تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مرض]:

صفحة 154 - الجزء 10

  والمَرَضُ: الظُّلْمَةُ، عن ابْن الأَعْرَابِيّ، وبه فُسِّر قَوْلُهُ تَعَالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ} مَرَضٌ⁣(⁣١) أَي ظُلْمَةٌ، وقِيلَ: فُتُورٌ عَما أُمِرَ به ونُهِيَ عنْه. ويُقَالُ: حُبُّ الزِّنَا. وأَنْشَد ابنُ الأَعْرَابِيّ كَمَا في التَّكْمِلَة، وفي العُبَابِ أَنْشَدَ ابنُ كَيْسانَ لأَبِي حَيَّةَ النُّمَيْرِيّ:

  ولَيْلَةٍ مَرِضَتْ من كُلِّ ناحِيَةٍ ... فَلا يُضِيءُ لَهَا نَجْمٌ ولا قَمَرُ⁣(⁣٢)

  ويُرْوَى: فما يُحسُّ بِهَا، قال: أَيْ أَظْلَمتْ، وهكَذَا فَسَّره ثَعْلَبٌ أَيْضاً، وهو مَجَازٌ.

  وقال الرَّاعِي:

  وطَخْيَاءَ مِنْ لَيْلِ التِّمَامِ مَرِيضَةٍ ... أَجَنَّ العَمَاءُ نَجْمَهَا فهْو مَاصِحُ

  تَعَسَّفْتُها لَمّا تَلَاوَمَ صُحْبَتي ... بمُشْتَبِهِ المَوْماةِ والمَاءُ نازِحُ⁣(⁣٣)

  وقَال ابنُ الأَعْرَابِيّ: أَصْلُ المَرَضِ النُّقْصانُ، يُقَالُ: بَدنٌ مَرِيضٌ، أَي نَاقِصُ القُوَّةِ. وقَلْبٌ مَرِيضٌ، أَي ناقِصُ الدِّينِ.

  وأَمْرَضَهُ الله: جَعَلَهُ مَرِيضاً. وقال سِيبَوَيْه: أَمْرَضَ الرَّجُلَ: جَعَلَهُ مَرِيضاً.

  وفي الصّحاح: أَمْرَضَ الرَّجُلُ، أَي قَارَبَ الإِصَابَةَ في رَأْيِهِ زَادَ في اللَّسَانِ: وإِنْ لَمْ يُصِبْ كُلَّ الصَّوابِ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ قَوْلَ الشَّاعِرِ، وهُوَ الأُقَيْشِرُ الأَسَدِيُّ يَمْدَحُ عَبْدَ الملِكِ بْنَ مَرْوَان، وأَوَّلُه:

  رَأَيْتُ أَبَا الوَلِيدِ غَداةَ جَمْعٍ ... بِهِ شَيْبٌ وما فَقَدَ الشَّبَابَا

  ولكِنْ تَحْتَ ذَاكَ الشَّيْبِ حَزْمٌ ... إِذَا مَا ظَنَّ أَمْرَضَ أَوْ أَصَابَا

  والَّذِي في الأَساس⁣(⁣٤): ومِنَ المَجَازِ: أَمْرَضَه فُلانٌ: قَارَبَ إِصابَةَ حاجَتِهِ؟: ولا يَخْفَى أَنَّ هذا غَيْرُ إصابَةِ الرَّأْيِ، وقد اشْتَبَهَ عَلَى المُصَنِّف حَيْثُ جَعلَ أَمْرَضَهُ في إِصابَةِ الرَّأْيِ، وإِنَّمَا هو أَمْرَضَ الرَّجُلُ بنَفْسِه، كما هُو نَصُّ الصّحاحِ وغَيْرِه من أُمَّهَاتِ اللُّغَة، فتَأَمَّلْ.

  وأَمْرَضَ الرَّجُلُ: صَارَ ذا مَرَضٍ.

  ويُقَالُ: أَتَى فُلاناً فأَمْرَضَهُ، أَي وَجَدَهُ مَرِيضاً.

