تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خنط]:

صفحة 251 - الجزء 10

  فَرِيساً⁣(⁣١) ومَغْشِيًّا علَيْه كأَنَّهُ ... خُيُوطَةُ مَارِيٍّ لَوَاهُنَّ فَاتِلُهْ

  وأَنْشَدَ الصّاغَانيُّ للشَّنْفَرَى:

  وأَطْوِي على الخَمْصِ الحَوَايا كَمَا انْطَوَت ... خُيُوطَةُ مَارِيٍّ تُغَارُ وتُفْتَلُ

  قلتُ: ومثلُ هذَا: وَقَع الحافِرُ على الحافرِ، لا أَنَّ أَحَدَهما أَخَذَ من الثّانِي، فإِنَّ التَّشْبِيهَ بخُيُوطَةِ مارِيٍّ معْنًى مطروقٌ للشُّعَرَاءِ، كما حَقَّقَه الآمِدِي في المُوَازِنَةِ.

  والخَيْط من الرَّقَبَة: نُخَاعُهَا، يُقَال: جَاحَشَ فُلانٌ عن خَيْطِ رَقَبَتِه، أَي دَافعَ عن دَمِه. كذا في اللِّسَانِ والعُبَابِ والصّحاحِ، وهو مَجَازٌ.

  والخَيْط: جَبَلٌ م مَعْروفُ.

  والخَيْط: الخِيَاطَةُ، هكَذَا في النُّسخ، والصّوابُ الخِيَاطُ، بلا هاءٍ، كما في العُبَابِ، يقال: أَعْطِنِي خِيَاطاً ونِصَاحاً، أَي خَيْطاً، وَاحِداً، قاله أَبو زَيْدٍ، ومنه الحَدِيثُ: «أَدُّوا الخِيَاطَ والمِخْيَطَ» أَرادَ بالخِيَاط هُنَا: الخَيْطَ، وبالمِخْيَط: الإِبْرَة.

  والخَيْطُ: انْسِيَابُ الحَيَّةِ علَى الأَرْضِ، وقد خاطَ الحَيَّةُ، وهو مَجَازٌ.

  ومن المَجَازِ: الخَيْطُ: الجَماعَةُ، وفي الصّحاح: القَطِيعُ من النُّعَامِ، وفي اللِّسان: وقد يكون من البَقَرِ.

  والخَيْطُ: القطْعَةُ من الجَرَادِ، كالخَيْطَى، كسَكْرَى، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  والخِيْطُ، بالكَسْرِ فِيهما، أَي في النَّعَام والجَرَادِ، ذكر ابنُ دُرَيْدٍ الفتحَ والكَسْر في النَّعَام، وكان الأَصْمَعِيُّ يَخْتَارُ الكَسْرَ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ. وفي العُبَاب: قال لَبِيدٌ يَذْكُرُ الدِّمَنَ:

  وخِيطاً من خَوَاضِبَ مُؤْلِفَاتٍ ... كأَنَّ رِئالَها وَرقُ الإِفالِ⁣(⁣٢)

  قلتُ: ونَسَبَه ابنُ بَرّيّ لشُبَيْلٍ، ج: خِيطَانٌ، بالكَسْر، وأَخْيَاطٌ أَيْضاً، قاله ابنُ بَرِّيّ، وأَنْشَدَ ابن دُرَيْد:

  لمْ أَخْشَ خِيطَاناً من النَّعَامِ

  ومن المَجَاز: نَعَامَةٌ خَيْطَاءُ بَيِّنَةُ الخَيَطِ، أَي طَوِيلَةُ العُنُقِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  والخِيَاطُ والْمِخْيَطُ، ككِتَابٍ ومِنْبَرٍ: ما خِيطَ بهِ الثَّوْبُ، وهما أَيضاً: الإِبْرَةُ، ومنه قولُه تعالَى: {حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ} الْخِياطِ⁣(⁣٣) أَي في ثَقْبِ الإِبْرَة، قال سِيبَوَيْه: المِخْيَطُ، ونَظِيرُه مّما يُعْتَمَلُ بهِ مَكْسُورُ الأَوّل، كانَتْ فيهِ الهاء أَو لم تَكُنْ، قال: ومِثْلُ خِيَاطٍ ومِخْيَطٍ، سِرَادٌ ومِسْرَدٌ، وقِرَامٌ ومِقْرَمٌ. وقَوْلُه: والمَمَرُّ والمَسْلَكُ، ظاهِرُ سِيَاقِه أَنَّه مَعْطُوفٌ على ما قَبْلَه، فيكونُ الخِيَاطُ والمِخْيَطُ بهذا المَعْنَى، وهو وَهَمٌ، والصَّوابُ: والمَخِيطُ، أَي كمَقِيلٍ: المَمَرُّ والمَسْلَكُ، كما هو في اللِّسَانِ والعُبَاب على الصَّوابِ، وكَأَنَّ في عبَارَة المُصَنّف سَقطاً، فَتَأَمَّل.

  وهو خَاطٌ، من الخِيَاطَةِ، عن أَبِي عُبَيْدَة، كما نَقَلَه الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ، ووَقَعَ في التَّكْمِلَةِ: عن أَبِي عُبَيْدَة، ونَسَبَهُ فِي اللِّسَان إِلى كُرَاع، وخائِطٌ، وخَيّاطٌ.

  وثَوْبٌ مَخِيطٌ ومَخْيُوطٌ، وقد خَاطَهُ خِيَاطَةً، وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ:

  هَلْ في دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيطِ ... وَذِيلَةٌ تَشْفِي من الأَطِيطِ⁣(⁣٤)

  وكان حَدُّه مَخْيُوطاً، فَليَّنُوا الياءَ كما لَيَّنُوها في خَاطٍ، والْتَقَى سَاكِنَانِ: سُكُونُ الياءِ، وسُكُون الواو، فقالوا: مَخِيطٌ، لالْتِقَاءِ السَاكِنَيْن، أَلْقَوْا أَحَدَهُمَا. وكذلِك: بُرُّ مَكيِل، وأَصلُه مَكْيُول، قال الجَوْهَرِيّ: فمن قال مَخِيطٌ بَنَاهُ على النَّقْصِ، لنُقصانِ الياءِ في خِطْتُ، والياءُ في مَخِيط هي وَاوُ مَفْعُول انْقَلَبَتْ يَاءً؛ لسُكُونها وانْكِسَارِ ما قَبْلَها، وإِنّمَا حُرِّكَ مَا قَبْلَها لسُكُونها وسُكُونِ الوَاوِ بعد سُقوطِ الياءِ، وإِنّما كُسِرَ ليُعْلَم أَنَّ السَّاقِطَ ياءٌ. ونَاسٌ يَقُولُون: إِنَّ الياءَ في مَخِيطٍ هي الأَصْلِيَّة، والذِي حُذِفَ وَاوُ مَفْعُولٍ، ليُعْرَفَ


(١) عن الديوان وبالأصل «قريساً» بالقاف.

(٢) في التهذيب: قواضب بدل خواضب.

(٣) سورة الأعراف الآية ٤٠.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: رجوب، أي غرارة والوذيلة قطعة من السنام. والأطيط صوت الأمعاء من الجوع».