تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الظاء مع الطاء

صفحة 333 - الجزء 10

  وعَبَطَ الِحمَارُ التُّرَابَ بحَوَافِرهِ: أَثَارَهُ، كاعْتَبَطَه، والتُّرَابُ عَبِيطٌ.

  وعَبَطَ عَرَقَ الفَرَس، إِذا أَجْرَاهُ حَتَّى عَرِقَ، وهو مَجَازٌ، قال النَّابِغَةُ [الجَعْدِيُّ]⁣(⁣١).

  مَزَحْتَ وأَطْرافُ الكَلالِيبِ تَلْتَقِي ... وقد عَبَطَ المَاءَ الحَمِيمَ فأَسْهَلَا

  وعَبَطَ الضَّرْعَ: أَدْماهُ، وهو مَجَازٌ. ومنه الحَدِيثُ: «مُرِي بَنِيكِ أَنْ يُقَلِّمُوا أَظْفَارَهُم أَنْ يُوجِعُوا⁣(⁣٢) أَو يَعْبِطُوا ضُرُوعَ الغَنَمِ» أَي لا يُشَدِّدُوا الحَلَبَ فيَعْقِرُوها ويُدْمُوها بالعَصْرِ، من العَبِيطِ، وهو الدَّمُ الطَّرِيُّ، أَو لَا يَسْتَقْصُون⁣(⁣٣) حَلَبَهَا حتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ بعدَ اللَّبَنِ. والمُرَادُ أَن لا يَعْبِطُوها.

  وعَبَطَ الشِّيْءَ والثَّوْبَ يَعْبِطُه عَبْطاً: شَقَّهُ شَقّاً صَحِيحاً، فهو مَعْبُوطٌ وعَبِيطٌ وجَمْعُ العَبِيطِ: عُبُطٌ، بضَمَّتَيْنِ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ قولَ أَبِي ذُؤَيْبٍ:

  فَتَخَالَسَا نَفْسَيْهما ...

  إِلخ.

  وقد تَقَدَّم ذِكْرُه، قال: يَعْنِي كشَقِّ الجُيُوبِ وأَطْرَافِ الأَكْمَامِ والذُّيُولِ؛ لأَنَّهَا تُرْقَعُ بعدَ العَبْطِ. كذا في النُّسَخِ، وفي بَعْضِهَا: لا تُرْقَعُ بعدَ العَبْطِ. وفي بَعْضِهَا: لا تُرْقَعُ إِلاّ بعدَ العَبْطِ. قلْتُ: ويُرْوَى: كنوافِذِ العُطُب. وهو القُطْن، وأَرادَ الثَّوْبَ من قُطْن. وقالَ أَبُو نَصْرٍ: لا أَعْرِفُ هذا، كذا في شَرْحِ الدِّيوانِ، فعَبَطَ هو بنَفْسِه يَعْبِطُ، من حَدِّ ضَرَب، أَي انْشَقَّ، لازِمٌ مُتَعَدّ. قال القُطَامِيُّ:

  وظَلَّتْ تَعْبِط الأَيْدِي كُلُوماً ... تَمُجُّ عُرُوقُهَا عَلَقاً مُتَاعا

  ومن المَجَازِ: عَبَطَت الدَّوَاهِي الرَّجُلَ، إِذا نَالَتْهُ، وزادَ اللَّيْثُ: من غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لذلِكَ.

  ويُقَال: مَاتَ فُلانٌ عَبْطَةً بالفَتْحِ، أَي شابًّا، وقِيل: شابًّا صَحِيحاً. وفي الصّحاحِ: صِحِيحاً شَاباًّ، وأَنْشَدَ لأُمَيّةَ بنِ أَبِي الصَّلْتِ:

  مَنْ لا يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَماً ... لِلْمَوْتِ كَأْسٌ فالمَرْءُ ذائِقُهَا⁣(⁣٤)

  ويُرْوَى: لِلْمَوْت كَأْسٌ والمَرْءُ، وقد تَقَدَّم تَحْقِيقُه في «ك وس» وبَعْدَه:

  يُوشِكُ مَنْ فَرَّ من مَنِيَّتِهِ ... في بَعْضِ غِرّاتِهِ يُوَافِقُهَا

  ويُقَال أَعْبَطَه المَوْتُ واعْتَبَطَهُ، إِذا أَخَذَه شَابًّا صَحِيحاً لَيْسَت به عِلَّةٌ ولا هَرَمٌ.

  ولَحْمٌ عَبِيطٌ بَيِّنُ العُبْطَةِ: سَلِيمٌ من الآفاتِ إِلاّ الكَسْر، قاله ابنُ بُزُرْج، قال: ولا يُقَال لِلَّحْم الدَّوِيِّ المَدْخُول مِن آفةٍ: عَبِيطٌ، وفي الحَدِيث: «فقَاءَتْ لَحْماً عَبِيطاً» قال ابنُ الأَثِيرِ: هو الطَّرِيُّ غير النَّضِيجِ، ومِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ: «فَدَعَا بِلَحْمٍ عَبِيطٍ» والَّذِي في غَرِيبِ الخَطّابِيِّ - على اخْتلافِ نُسَخِه: «فَدَعَا بِلَحْمٍ غَلِيظ» يريدُ لَحْماً خَشِناً عاسِياً لا يَنْقَادُ في المَضْغِ. قال ابنُ الأَثِيرِ: وكأَنَّه أَشْبَهُ.

  وفي الأَسَاسِ: يُقَالُ للجَزّارِ: أَعِبيطٌ أَمْ عارِضٌ؟ يُرَاد: أَمَنْحُورٌ عَلَى صِحَّةٍ، أَو مِنْ دَاءٍ؟.

  وكذلِكَ: دَمٌ عَبِيطٌ بَيِّنُ العُبْطَة: خَالِصٌ طَرِيٌّ.

  قال اللَّيْثُ: ويُقَالُ: زَعْفَرَانٌ عَبِيطٌ بَيِّنُ العُبْطَةِ، بالضَّمِّ، أَي طَرِيٌّ، يُشَبَّهُ بالدَّمِ العَبِيطِ.

  والعَوْبَطُ، كجَوهَرٍ: الدّاهِيَةُ، جَمْعُهُ: عَوَابِطُ، قال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:

  بمَنْزِلٍ عَفٍّ ولم يُخَالِطِ ... مُدَنِّساتِ الرِّيَبِ العَوَابِطِ

  والعَوْبَطُ: لُجَّةُ البَحْرِ، مقلوبٌ عن العَوْطَب.

  * ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  العَبْطُ: أَخْذُكَ الشَّيءَ طَرِيٍّا، هذا هو الأَصْلُ.

  والمَعْبُوطَةُ: الشّاةُ المَذْبُوحَةُ صَحِيحَةً.


(١) زيادة عن التكملة واللسان.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: أن يوجعوا أي لئلا يوجعوها إذا حلبوها بأظفارهم ا هـ نهاية».

(٣) الأصل والنهاية وفي اللسان: لا يستقصوا.

(٤) عن الأخفش الأصغر راوي الكامل للمبرد أنه لرجل من الخوارج. وقال المرصفي في رغبة الآمل ١/ ٢٣٠ الصحيح أنها لأمية وهي أزيد من أربعة أبيات» وهو في ديوان أمية ص ٤٢.