تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سبط]:

صفحة 273 - الجزء 10

  شَوْكَةٌ، وله وَرَقٌ دِقَاقٌ على قَدْرِ الكُرّاثِ أَوَّل ما يَخْرُج الكُرّاثُ. قال الصاغَانِيُ: والسَّبَطُ مِمّا إِذا جَفَّ ابْيَضَّ، وأَشْبَه الشَّيْبَ بمَنْزِلَةِ الثَّغَامِ⁣(⁣١)، ولِذَا قال ابنُ هَرْمَةَ:

  رَأَتْ شَمَطاً تَخُصُّ به المَنَايَا ... شَوَاةَ الرَّأْسِ كالسَّبَطِ المُحِيلِ

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: السَّبَط: الشَّجَرَةُ لها أَغصانٌ كَثِيرَةٌ وأَصْلُهَا وَاحِدٌ. قالَ ومِنْهُ اشْتِقَاقُ الأَسْبَاطِ، كأَنَّ الوَالِدَ بمَنْزِلَة الشَّجَرَةِ، والأَولادَ. بمَنْزِلَة أَغْصانِهَا.

  والسِّبْطُ، بالكَسْرِ: وَلَدُ الوَلَدِ، وفي المُحْكَمِ: وَلَدُ الابْنِ والابْنَةِ، وفي الحَدِيث: «الحَسَنُ والحُسَيْنُ سِبْطَا رَسُولِ الله ورَضِيَ عَنْهُما.

  والسِّبْط: القَبِيلَةُ من اليَهُودِ وهُمُ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إِلى أَبٍ وَاحِدٍ، سُمِّيَ سِبْطاً لِيُفْرَقَ بينَ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ووَلَدِ إِسحاق @، ج أَسْبَاطٌ.

  وقال أَبُو العَبّاسِ: سأَلْتُ ابنَ الأَعْرَابِيِّ: ما مَعْنَى السِّبْطِ في كَلامِ العَرَب؟ قال: السِّبْطُ والسِّبْطَانُ والأَسْباطُ: خاصَّةُ الأَوْلادِ والمُصَاصُ⁣(⁣٢) مِنْهُم. وقال غَيْرُه: الأَسْباط: أَولادُ الأَوْلادِ وقِيل: أَوْلادُ البَناتِ.

  قلْت: وهذا القَوْلُ الأَخِيرُ هو المَشْهُورُ عندَ العامَّة، وبه فَرَّقُوا بَيْنَهَا وبينَ الأَحْفادِ، ولكِنّ كلامَ الأَئمَّةِ صَرِيحٌ في أَنَّه يَشْمَلُ وَلَدَ الابْنِ والابْنَة، كما صَرَّحَ به ابنُ سِيدَه.

  وقال الأَزْهَرِيُّ: الأَسْبَاطُ في بَنِي إِسحاقَ بمَنْزِلَةِ القَبَائِلِ في بَنِي إِسْمَاعِيلَ، ª. يُقَال: سُمُّوا بذلِكَ ليُفْصَلَ بينَ أَوْلَادِهِمَا. قال: ومَعْنَى القَبِيلَةِ مَعْنَى الجَمَاعَة، يُقَال لِكُلِّ جَماعَةٍ من أَبٍ وأُمٍّ: قَبِيلَةٌ، ويقال لكلّ جمعٍ من آباءٍ شَتَّى: قَبيلٌ، بِلا هاءٍ. وقولُه تعالى: {وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً}⁣(⁣٣) أَسْبَاطٌ: بَدَلٌ من قَوْلهِ {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ}، لا تَمْيِيزٌ، لأَنَّ المُمَيِّز إِنّما يَكُون وَاحِداً. وقال الزَّجّاجُ: المَعْنَى: وقَطَّعْنَاهُم اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً أَسْبَاطاً، فأَسباطاً من نَعْتِ فِرْقة، كأَنَّهُ قال: وجَعَلْناهُم أَسْبَاطاً. قالَ: وهو الوَجْه.

  وفي الصّحاحِ: وإِنَّمَا أَنَّث لأَنَّه أَرادَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقَةً، ثمّ أَخْبَرَ أَنَّ الفِرَقَ أَسْبَاطٌ، وليس الأَسْبَاطُ بتَفْسِيرٍ، ولكِنَّه بَدَلٌ من اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، لأَنَّ التَّفْسِيرَ لا يَكُونُ إِلاّ وَاحِداً مَنْكُوراً، كقَوْلِكَ: اثْنَا عَشَر دِرْهَماً، ولا يَجُوز دَرَاهِمَ.

