[دبب]:
  الأَزهريّ: والقَوْلُ عِنْدِي فيه - واللهُ أَعْلَمُ - إِن دَأْب(١) هُنَا اجْتِهَادُهُمْ في كُفْرِهِمْ وتَظَاهُرُهمْ على النبيّ ÷، كتَظَاهُرِ آلِ فِرْعَوْنَ عَلَى مُوسَى عليه الصلاة والسلام، يقال: دَأَبْتُ أَدْأَبُ دَأْباً ودُؤُوباً إِذا اجْتَهَدْتَ في الشيْءِ والدَّأَبُ مثلُ الدُّؤُوبِ: السَّوْقُ الشَّدِيدُ والطَّرْدُ، وهو من الأَول، قاله ثعلبٌ، وأَنشد:
  يُلِحْنَ مِنْ ذِي دَأَب شِرْوَاطِ
  ورِوايةُ يعقوبَ: مِنْ ذِي زَجَلٍ.
  ومن المجاز: قَلْبُكَ [شابٌّ](٢) وفَوْدَاكَ شَائبَانِ، وأَنْتَ لَاعِبٌ وقدْ جَدَّ بِكَ الدَّائِبَانِ هُمَا الجَدِيدَانِ وهما المَلَوَانِ: اللَّيْلُ والنَّهَار، وَهُمَا يَدْأَبَانِ في اعْتِقابهما، وفي التنزيل العزيز {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ}(٣).
  ودَوْأَبٌ كجَوْهَرٍ: فَرَسٌ لِبَنِي العَنْبَرِ من بَنِي تَمِيمٍ، وفيه يقول المَرَّارُ العَنْبَرِيُّ:
  وَرِثْتُ عَنْ رَبِّ الكُمَيْتِ مَنْصِبَا ... وَرِثْتُ رِيشِي وَوَرِثْتُ دَوْأَبَا
  رِبَاطَ صِدْقٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْتَشِبَا
  وبَنُو دَوْأَبٍ: قَبِيلَةٌ من غَنِيِّ بنِ أَعْصُرَ، قال ذو الرّمّة:
  بَنِي دَوْأَبٍ إِنّي وَجَدْتُ فَوَارِسِي ... أَزِمَّةَ غَارَاتِ الصَّبَاحِ الدَّوَالِقِ
  ويقال: هُمْ رَهْطُ هِشَامٍ أَخِي ذِي الرُّمَّةِ(٤) من بني امرئِ القيسِ بنِ زَيْدِ مَنَاةَ.
  وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ دَأْبِ، م وهو الذي قال له بعضُ العَرَب، وهو يُحَدِّثُ، أَهذَا شَيْءٌ رَوَيْتَهُ أَمْ تَمَنَّيْتَهُ؟ أَيِ افْتَعَلَتْهُ، نقله الصاغانيّ، ومُحَمَّدُ بنُ دَأْبٍ، كَذَّابٌ رَوَى عن صَفْوَانَ بن سُلَيمٍ. وأَبُو الوَلِيدِ عِيسَى بنُ يَزِيدَ بنِ بكرِ بنِ دَأْبِ بنِ كُرْزِ بنِ الحارث بنِ عبدِ الله بنِ يَعْمَرَ الشَّدَّاخُ الدَّأْبِيّ أَحَدُ بَنِي لَيْثِ بنِ بَكرٍ، كان شَاعِراً أَخْبَارِيًّا، وهُو هَالِكٌ وعلمه بالأَخْبَارِ أَكْثَرُ، وقرأْتُ في المُزهر في النوع الرابع والأربعين: قال الأَصمعيّ: أَقَمْتُ بالمَدِينَةِ زَمَاناً مَا رأَيْتُ بها قَصِيدَةً وَاحِدَةً صحيحةً إِلَّا مُصَحَّفَةً(٥) ومَصْنُوعَةً، وكانَ بِهَا ابْنُ دَأْبٍ يَضَعُ الشِّعْرَ وَأَحَادِيثَ السَّمَرِ، وكَلَاماً يُنْسَبُ(٦) إِلى العَرَبِ، فَسَقَطَ وذَهَبَ عَمَلُهُ وخَفِيَتْ رِوَايَتُهُ، وهو أَبُو الوَلِيدِ المَذْكُورُ.
