تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الخاء مع الطاء

صفحة 253 - الجزء 10

  الكُوَّةِ، حكاه ثَعْلَبُ. وفي الصّحاح: خَيْطُ بَاطِلٍ: الَّذِي يُقَال له لُعَابُ الشَّمْسِ، ومُخَاطُ الشَّيْطَانِ. قُلت: وفَسَّرَ الزَّمَخْشَرِيُّ مُخَاطَ الشَّيْطَانِ بما يَخْرُجُ من فَمِ العَنْكَبُوت، وكذلِكَ قاله ابنُ بَرّيّ، فهو غيرُ لُعَابِ الشَّمْسِ، وكأَنَّ المُصَنِّفَ جَعَلَه عَطْفَ تَفْسِيرٍ، وليس كذلِكَ، فتأَمَّلْ.

  والخَيْطَةُ في كَلامِ هُذَيْل: الوَتِدُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وزادَ السُّكَّرِيُّ: الذي يُوتَدُ في الحَبْلِ⁣(⁣١) لِيَتَدَلَّى عليها، أَي على الخَلِيّة.

  وأَنْشَدَ لأَبِي ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مُشْتارَ العَسَلِ:

  تَدَلَّى عليها بَيْنَ سِبٍّ وخَيْطَةٍ ... بجَرْداءَ مِثْل الوَكْفِ يَكْبُو غُرَابُها

  يَقُولُ: تَدَلَّى صاحِبُ العَسَلِ. والسِّبُّ: الحَبْلُ.

  والجَرْدَاءُ: الصَّخْرَة. والوَكْف: النِّطع. شَبَّهها به في المَلاسَة، والباءُ في «بِجَرْداء» بمعنَى «في» أَوْ «عَلَى» وقالَ الأَصْمَعِيُّ: الخَيْطَةُ: الحَبْلُ⁣(⁣٢)، كما نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ⁣(⁣٣):

  تَدَلَّى عَلَيْهَا بين سِبٍّ وخَيْطَةٍ ... شَدِيدَ الوَصَاةِ نابلٌ وابنُ نابِلِ⁣(⁣٤)

  ونَقَل الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عَمْرٍو: الخَيْطَةُ: حَبْلٌ لَطِيف يُتَّخَذُ من السَّلَبِ، ونَقَلَه السُّكَّرِيُّ أَيْضاً في شَرْحِ الدِّيوَانِ.

  فقال: ويُقَال خَيْطَة هو حَبْلٌ من سَلَبٍ لَطِيف. قال: والسَّلَبُ: شَجَرٌ يُعْمَلُ منه الحِبَال.

  وقال غيرُه: الخَيْطَة: خَيْطٌ يكونُ مَعَ حَبْلِ مُشْتارِ العَسَلِ، فإِذَا أَرادَ الخَلِيَّة ثمّ أَرادَ الحبْلِ جَذَبَه بذلِكَ الخَيْطِ، وهو مَرْبُوطٌ إِليه، وبه فُسِّرَ قولُ أَبِي ذُؤَيْبٍ السّابِقُ.

  أَو الخَيْطَةُ: دُرَّاعَةٌ يَلْبَسُهَا، وهو قَوْلُ ابنِ حَبِيب في شَرْح قَوْلِ أَبِي ذُؤَيبٍ.

  ومن المَجَاز: خَاطَ إِليه خَيْطَةً، إِذا مَرَّ عليه مَرَّةً وَاحِدَة.

  وفي الأَسَاس: خَاطَ فُلانٌ خَيْطَةً، إِذا امْتَدَّ في السَّيْرِ لا يَلْوِي على شَيْءٍ وكذلِكَ خَاطَ إِلى مَقْصِدِه، أَو خَاطَ خَيْطَةً: مَرَّ مرَّةً سَرِيعَةً وقالَ اللَّيْثُ: خَاطَ خَيْطَةً وَاحِدَةً، إِذا سار سَيْرَةً ولم يَقْطَعِ السَّيْرَ. وفي نَوَادِرِ الإِعْرَابِ: خاطَ خَيْطاً، إِذا مَضَى سَرِيعاً، وتَخَوَّطَ تَخَوُّطاً مثلُه، وكذلِكَ: مَخَطَ في الأَرْضِ مَخْطاً، كاخْتاطَ واخْتَطَى، قال كُرَاع: هو مَأْخُوذٌ من الخَطْوِ، مقلوبٌ عنه. قال ابنُ سِيدَه: وهذَا خَطَأٌ، إِذ لَو كانَ كذلِكَ لقالُوا: خَاطَه خَوْطَة، ولم يَقُولوا خَيطَةً. قال: وليس مثلُ كُرَاع يُؤْمَنُ على هذَا.

  ومِن المَجَازِ: مَخِيطُ الحَيَّةِ: مَزْحَفُهَا، وهو مَمَرُّهَا ومَسْلَكُهَا، قال ذُو الرُّمَّةَ:

  وبَيْنَهُمَا مُلْقَى زِمَامٍ كأَنَّهُ ... مَخِيطُ شُجَاعٍ آخِرَ اللَّيْلِ ثائِرِ⁣(⁣٥)

  * ومّما يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  الخِيَاطُ: بالكَسْرِ: لُغَةٌ في الخِيَاطَة، قال المُتنَخِّلُ الهُذَلِيُّ:

  كأَنَّ عَلَى صَحَاصِحِه رِيَاطاً ... مُنَشَّرَةً نُزِعْنَ مِنَ الخِيَاطِ

  وخَيَّطَهُ تَخْيِيطاً، كخَاطَهُ، ومنه قَوْلُ الشّاعِرِ:

  فهُنَّ بالأَيْدِي مُقَيِّساتُهُ ... مُقَدِّرات ومُخَيِّطاتُهُ

  والخِيَاطَةُ: صِنَاعَةُ الخَائطِ.

  والخَيْطُ: اللَّوْنُ.

  وخَيْطُ بَاطِلٍ: لَقَبُ مَرْوانَ بنِ الحَكَمِ لُقِّبَ به لطُولِه، كأَنَّهُ شُبِّه بمُخَاطِ الشَّيْطَان، وقال الجَوْهَرِيُّ: لأَنّه كانَ طَوِيلاً مُضْطَرِباً، وأَنْشَدَ للشَّاعِرِ، قلتُ: هو عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَكَم:


(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الجبل».

(٢) الذي في التهذيب عن الأصمعي قال: السبّ: الحبل، والخيطة: الوتد.

(٣) في التهذيب: قال أبو ذؤيب الهذلي.

(٤) هذه رواية التهذيب، والبيت في ديوان الهذليين ١/ ١٤٢ وروايته فيه:

تدلى عليها بالحبال موثقاً ... شديد الوصاة نابلٌ وابن نابل

وعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه.

(٥) في اللسان وضبط ثائر بالضم والصواب ما أثبتنا فالبيت من قصيدة أولها:

أشاقتك أخلاق الرسوم الدوائر ... بأعناق حوضى المعتقات النوادرِ

انظر ديوانه قصيدة رقم ٣٩.