تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خضب]:

صفحة 466 - الجزء 1

  شديدةً وَلَا ( *) يَعْرِضُ ذلك للأُنْثَى ولا يقال ذلك إِلا للظَّلِيم دونَ النَّعَامَةِ، وقيل: الخَاضِبُ من النَّعَامِ: الذي أَكل الخُضْرَةَ، وقال أَبو حنيفةَ: أَمَّا الخاضبُ من النعام فيكونُ من [أن]⁣(⁣١) الأَنْوَارَ تَصْبُغُ أَطْرَافَ رِيشِه، وهو عارِضٌ يَعْرِضُ للنّعام، فتحمرُّ أَوْظِفَتُهَا، وقد قيلَ في ذلك أَقوالٌ، فقالَ بعضُ الأَعْرَابِ: أَحْسِبُهُ أَبَا خَيْرَةَ: إِذا كان الربيعُ فأَكَلَ الأَسَارِيعَ احْمَرَّتْ رِجْلَاهُ ومنقارُه احمرارَ العُصْفُرِ، قال: ولو كان هذا هكذا كانَ ما لم يأْكلْ منها الأَساريعَ لا يعرضُ له ذلك، أَو هو أَي الخَضْبُ في الظَّلِيم: احمرارٌ يبدأُ في وَظِيفَيْهِ عند بَدْءِ احمرارِ البُسْرِ، وينتهي احمرارُ وَظِيفَيْهِ عند انْتِهَائِهِ ( **) أَي احمرار البُسْر، زَعَمه رجالٌ من أَهل العِلْم، فهذا على هذا غَرِيزَةٌ فيه وليس من أَكل الأَسَارِيع، قيل: ولا يُعْرَف في النَّعامِ⁣(⁣٢) تأْكل الأَسَارِيعَ، وليس هو عند الأَصمعيّ إِلَّا من خَضْبِ النَّوْرِ، ولو كان كذلك لكان أَيضاً يَصْفَرُّ ويَخْضَرُّ ويكونَ على قَدْرِ أَلوان النّوْرِ والبَقْلِ، وكانت الخُضْرَةُ تكون أَكثرَ [لأن البَقْلَ أكثر]⁣(⁣٣) من النَّوْرِ أَو⁣(⁣٤) لَا تَرَاهُمْ حين وصَفوا الخَوَاضِبَ من الوَحْشِ وصَفُوها بالخُضْرَة أَكثرَ ما وَصَفوا، ومن أَيّ ما كان فإِنه يقال له: الخاضِبُ، من أَجْلِ الحُمْرَةِ التي تَعْتَرِي ساقَيْه، والخَاضبُ: وصْفٌ له عَلَمٌ يُعْرَفُ به، فإِذا قالُوا: خَاضِبٌ، عُلِمَ أَنَّه إِيَّاهُ يُرِيدُونَ، قال ذو الرُّمّة:

  أَذَاكَ أَمْ خَاضِبٌ بالسِّيِّ مَرْتَعُهُ ... أَبُو ثَلَاثِينَ أَمْسَى فَهْوَ مُنْقَلِبُ

  فقال: أَمْ خاضِبٌ، كما [أَنه]⁣(⁣٥) لو قال أَذَاكَ أَمْ ظَلِيمٌ كان سواءً، هذا كلُّه قول أَبي حنيفةَ، قال: وقد وَهِم، لأَنَّ سيبويه إِنما حكاه بالأَلفِ واللامِ لا غَيْرُ، ولم يُحِزْ سقوطَ الأَلفِ واللامِ منه سَمَاعاً، وقوله: وَصْفٌ له عَلَمٌ، لا يَكُونُ الوصْفُ عَلَماً، إِنما أَرادَ أَنه وَصْفٌ قد غَلَبَ حتى صار بمنزلةِ الاسْمِ العَلَم، كما تقول: الحارث والعَبَّاسُ. ويُرْوَى عن أَبي سَعِيدٍ: يُسمى الظليمُ خاضِباً لأَنه يحمَرُّ منقارُه وساقاه إِذا تَرَبَّع وهو في الصيَّفْ يقرع⁣(⁣٦) ويَبْيَضُّ ساقاه، ويقال للثور الوَحشِيِّ خاضبٌ، كذا في لسان العرب.

