تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الفاء مع الضاد

صفحة 126 - الجزء 10

  القوارِيرِ الَّتِي في الدُّنْيا من الرَّمْلِ، فأَعْلم الله ø فَضْلَ تِلْك القَوَارِيرِ⁣(⁣١)، أَنَّ أَصْلَها مِنْ فِضَّةٍ يُرَى مِنْ خَارِجِها مَا فِي دَاخِلِهَا. قال الأَزْهَرِيّ أَيْ تَكُونُ مَع صفَاءِ قَوَارِيرِهَا آمِنَةً مِن الكَسْرِ، قَابِلَةً للجَبْرِ، مِثل الفِضَّةِ، قال: وهذا [من]⁣(⁣٢) أَحْسَنِ ما قِيل فِيهِ.

  وقال ابنُ عَبَّادٍ: الفِضَّةُ⁣(⁣٧): الحَرَّةُ الشّاهِقَةُ وتُفْتَحُ، ج فِضَضٌ، وفِضَاضٌ.

  قال: وفِضَاضُ الجِبَالِ: الصَّخْرُ المَنْثُورُ بَعْضُه على بَعْضٍ جَمْعُ فَضَّةٍ، بالفَتْح.

  وقال الفَرَّاءُ: الفَاضَّةُ: الدَّاهِيَةُ، ج فَوَاضُّ، كَأَنَّهَا تَفُضُّ ما أَصَابَتْ وتَهُدُّه.

  ودِرْعٌ فَضْفَاضٌ وفَضْفَاضَةٌ: وَاسِعَةٌ. قال عَمْرُو بنُ مَعْدِيكَرِبَ:

  وأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ فَضْفَاضَةً ... كَأَنَّ مَطَاوِيَهَا مِبْرَدُ

  وقال آخرُ:

  وأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ فَضْفَاضَةً ... دِلَاصاً تَثَنَّى عَلَى الرَّاهِشِ

  والفَضْفَاضَةُ: الجَارِيَةُ اللَّحِيمَةُ الجَسِيمَةُ: الطَّوِيلَةُ. قال رُؤْبَةُ:

  أَزمانَ ذَاتُ الكَفَل الرَّضْرَاضِ ... رَقْراقَةٌ في بُدْنِها الفَضْفَاضِ

  وافْتَضَّهَا: افْتَرَعَها، مِثْلُ اقْتَضَّهَا، بالقَافِ.

  وافْتَضَّ الماءَ: صَبَّه شَيْئاً بَعْدَ شَيْءٍ. ومنه حَدِيثُ غَزْوَةِ هَوَازِنَ: «فَجَاءَ رَجُلٌ بنُطْفَةٍ من إِدَاوَةٍ فافْتَضَّهَا، فأَمَرَ بها رَسُولُ الله ÷ فصُبَّتْ في قَدَح فتَوَضَّأْنا كُلُّنَا» ويُرْوَى بالقافِ أَيضاً، أَي فَتَحَ رَأْسَهَا. أَو افْتَضَّهُ: أَصَابَهُ ساعَةَ يَخْرُجُ، كما في الصّحاح، أَيْ من العَيْنِ، أَوْ يَصُوبُ من السَّحَابِ.

  وافتَضَّت المَرْأَةُ: كَسَرَتْ عِدَّتَهَا بمَسِّ الطِّيبِ أَوْ بغَيْرِه، كقَلْمِ الظُّفرِ، أَو نَتْفِ الشَّعرِ من الوَجْهِ، أَو دَلَكَتْ جَسَدَها بدَابَّةٍ أَو طَيْرٍ لِيَكُونَ ذلِكَ خُرُوجاً عن العِدَّةِ، أَوْ كَانَتْ مِنْ عادَتِهم أَنْ تَمْسَح قُبُلَها بطَائِرٍ وتَنْبِذَه فلا يَكَادُ يَعِيشُ.

