تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الدال المهملة مع الباء

صفحة 479 - الجزء 1

  ومَدَبُّ السَّيْلِ والنَّمْلِ ومَدِبُّهُمَا بكَسْرِ الدَّالِ: مَجْرَاهُ أَي مَوْضِعُ جَرْيِهِ، وأَنشد الفارسيّ:

  وقَرَّبَ جَانِبَ الغَرْبِيِّ يَأْدُو ... مَدِبَّ السَّيْلِ واجْتَنَبَ الشَّعَارَا

  يقال: تَنَحَّ عن مَدَبِّ السَّيْلِ ومَدِبِّهِ، ومَدَبِّ النَّمْلِ وَمَدِبِّهِ، ويقال فِي السَّيْفِ: لَهُ أَثَرٌ كأَنَّهُ مَدَبُّ النَّمْلِ ومَدَبُّ الذَّرِّ والاسْمُ مكسُورٌ، والمصدرُ مفتوحٌ، وكذا لك⁣(⁣١) المَفْعَلُ من كلِّ ما كان على فَعَلَ يَفْعِلُ مَفْعِلٌ بالكَسْرِ، وهي قاعدةٌ مُطَّرِدَةٌ، كذا ذكرها غيرُ واحدٍ، وقد تبعَ المصنفُ فيها الجوهريّ، والصوابُ أَنَّ كلّ فِعْلِ مضارُعه يَفْعِلُ بالكسر سواءٌ كان ماضيه مفتوحَ العَيْنِ أَو مكسورَها فإِن المَفْعلَ منه فيه تَفْصِيلٌ، يُفْتَحُ للْمَصْدَرِ ويُكْسَرُ لِلزَّمَانِ والمَكَانِ، إِلَّا ما شَدَّ، وظاهِرُ المصنفِ والجوهريّ أَنَّ التفصيلَ فيما يكون ماضيه على فَعَل بالفَتْحِ ومضارعه يَفْعِلُ بِالكَسْرِ والصواب ما أَصَّلْنَا، قاله شيخُنَا.

  وقَالُوا في المَثَلِ «أَعْيَيْتَنِي مِنْ شُبَّ إِلَى دُبَّ، بِضَمِّهِما، ويُنَوَّنَانِ أَي منَ الشَّبَابِ إِلى أَنْ دَبَّ عَلَى العَصَا ويجوزُ «من شُبَّ إِلى دُبَّ» على الحِكَايَةِ وتقولُ: فَعَلْتُ كَذَا مِنْ شُبَّ إِلَى دُبَّ.

  وطَعْنَةٌ دَبُوبٌ: تَدِبُّ بالدَّمِ وكذا جِرَاحَةٌ دَبُوبٌ أَي يَدِبُّ الدَّمُ منها سَيَلَاناً وبِكِلَيْهِمَا فُسِّرَ قولُ المُعَطَّل الهُذَلِيِّ:

  واسْتَجْمَعُوا نَفَرًا وزَادَ جَبَانَهُمْ ... رَجُلٌ بِصَفْحَتِهِ دَبُوبٌ تَقْلِسُ

  أَي نَفَرُوا جَمِيعاً.

  ونَاقَةٌ دَبُوبٌ، لَا تَكَادُ تَمْشِي من كَثْرَةِ لَحْمِهَا، إِنَّما تَدِبُّ، وجَمْعُهَا دُبُبٌ، والدُّبَابُ: مَشْيُهَا.

  والأَدَبُّ كالأَزَبِّ: الجَمَلُ الكَثِيرُ الشّعَرِ، والأَدْبَبُ بإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ أَي بِفَكِّ الإِدْغَامِ جَاءَ في الحَدِيثِ أَنَّ النبِيّ ÷ قَالَ لنِسَائِه «لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الجَمَلِ الأَدْبَبِ تَخْرُجُ فَتَنْبَحُهَا كِلَابُ الحَوْأَبِ» [فإِنما]⁣(⁣٢) أَرادَ الأَدَبَّ، وهو الكَثِيرُ الوَبَرِ أَو الكَثِيرُ وَبَرِ الوَجْهِ، وهذَا لِمُوازَنَتِهِ الحَوْأَب⁣(⁣٣)، قال ابن الأَعرابيّ: جَمَلٌ أَدَبُّ: كَثِيرُ الدَّبَبِ، وقَدْ دَبَّ يَدَبُّ دَبَباً.

