[شحط]:
  وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الشَّحْطُ والصَّوْمُ: ذَرْقُ(١) الطّائِرِ، وأَنْشَدَ لِرَجُلٍ من بَنِي تَمِيمٍ جاهِلِيٍّ:
  ومُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْماةٍ بمَهْلَكَةٍ ... جَاوَزْتُه بعَلَاةِ الخَلْقِ عِلْيَانِ
  كأَنَّمَا الشِّحْطُ في أَعْلَى حَمائرِه ... سَبائِبُ الرَّيْطِ من قَزٍّ وكَتّانِ
  وقالَ اللَّيْثُ وابنُ سِيدَه: الشَّحْطُ(٢): الاضْطِرابُ في الدَّمِ.
  قالَ: والشَّحْطَة، بهَاءٍ: دَاءٌ يَأْخُذُ الإِبِلَ في صُدُورِهَا فلا تَكادُ تَنْجُو منه.
  قال: والشَّحْطَةُ أَيضاً: أَثَرُ سَحْجٍ يُصِيبُ جَنْباً أَو فَخِذاً أَو نَحْو ذلِك.
  وتَشَحَّطَ الوَلَدُ في السَّلَى، وكذلك القَتِيلُ في الدَّمِ، كما للجَوْهَرِيِّ: اضْطَرَبَ فيه، قالَ النّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ، يَصِفُ الخَيْلَ:
  وَيَقْذِفْنَ بالأَوْلادِ في كُلِّ مَنْزِلٍ ... تَشَحَّطُ فِي أَسْلائِها كالوَصَائِلِ
  الوَصَائِلُ: البُرُودُ الحُمْرُ فيها خُطوطٌ خُضْرٌ، وهي أَشْبَهُ شَيْءٍ بالسَّلَى، والسَّلَى في الماشِيَةِ خَاصَّةً، والمَشِيمَةُ في النَّاسِ خَاصَّةً، وفي حَدِيثِ مُحَيِّصَةَ: «وهو يَتَشَحَّطُ في دَمِه» أَي يَتَخَبَّطُ فيه ويَضْطَرِب ويَتَمَرَّغ.
  والمِشْحَطُ، كمِنْبَرٍ: عُوَيْدٌ يُوضَعُ عند قَضِيب من قُضْبَانِ الكَرْمِ يَقِيهِ من الأَرْضِ، كالشَّحْطِ والشَّحْطَةِ، وقِيل: الشَّحْطَةُ عُودٌ من رُمّانٍ أَو غَيْرِه تَغْرِسُه إِلى جَنْبِ قَضِيبِ الحَبَلَةِ حَتَّى يَعْلُوَ فَوْقَه.
  وقيل: الشَّحْطُ: خَشَبَةٌ تُوضَع إِلى جَنْبِ الأَغْصَانِ الرِّطَابِ المُتَفَرِّقَةِ القِصَارِ الّتِي تَخْرُجُ من الشُّكُر حَتّى تَرْتَفِعَ عليها. ونَقَلَ ابنُ شُمَيْلٍ عن الطّائفِيِّ قال: هو(٣) عُودٌ تُرْفَع عليه الحَبَلَةُ حتَّى تَسْتَقِلَّ إِلَى العَرِيشِ.