  قلتُ: رَوَى عن عبدِ الرحمنِ بنِ أَبي يزيدَ المَدَنِيِّ، وهِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، وصالحِ بنِ كَيْسَانَ، وعنه: يَعْقُوبُ بنُ إِبراهِيمَ بنِ سَعْدٍ، ذَكَرَه نِفْطَوَيْهِ، وقال: عِيسَى بنُ دَأْبٍ كَانَ أَكْثَرَ أَهْلِ الحِجَازِ أَدَباً، وأَعْذَبَهُمْ لَفْظاً وكانَ قَدْ حَظِيَ عِنْدَ الهَادِي حتَّى أَعْطَاهُ في لَيْلَةٍ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، قاله السّمْعَانِيُّ.
  قلتُ: وَفاتَه بَكْرُ بنُ دَأْبٍ اللَّيْثِيُّ، رَوَى عنه أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، قَيَّدَه الحافظ، قلتُ: هُوَ جَدُّ أَبِي الوَلِيد هذَا.
  [دبب]: دَبَّ النَّمْلُ وغَيْرُه مِن الحَيَوَانِ على الأَرْضِ يَدِبُّ دَبًّا ودَبِيباً أَي مَشَى على هِينَتِهِ ولم يُسْرعْ، عن ابن دريد، ودَبَّ الشَّيْخُ: مَشَى مَشْياً رُوَيْداً، قال:
  زَعَمَتْنِي شَيْخاً ولَسْتُ بِشَيْخٍ ... إِنَّمَا الشَّيْخُ مَنْ يَدِبُّ دَبِيبَا
  ودَبَّ القَوْمُ إِلى العَدُوِّ دَبِيباً إِذا مَشَوْا عَلَى هِينَتِهِم لَمْ يُسْرِعُوا، وفي الحديث «عِنْدَهُ غُلَيِّمٌ يُدَبّب» أَي يَدْرُج في المَشْيِ رُوَيْداً ودَبَبْتُ أَدِبُّ دِبَّةً خَفِيَّةً، وهُوَ خَفِيُّ الدِّبَّةِ، كالجِلْسَةِ أَي الضَّرْبِ الذي هو عليه من الدَّبِيبِ ومن المجاز دَبَّ الشَّرَابُ في الجِسْمِ والإِنَاءِ والإِنْسَانِ والعُرُوقِ يَدِبُّ دَبِيباً وكذا دَبَّ السَّقَمُ في الجسْمِ، ودَبَّ البِلَى في الثَّوْبِ والصُّبْحُ في الغَبَشِ، كلُّ ذلك بمعنَى سَرَى، ومن المجاز أَيضاً: دَبَّتْ عَقَارِبُه بِمَعْنَى سَرَتْ نَمَائِمُه وأَذَاهُ، وهو يَدِبُّ بَيْنَنَا بالنَّمَائِم.
  وهو رَجُلٌ دَبُوبٌ ودَيْبُوبٌ نَمَّامٌ، كأَنه يَدِبُّ بالنَّمَائِمِ بَيْنَ
(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله أن دأب هنا كذا بخطه والظاهر أن دأبهم».
(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وفؤادك كذا بخطه وهو سبق قلم والصواب وفودك وهو جانب الرأس وعبارة الأساس وفوداك شائبان» وما بين معكوفين زدناه أيضاً عن الأساس.
(٣) سورة إبراهيم الآية ٣٣.
(٤) بهامش المطبوعة الكويتية «كذا قال، وهشام هذا ليس أخا ذي الرمة، وإنما هو هشام المرثي من بني امرئ القيس بن زيد مناة ... ولو قال «رهط هشام مهجو ذي الرمة» لاستقام الكلام».
(٥) في المزهر ٢/ ٤١٣ أو مصنوعة.
(٦) في المزهر: ينسبه.