تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الخاء

صفحة 462 - الجزء 1

  قال في المعجم: والذي يَظْهَرُ من هذا الشَعْرِ أَنَّ الأَخْشَبَيْنِ فيه غير التي بمَكَّةَ لأَنَّه⁣(⁣١) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا من مَنَازِلِ العَرَبِ، التي يَحُلُّونَ بهَا بأَهَالِيهِم، ويَدلُّ أَيضاً على أَنه مَوْضِعٌ وَاحِدٌ، لأَنَّ الأَرَاكَةَ لا تَكُونُ في مَوْضِعَيْن.

  والخَشْبَاءُ: الأَرْضُ الشَّدِيدَةُ يُقَالُ: وَقَعْنَا في خَشْبَاءَ شَدِيدَةٍ، وهِيَ أَرْضٌ فيها حِجَارَةٌ وحَصًى وطينٌ، كما يقالُ: وقَعْنا في غَضْرَاءَ، وهي الطِّينُ الخَالِصُ الذي يقال له الحُرُّ، لخُلُوصِه من الرَّمْلِ وغيرِه، قاله ابنُ الأَنْبَاريّ، ويقالُ: أَكَمَةٌ خَشْبَاءُ، وهي التي كأَنَّ حِجَارَتَها مَنْثُورَةٌ مُتَدَانيَةٌ، قال رُؤبة:

  بِكُلِّ خَشْبَاءَ وكُلِّ سَفْحِ

  والجَبْهَةُ الخَشْبَاءُ: الكَرِيهَةُ، وهي الخَشِبَةُ أَيْضاً، والجَبْهَةُ الخَشْبَاءُ⁣(⁣٢) والكَرِيهَةُ واليَابِسَةُ يقال: جَبْهَةٌ خَشْبَاءُ، ورَجُلٌ أَخْشَبُ الجَبْهَةِ قال:

  أَما تَرَانِي كالوَبِيلِ الأَعْضَلِ⁣(⁣٣) ... أَخْشَبَ مَهْزُولاً وإِنْ لَمْ أُهْزَلِ

  والخَشَبِيَّةُ، مُحَرَّكَةً: قَوْمٌ مِنَ الجَهْمِيَّة قاله الليثُ، يقولونَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَتَكَلَّمُ وإِنَّ القُرْآنَ مَخْلُوقٌ، وقال ابنُ الأَثير: هم أَصْحَابُ المُخْتَارِ بنِ أَبي عُبَيدٍ⁣(⁣٤)، ويقال: هم ضَرْبٌ من الشِّيعَةِ، قيل: لأَنهم حَفِظُوا خشَبةَ زَيْدِ بنِ عليٍّ حِينَ صُلِب، والأَول أَوْجَهُ، لِمَا وَرَد في حديث ابنِ عُمَرَ «كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ الخَشَبِيَّةِ» وصَلْبُ زَيْدٍ كانَ بعدَ ابنِ عُمَرَ بكثيرٍ، والذي قرأْتُ في كتاب الأَنْساب للبلاذُرِيّ ما نَصّهُ: قال المُخْتَارُ لآلِ جَعْدَةَ بنِ هُبَيْرَةَ - وأُمُّ جَعْدَةَ أُمُّ هَانِئٍ بِنتُ أَبِي طالبٍ -: ائْتُونِي بِكُرْسِيِّ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِب، فقالوا: لَا وَالله ما لَهُ عِنْدَنَا كُرْسِيٌّ، قال: لَا تَكُونُوا حَمْقَى، ائتونِي بِهِ، فَظنَّ القَوْمُ عندَ ذلكَ أَنهم لا يَأْتُونَه بكُرسيٍّ فيقولون هَذَا كُرْسِيُّ عَلِيٍّ إِلَّا قَبِلَه منهم، فجاءُوه بكُرْسِيٍّ فقالوا: هَذَا هُو، فخَرَجَتْ شِبَامُ وشاكِرُ ورُؤوسُ أَصْحَابِ المُخْتَارِ وقد عَصَّبُوهُ بخِرَقِ الحَرِيرِ والدِّيبَاجِ، فكان أَوَّلَ مَن سَدَنَ الكُرْسِيَّ حينَ جِيءَ به مُوسَى بنُ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيّ، وأُمُّه ابْنَةُ الفَضْلِ بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، ثم إِنَّه دُفِعَ إِلى حَوْشَبٍ اليُرْسَمِيّ من هَمْدَان، فكان خازِنَه وصاحِبَه، حتى هَلَكَ المُخْتَارُ، وكان أَصحابُ المختارِ يَعْكُفُونَ عليه ويقولون: هو بمنزِلَة تابوتِ موسى، فيه السَّكِينَةُ، ويَسْتَسْقُونَ به ويَسْتَنْصِرُونَ ويُقَدِّمُونَه أَمَامَهُم إِذا أَرادوا أَمْراً، فقال الشاعر:

  أَبْلِغْ شِبَاماً وأَبَا هَانِئٍ ... أَنِّي بِكُرْسِيِّهِمْ كافِرُ

  وقال أَعشى هَمْدَانَ:

  شَهِدْتُ عليكم أَنَّكُمْ خَشَبِيَّةٌ ... وأَنِّي بكمْ يا شُرْطَةَ الكُفْرِ عَارِفُ

  وأُقْسِمُ ما كُرْسِيُّكُمْ بسَكِينَةٍ ... وإِنْ ظَلَّ قَدْ لُفَّتْ عليه اللَّفَائِفُ

  وأَنْ ليْسَ كالتَّابُوتِ فِينَا وإِنْ سَعَتْ ... شِبَامٌ حَوَالَيْهِ ونَهْدٌ وخَارِفُ

  وإِنْ شَاكِرٌ طَافَتْ به وتَمَسَّحَتْ ... بأَعْوَادِه أَوْ أَدْبَرَتْ لا يُسَاعِفُ

  وإِنِّي امْرُؤٌ أَحْبَبْتُ آلَ مُحَمَّدٍ ... وآثَرْتُ وَحْياً ضُمِّنتْهُ الصَّحَائفُ

  انتهى، وقال منصور بن المُعْتَمِر: إِنْ كان مَنْ يُحِبُّ عَلِيًّا يُقَالُ له. خَشَبِيٌّ، فاشْهَدُوا أَنِّي سَأُحِبُّهُ، وقال الذَّهَبِيُّ: قَاتَلُوا مَرَّةً بالخَشَبِ فعُرِفُوا بذلك.

  والخُشْبَانُ بالضم: الجِبَالُ ( *) التي لَيستْ بضِخَامٍ ولا صِغَارٍ.

  وخُشْبَانُ رَجُلٌ، وخُشْبَانُ لَقَبٌ وخُشْبَانُ: ع.

  وَتَخَشَّبَتِ الإِبِلُ: أَكَلَتِ الخَشَبَ قال الراجزُ وَوَصَفَ إِبِلاً:

  حَرَّقَهَا مِنَ النَّجِيلِ أَشْهَبُهْ ... أَفْنَانُهُ وجَعَلَتْ تَخَشَّبُهْ

  ويقال: الإِبِلُ تَتَخَشَّبُ عِيدَانَ الشَّجَرِ، إِذا تَنَاوَلَتْ أَغْصَانَه أَو تَخَشَّبَتْ، إِذا أَكَلَتِ اليَبِيسَ من المَرْعَى.


(١) كذا. وفي معجم البلدان: «أنه».

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله والجبهة الخ كذا بخطه وهو مكرر مع ما قبله.

(٣) اللسان: الأعصل.

(٤) في اللسان: ابن أبي عبيدة تصحيف.

(*) في القاموس: الجبال الخشْنُ.