  ومن المَجَاز: التَّمْرِيضُ في الأُمُورِ: التَّوْهِينُ فيها وأَنْ لا تُحْكِمَها، وقِيلَ: هُوَ التَّضْجِيعُ، وقد مَرَّضَ في الأَمْرِ: ضَجَّعَ فيه، كما في الأَسَاسِ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ: مَرَّضَ الرَّجُلُ في كلامِه، إِذَا ضَعَّفَهُ، ومَرَّض فِي الأَمْرِ، إِذا لَمْ يُبَالِغْ فيه.

  والتَّمْرِيضُ: حُسْنُ القِيَامِ عَلَى المَرِيضِ. قال سِيبَوَيْه: مرَّضَهُ تَمْرِيضاً: قَامَ عَلَيْهِ ووَلِيَهُ في مَرَضِهِ ودَاوَاهُ لِيَزُولَ مَرَضُهُ. جاءَتْ فَعَّلْتُ هُنَا للسَّلْبِ وإِنْ كانَتْ في أَكْثَرِ الأَمْرِ إِنَّمَا تَكُونُ للإِثْبَاتِ.

  والتَّمْرِيضُ: تَذْرِيَةُ الطَّعَامِ، عن أَبِي عَمْرٍو.

  ومن المَجَازِ: رِيحٌ مَرِيضَةٌ: سَاكِنَةٌ، أَو شَدِيدَةُ الحَرِّ، أَو ضَعِيفَةُ الهُبُوبِ. وشَمْسٌ مَرِيضةٌ، إِذا لمْ تكُنْ مُنْجَلِيَةً صافِيَةً حَسَنةً. وأَرْضٌ مَرِيضةٌ، أَي ضعِيفةُ الحَال، وأَنْشدَ أَبُو حَنِيفة:

  تَوَائِمُ أَشْباهُ بأَرْضٍ مَرِيضةٍ ... يَلُذْن بخِذْرَافِ المِتَانِ وبالغَرْبِ

  وقِيلَ مَعْنَاه، مُمْرِضَة، عَنَى بِذلِك فَسادَ هَوَائها. وقد تَكُونُ مَرِيضَةً هُنَا بمَعْنَى قَفْرَةٍ أَو سَاكِنَةِ الرِّيحِ شَدِيدَةِ الحرِّ.

  والمَرَاضَانِ، بالفَتْح⁣(⁣٥): وَادِيَانِ مُلْتَقَاهُمَا وَاحِدٌ. قالَه اللَّيْثُ. أَوْ هُما مَوْضِعانِ أَحدُهُما لِسُلَيْمٍ، والآخَرُ لِهُذَيْلٍ.

  ويُقَالُ: هُمَا المَارِضَانِ: كَذَا في التَّكْمِلَةِ.

  والمَرَائِضُ⁣(⁣٦): ع وقَالَ الأَزْهَرِيّ: المَرَائِضُ⁣(⁣٧) والمرَاضَانِ: مَوَاضِعُ في دِيارِ تَمِيمٍ بَيْنَ كَاظِمَةَ والنَّقِيرَة، فيها


(١) سورة الأحزاب الآية ٣٢.

(٢) في التهذيب: شمس ولا قمر.

(٣) البيتان في ديوانه، وعنه ضبطت، وانظر تخريجهما فيه ص ٥٠ والعماء: «الغمام» بدلها في الأساس.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: والذي في الأساس ومن المجاز الخ، الذي رأيته في النسخة الصحيحة التي بيدي من الأساس: وأمرض فلان قارب إصابة حاجته، ثم استشهد عليه بالبيتين المذكورين».

(٥) في معجم البلدان ضبطت بالحركة بكسر الميم، وفيه نص: تثنية المراض بلفظ جمع مريض، ثُني بعد أن سمي.

(٦) في القاموس ومعجم البلدان: المرايض.

(٧) في معجم البلدان «المراضان»: المرايض.