  قلتُ: وهذا الَّذِي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ هو قولُ الأَخْفَشِ، غيرَ أَنَّه قالَ بعد قَولِه: ثم أَخْبَرَ أَنَّ الفِرَقَ أَسْبَاطٌ، ولم يَجْعَل العَدَدَ وَاقِعاً على الأَسْبَاطِ. قال أَبُو العَبّاسِ: هذَا غَلَطٌ، لا يَخْرُج العَدَدُ على غَيْرِ الثّاني، ولكِنّ الفِرَقَ قبل اثْنَتَيْ عَشَرَةَ، حَتّى يَكونَ {اثْنَتَيْ عَشْرَةَ} مُؤَنَّثَةً على ما فِيها⁣(⁣٤)، كَأَنَّه قال: وقَطَّعْنَاهُم فِرَقاً اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فيَصِحُّ التَّأْنِيثُ لمّا تَقَدَّم.

  وقال قُطْربٌ: وَاحدٌ الأَسْبَاط سِبْط، يُقَال: هذا سِبْطٌ وهذِه سِبْطٌ، وهؤُلاءِ سِبْطٌ، جَمْعٌ، وهي الفِرْقَةُ.

  و في الحَدِيثِ: «حُسَيْنٌ مِنِّي وأَنا منْ حُسَيْنٍ، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْناً، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ». قلتُ: رَواه يَعْلَى بنُ مُرَّةَ الثَّقَفِيُّ ¥، أَخْرَجَهُ التِّرمِذِيُّ عن الحَسَنِ عن ابْنِ عَيّاشٍ، قال: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بنُ عُثْمَانَ بنِ خُثَيْمٍ⁣(⁣٥) من سَعِيدِ بن رَاشِدٍ عن يَعْلَى، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ، رواه ابنُ ماجَةَ من حَدِيثِ يَحْيَى بن سُلَيْم ووَهْب عن ابن خُثَيْم

  وأَخْرَجَهُ البَغَوِيُّ عن إِسماعِيلَ بن عَيّاشٍ الحِمْصِيِّ عن ابنِ خُثَيْمٍ، ولَفْظُه: «حُسَيْنٌ سِبْطٌ من الأَسْبَاط، مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ حُسَيْناً»، قال أَبُو بَكْرٍ: أَي أُمَّةٌ من الأُمَمِ في الخَيْر، فهو وَاقِعٌ على الأُمَّةِ، والأُمَّةُ، واقِعَةٌ عليهِ، ومنه حَدِيثُ الضِّبَابِ: «إِنَّ الله غَضِبَ على سِبْطٍ من بَنِي إِسْرَائِيلَ فمَسَخَهُم دَوَابَّ».

  وسَبَّطَتِ النَّاقَةُ والنَّعْجَةُ تَسْبِيطاً، وهي مُسَبِّطٌ: أَلْقَتْ وَلَدَها لِغَيْرِ تَمَامٍ، والَّذِي في الصّحاحِ: التَّسْبِيطُ في النّاقَةِ كالرِّجَاعِ. ويُقَال أَيْضاً: سَبَّطَتِ النَّعْجَةُ، إِذا أَسْقَطَت، وفي العُبَابِ: أَو سَبَّطت النَّاقةُ، إِذا أَلْقَت وَلَدَها قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ خَلْقُه، هكَذا نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، قال: وكذلِكَ قالَهُ الأَصْمَعِيُّ، وأَوْرَدَه في التَّكْمِلَة مُسْتَدْرِكاً به على الجَوْهَرِيِّ، مع أَنَّ قولَ الجَوْهَرِيِّ: «كالرِّجاع» إِشارَةٌ إِلى قولِ أَبِي زَيْدٍ هذا، فإِنَّ نَصَّه في نَوَادِرِه: يُقَال للنَّاقَةِ إِذا أَلْقَت وَلَدَها قَبلَ أَنْ يَسْتَبِينَ


(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الثمام».

(٢) في التهذيب: أو المصاص.

(٣) سورة الأعراف الآية ١٦٠.

(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: على ما قبلها.

(٥) بالأصل «خيثم» والمثبت «خثيم» صحح هنا وفي كل مواضع الخبر عن المطبوعة الكويتية.