِيلُ أَحَدِكم مع فَقْرِه خَيْرٌ منْ كَثيرِنَا مع غِنَانَا.
  وغَيَّضَ دَمْعَهُ تَغْيِيضاً: نَقَصَهُ، وحَبَسَه. والتَّغْيِيضُ: أَن يَأْخُذَ العَبْرَةَ من عَيْنِه ويَقْذِفَ بهَا. حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وأَنْشَدَ:
  غَيَّضْنَ منْ عَبَرَاتِهِنَّ وقُلْنَ لِي ... ماذَا لَقِيتَ مِنَ الهَوَى ولَقِينَا(٦)
  مَعْنَاه أَنَّهُنَّ سَيَّلْنَ دُمُوعَهُنَّ حَتَّى نَزَفْنَهَا. قال ابنُ سِيدَه: «مِنْ» هُنَا لِلتَّبعِيض، وتَكُونُ زَائِدَةً على قَوْل أَبِي الحَسَنِ، لأَنَّهُ يَرَى زيَادَةَ «مِنْ» في الوَاجِبِ، وحَكَى: قَدْ كانَ مِنْ
(١) الأصل واللسان، وفي النهاية «نبغ».
(٢) سورة الرعد الآية ٨.
(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «تسعة» ومثلها في اللسان.
(٤) الذي في الجمهرة ١/ ١٠٤ وربما سمي الطلع الغيض أيضاً، وهي لغة يمانية.
(٨) في القاموس: أو خاصٌ بالغرب لا كلُّ شجر (تقديم على) ج عياض وأعياض.
(٥) عن اللسان وبالأصل «من قلّة».
(٦) البيت لجرير في ديوانه ص ٥٧٨.