  ومن المجاز خَضَبَ الشجرُ يَخْضَبُ من حَدِّ ضرب، وهو لغة في خَضِبَ كَسمِعَ وخُضِبَ مثلُ عُنِيَ، خُضُوباً في الكُلِّ واخْضَوْضَبَ: اخْضَرَّ، وخَضَبَ النَّخْلُ خَضْباً: اخْضَر طَلَعُه، واسمُ تلكَ الخُضْرَةِ: الخَضْبُ، والخَضْبَةُ: الطَّلْعَةُ، وذُكِرَ أَيضاً في الصاد المهملة ج خُضُوبُ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ:

  فَلَمَّا غَدَتْ قَدْ قَلَّصَتْ غَيْرَ حِشْوَةٍ ... مِنَ الخَوْفِ فِيهِ عُلَّفٌ وخُضُوبُ

  وفي الصحاح⁣(⁣٧):

  مَعَ الحوز فيها عُلَّفٌ وخُضُوبُ

  وخَضَبتِ الأَرضُ خَضْباً: طَلَعَ نَبَاتُهَا واخْضَرَّ.

  وخَضَبَتِ الأَرْضُ: اخضَرّتْ كأَخْضَبَتْ إِخْضَاباً، إِذا ظَهَرَ نَبْتُهَا، وخَضَبَ العُرْفُطُ والسَّمُرُ: سَقَطَ وَرَقُهُ فاحْمَرَّ واصْفَرَّ، وتقولُ: رَأَيْتُ الأَرْضَ مُخْضِبَة، ويُوشِكُ أَنْ تَكُونَ مُخْضِبَة، وعن ابن الأَعرابيّ يقال: خَضَبَ العَرْفَجُ وأَدْبَى، إِذا أَوْرقَ وخَلعَ العِضَاهُ، وأَجْدَرَ⁣(⁣٨)، وأَوْرَسَ الرِّمْثُ، وأَحْنَطَ⁣(⁣٩) وأَرْشَمَ الشَّجَرُ وأَرْمَشَ، إِذا أَوْرقَ، وأَجْدَرَ الشَّجَرُ وجَدَّرَ إِذا أَخْرَجَ وَرَقَه، كأَنه حِمَّصٌ⁣(⁣١٠)، وخَضَبَتِ العِضَاهُ وأَخضَبَت: جَرَى المَاءُ في عِيدَانِهَا واخضَرَّتْ، هذا محلُّ ذِكرِه، ووَهِمَ المؤلفُ فذكَره في الصاد المهملة، وقد نَبَّهْنَا عليه هنالكَ.

  والخَضْبُ: الجَدِيدُ مِنَ النَّباتِ يُمْطَرُ فَيخضَرُّ، كالخَضوبِ، كصَبُورٍ وهو النَّبْتُ الذي يُصِيبُه المَطَرُ فيَخضِبُ ما يَخرُجُ من البَطْنِ.


(*) بالقاموس: لا بدون واو العطف.

(١) زيادة عن اللسان.

(**) بالقاموس: [بانْتِهائِهِ] بدلاً من عند انتهائه.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله تأكل الأساريع كذا بخطه ولعله أن تأكل».

(٣) زيادة عن اللسان.

(٤) في المطبوعة الكويتية: «أَوْ» تصحيف.

(٥) زيادة عن اللسان.

(٦) في اللسان: يفرع وبهامشه: «هكذا في الأصل، وفي التهذيب: يفزع ولعله يقزع».

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وفي الصحاح ليس ذلك في النسخة المطبوعة التي بيدي».

(٨) في اللسان: وأورس الرمث، ولم يرد ذكر «وأجدر» للرمس. وبالأصل وأروس.

(٩) عن اللسان، وبالأصل: وأخبط.

(١٠) عن اللسان، بالأصل «حمض».