  والشَّوْحَطُ: ضَرْبٌ من شَجَر الجِبالِ تُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيُّ، كما في الصّحاحِ، والمُرَادُ بالجِبَالِ جِبَالُ السَّرَاةِ، فإِنَّهَا هي الَّتِي تُنْبِتُه، قالَ الأَعشَى:
  وجِيَاداً كأَنَّهَا قُضُبُ الشَّوْ ... حَطِ يَحْمِلْنَ شِكَّةَ الأَبْطَالِ
  وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَخْبَرَنِي العَالِمُ بالشَّوْحَطِ أَنّ نَبَاتَه نَبَاتُ الأَرْزِ، قُضْبانٌ تَسْمُو كَثِيرَة من أَصْلٍ وَاحِدٍ، قال ووَرَقَهُ فِيمَا ذكرَ رِقَاقٌ طِوَالٌ، وله ثَمَرةٌ مثْل العِنَبَةِ الطَّوِيلَة، إِلاّ أَنَّ طَرَفَهَا أَدَقُّ، وهي لَيِّنَةٌ تُؤْكَلُ. أَو الشَّوْحَطُ: ضَرْبٌ من النَّبْعِ تُتَّخَذُ مِنْه القِيَاسُ. قال الأَصْمَعِيُّ: من أَشْجَارِ الجِبَالِ النَّبْعُ والشَّوْحَطُ والتَّأْلَبُ. وحكى ابنُ بَرّيٍّ في أَمالِيه أَنَّ النَّبْعَ والشَّوْحَطَ وَاحدٌ، واحتجَّ بقَوْلِ أَوْسٍ يَصِفُ قَوْساً:
  تَعَلَّمَها في غِيلِهَا وهْي حَظْوَةٌ ... بوَادٍ به نَبْعٌ طِوانٌ وحِثْيَلُ
  وبَانٌ وظَبْيَانٌ ورَنْفٌ وشَوْحَطٌ ... أَلَفُّ أَثِيثٌ نَاعِمٌ مُتَعَبِّلُ
  فجَعَل مَنْبِتَ النَّبْعِ والشَّوْحَطِ وَاحِداً. وأَنشدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ:
  وقد جَعَلَ الوَسْمِيُّ يُنْبِتُ بَيْنَنَا ... وبَيْنَ بَنِي دُودَانَ نَبْعاً وشَوْحَطَا
  قالَ ابنُ بَرِّيّ: مَعْنَى هذا: أَنَّ العَرَبَ كانَتْ لا تَطْلُبُ ثَأْرَها إِلاّ إِذا أَخْصَبَت بِلادُهَا، أَي صارَ هذا المَطَرُ يُنْبِتُ لنا القِسِيَّ الَّتِي تَكُونُ من النَّبْعِ والشَّوْحَطِ، أَوْ هُمَا والشَّرْيانُ وَاحِدٌ(٤)، ويَخْتَلِفُ الاسْمُ بحَسَبِ كَرَمِ مَنَابِتِهَا، فما كانَ في قُلَّةِ الجَبَلِ فنَبْعٌ، وما كانَ في سَفْحِه فهو شَرْيانٌ، وما كان في الحَضِيضِ فهو شَوْحَطٌ، هكذا نَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ عن المُبَرّدِ. فأَمَّا قَوْلُ ابنِ بَرّيّ: الشَّوْحَط والنَّبْع شَجَرٌ وَاحِدٌ، فما كانَ مِنْهَا في قُلَّةِ الجَبَلِ فهو نَبْعٌ، ومَا كان في سَفْحِه فهو شَوْحَط، وقال المُبَرِّدُ: وما كانَ في الحَضِيض فهو شَرْيَانٌ، وقد رُدَّ على المُبَرّدِ هذا القَوْلُ. والَّذِي قالَهُ الغَنَوِيُّ الأَعْرَابِيّ: النَّبْعُ والشَّوْحَطُ والسَّرَاءُ وَاحِدٌ. وما قَالَهُ ابنُ بَرِّيّ صَحِيحٌ يَعْضُدُه قولُ أَبي زِيَادٍ وغيرِه. وأَمَّا الشَّرْيَانُ فلم
(١) في القاموس: زَرْقُ.
(٢) عبارة الليث: «التشحط» كما في التهذيب، والشحط هو قول ابن سيده.
(٣) عن اللسان وبالأصل «عند» والذي في التهذيب والتكملة: عود يرفع (التكملة: ترفع) به الخَبَلة.
(٤) في التهذيب واللسان: شجرة واحدة.