  وفي حَدِيثِ أُمِّ سلَمَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «جَاءَت امرأَةٌ إِلَى رَسُولِ الله فقَالَت: إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عنها زَوْجُهَا وقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنَيْهَا⁣(⁣٣)، أَفَتَكْحُلُهُما؟ فقالَ: لا، مَرَّتَيْنِ أَو ثَلاثاً إِنَّمَا هي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً. وقد كَانَت إِحْداكُنَّ⁣(⁣٤) تَرْمِي بالبَعرَةِ على رَأْسِ الحَوْلِ»، ومَعْنَى الرَّمْيِ بالبَعَرَةِ أَنَّ المَرْأَةَ كانَتْ إِذَا تُوُفِّيَ عنها زَوْجُهَا دَخَلَتْ حِفْشاً ولَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا حَتَّى تَمُرَّ بها سَنَةٌ، ثمّ تُؤْتَى بدَابَّةٍ شَاةٍ أَو طائِرٍ فتَفْتَضُّ بها، فقَلَّمَا تَفْتَضُّ بشَيءٍ إِلاّ ماتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فتُعْطَى بَعرَةً فتَرْمِي بِهَا.

  وقال ابنُ مُسْلِمٍ⁣(⁣٥): سَأَلْتُ الحِجَازِيِّينَ عن الاقْتِضاضِ، فَذَكَرُوا أَنَّ المُعْتَدَّةَ كانَتْ لا تَغْتَسِلُ ولا تَمَسُّ مَاءً، ولا تَقْلِمُ ظُفراً، ولا تَنْتِفُ من وَجْهِهَا شَعراً، ثُمَّ تَخْرُجُ بَعْدَ الحَوْلِ بأَقْبَحِ مَنْظَرٍ، ثمّ تَفْتَضُّ بطائِرٍ تَمْسَحُ به قُبُلَها وتَنْبِذُه فَلا يَكَادُ يَعِيشُ. أَي تَكْسِرُ مَا هي فيه مِنَ العِدَّةِ بذلِكَ، قَالَ: وهو مِنْ فَضَضْتُ الشَّيْءَ، أَي كَسَرْتُهُ، كَأَنَّهَا تَكُونُ في عِدَّةٍ من زَوْجِهَا فتَكْسِرُ مَا كَانَتْ فيه، وتَخْرُجُ منه بالدَّابَّة. قال ابنُ الأثِيرِ: ويُرْوَى بالقَافِ والبَاءِ المُوَحَّدَةِ. وقال الأَزْهَرِيُّ: وقد رَوَى الشافِعِيُّ هذَا الحَدِيثَ، غَيْرَ أَنَّه رَوَى هذَا الحَرْفَ بالقَافِ والضَّادِ⁣(⁣٦)، أَي من القَبْضِ، وهو الأَخْذُ بأَطْرافِ الأَصَابعِ.

  والفَضْفَضَةُ: سَعَةُ الثَّوْبِ، والدِّرْع، والعَيْشِ: يُقَالُ: ثَوْبٌ فَضْفَاضٌ، وعَيْشٌ فَضْفَاض، ودِرْعٌ فَضْفَاضَةٌ، أَي وَاسِعَةٌ. كما في الصّحاح. وفي حَدِيثِ سَطِيح:

  أَبْيَضُ فَضْفاضُ الرِّدَاءِ والبَدَنِ

  أَرادَ: وَاسِعَ الصَّدْرِ والذِّرَاعِ. فكَنَى عَنْهُ بالرِّدَاءِ والبَدَنِ، وقِيلَ أَرادَ كَثْرَةَ العَطَاءِ.

  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  المَفْضُوضُ: المَكْسُورُ، كالفَضِيضِ، وهو المُفَرَّقُ أَيْضاً.


(١) في التهذيب: «أن أفضل تلك القوارير أصله من فضة» والأصل كاللسان.

(٢) زيادة عن التهذيب.

(٧) بالمطبوعة المصرية ليست من القاموس بل هي منه.

(٣) في التهذيب واللسان: اشتكت عينها، أفتكحلها؟

(٤) في اللسان: إحداكن في الجاهلية.

(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: القتيبي.

(٦) في التهذيب: روى هذا الحرف بعينه، فتقبص به بالقاف والصاد.