  والدَّبَّابَةُ، مُشَدَّدَةً: آلَةٌ تُتَّخَذ من جُلُودٍ وخَشَبٍ لِلْحُرُوبِ يَدْخُلُ فيها الرِّجَالُ فَتُدْفَعُ في أَصلِ الحِصْنِ المُحَاصَرِ فَيَنْقُبُونَ وهُمْ في جَوْفِهَا، وهي تَقِيهِم ما يُرْمَوْنَ به مِنْ فَوْقِهِم، سُمِّيَتْ بذلك لأَنها تُدْفَعُ فَتَدِبُّ، وفي حديث⁣(⁣٤) عُمَرَ⁣(⁣٤) «كَيْفَ تَصْنَعُونَ بالحُصُونِ؟ قَالَ: نَتَّخِذُ دَبَّابَاتٍ تَدْخُلُ⁣(⁣٥) فيها الرِّجَالُ».

  والدَّبْدَبُ: مَشْيُ العُجْرُوفِ بالضَّمِّ من النَّمْلِ لأَنَّهَا⁣(⁣٦) أَوْسَعُ النَّمْلِ خَطْواً، وأَسْرَعُهَا نَقْلاً، وفي التهَذيب: الدَّبْدَبَةُ العُجْرُوفُ مِنَ النَّمْلِ.

  والدُّبَّةُ، بالضَّمِّ: الحَالُ والسَّجِيَّةُ والطَّرِيقَةُ التي يُمْشَى عليها كالدُّبِّ يقال: رَكِبْتُ دُبَّتَهُ ودُبَّهُ، أَي لزمت حَالَهُ وطَرِيقَتَه وعَمِلْتُ عَمَلَه قال:

  إِنَّ يَحْيى وهُذَيَلْ ... رَكِبَا دُبَّ طُفَيْلْ

  وكانَ طُفَيْلٌ تَبَّاعاً لِلْعُرُسَاتِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَة. يقال: دَعْنِي ودُبَّتِي، أَي [دعني و]⁣(⁣٧) طَرِيقَتِي وسَجِيَّتِي، ودُبَّةُ الرَّجُلِ طَرِيقَتُهُ من خَيْرٍ أَو شَرٍّ، وقال ابن عباسٍ «اتَّبِعُوا دُبَّةَ قُرَيْشٍ وَلَا تُفَارِقُوا الجَمَاعَةَ» الدُّبَّةُ بالضَّمِّ: الطَّرِيقَةُ والمَذْهَبُ، والدُّبَّةُ بالضَّمِّ: الطَّرِيقُ، قال الشاعر:

  طَهَا هُذْرُبَانٌ قَلَّ تَغْمِيضُ عَيْنِهِ ... عَلَى دُبَّةٍ مِثْلِ الخَنِيفِ المُرَعْبَلِ

  والدُّبَّةُ: ع قُرْب بَدْرٍ.

  والدَّبَّة بالفَتْحِ: ظَرْفٌ لِلْبَزْرِ والزَّيْتِ والدُّهْنِ، والجَمْعُ دِبَابٌ، عن سِيبويهِ، والدَّبَّةُ: الكَثِيبُ مِنْ الرَّمْل والجَمْعُ دِبَابٌ، عن ابن الأَعرابيّ، وأَنشد:

  كَأَنْ سُلَيْمَى إِذَا مَا جِئْت طَارِقَهَا ... وأَخْمَدَ اللَّيْلُ نَارَ المُدْلِجِ السَّارِي


(١) في القاموس: وكذا المفعل.

(٢) زيادة عن اللسان.

(٣) في اللسان: ليوازن به الحوأب.

(٤) بالأصل «ابن عمر» وما أثبتناه عن النهاية واللسان.

(٥) في النهاية: يدخل.

(٦) اللسان: لأنه.

(٧) زيادة عن اللسان.