تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دلعب]:

صفحة 488 - الجزء 1

  الحاشِيَة بيتاً شاهداً عليه لكُثَيِّرٍ يَصِفُ نَاقَةً:

  عَسُوف بِأَجْوَازِ الفَلَاحِمْيَرِيَّة ... مَرِيس بِذِئْبَانِ السَّبِيبِ تَلِيلُهَا

  التَّلِيلُ: العُنُقُ، والسَّبِيبُ: الشَّعَرُ الذي يكونُ مُتَدَلِّياً على وَجْهِ الفَرَس من ناصِيَتِه، جَعَلَ الشَّعَرَ الذي على عَيْنَيِ النَّاقَةِ بمَنْزِلَة السَّبِيبِ.

  والذِّئْبَانِ مُثَنَّى: كوْكَبَانِ أَبْيَضَانِ بَيْنَ العَوَائذِ والفَرْقَدَيْنِ، وأَظْفَارُ الذِّئْبِ: كَوَاكِبُ صِغَارٌ قُدَّامَهُمَا، والذُّؤَيْبَانِ مُصَغَّراً: مَاءَانِ لَهُمْ نَقَلَهُ الصاغانيّ.

  وتَذَأَّبَ لِلنَّاقَةِ وتَذَاءَبَ ( *) لَهَا، أَيِ اسْتَخْفَى لَهَا مُتَشَبِّهاً بالذِّئْبِ لِيَعْطِفَهَا عَلَى غَيْرِ وَلَدِهَا هذا تعبيرُ أَبي عُبَيْد إِلَّا أَنَّهُ قال: مُتَشَبِّهاً بالسَّبُعِ بَدَلَ الذِّئْبِ، وما اخْتَارَه المُصَنِّفُ أَوْلَى لِبَيَانِ الاشْتِقَاقِ⁣(⁣١).

  ومن الجاز: تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ وتَذَأَّبَتْ: اخْتَلَفَتْ وجَاءَتْ في ضَعْفٍ مِنْ هُنَا وهُنَا، وتَذَاءَبَ الشيءَ: تَدَاوَلَهُ وأَصْلُه مِن الذِّئْبِ إِذا حَذِرَ مِن وَجْهٍ جَاءَ من آخَرَ، وعن أَبي عُبَيْد: المُتَذَئِّبَةُ والمُتَذَائِبَةُ بوزن مُتَفَعِّلَةٍ ومُتَفَاعِلَةٍ، من الرِّيَاح: التي تجيءُ من هاهنا مَرَّةً ومن هاهنا مَرَّةً، أُخِذَ من فعلِ الذِّئْبِ، لأَنَّهُ يَأْتِي كذلك، قال ذو الرمّة يَذْكُرُ ثوراً وَحْشِيًّا:

  فَبَاتَ يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ ويُسْهِرُهُ ... تَذَاؤُبُ الرِّيحِ والوَسْوَاسُ والهِضَبُ⁣(⁣٢)

  في حديث عليّ كرّم الله وجهه «خَرَجَ إِليّ منكم جُنَيْدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِيفٌ» المُتَذَائِبُ: المُضْطَرِبُ، من قَوْلِهِم: تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ: اضْطَرَب هُبُوبُهَا، هذا، وإِنَّ الزَّمَخْشَرِيَّ ومَنْ تَبِعَه كالبَيْضَاوِيِّ صَرَّحُوا أَنَّ الذِّئْبَ مُشْتَقٌّ مِنْ تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ إِذا هَبَّت مِن كُلِّ جِهَةٍ، لأَنَّ الذِّئْبَ يَأْتِي مِن كُلِّ جِهَةٍ، قال شيخنا: وفي كَلَامِ العَرَبِ ما يَشْهَدُ للقَوْلَيْنِ.

  وغَرْبٌ ذَأْبٌ مُخْتَلَفٌ بِهِ، قال أَبو عبيدة، قال الأَصمعيُّ؛ وَلَا أُرَاهُ أُخِذَ إِلَّا مِنْ تَذَاؤُبِ⁣(⁣٣) الرِّيحِ وهو اخْتِلَافُهَا، وقيلَ غَرْبٌ ذَأْبٌ: كثِيرُ⁣(⁣٤) الحَركَةِ بالصُّعُودِ والنُّزُول.

  والمَذْءُوبُ: الفَزِعُ، وذُئِبَ الرَّجُلُ كَعُنِيَ: فَزِعَ من أَيِّ شيْءٍ كَانَ، كَأَذْأَبَ قال الدُّبَيْرِيُّ⁣(⁣٥).

  إِنِّي إِذَا مَا لَيْثُ قَوْمٍ هَرَبَا ... فَسَقَطَتْ نَخْوَتُهُ وأَذْأَبَا

  وحَقِيقَتُه من الذِّئْبِ.

  وذَئِبَ الرَّجُلُ كَفَرِحَ وكَرُمَ وعُنِيَ: فَزِعَ مِنَ الذِّئْبِ خَاصَّةً.

  وذَأَبَ الشَّيْءَ كَمَنَع: جَمَعَهُ⁣(⁣٦).

  وذَأَبَهُ: خَوَّفَهُ وذَأَبَتْهُ الجِنُّ: فَزَّعَتْه وذَأَبَتْهُ الرِّيحُ: أَتَتْهُ مِن كُلِّ جانبٍ.

  وذَأَبَ: فَعَلَ فِعْلَ الذِّئْبِ إِذا حَذِرَ مِنْ وَجْهٍ جَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، ويقالُ للذي أَفْزَعَتْهُ الجِنُّ تَذَأَّبَتْهُ وتَذَعَّبَتْهُ.

  وذَأَبَ البَعِيرَ يَذْأَبُهُ ذَأْباً: سَاقَهُ، وذَأَبَهُ ذَأْباً: حَقَرَ⁣(⁣٧) وطَرَدَهُ وذَأَمَهُ ذَأْماً، وقيلَ: ذَأَبَ الرَّجُلَ: طَرَدَه وضَرَبَه كَذَأَمَهُ، حكاه اللِّحيانيّ.

  وذَأَبَ القَتَبَ والرَّحْلَ: صَنَعَهُ، ذَأَبَ الغُلَامَ: عَمِلَ له ذُؤابةً، كأَذْأَبَه، وذَأَّبَهُ، وذَأَبَ في السَّيْرِ وأَذْأَبَ أَسْرَعَ.

  وقالوا: رَمَاه الله بِدَاءِ الذِّئْبِ دَاءُ الذِّئْبِ: الجُوعُ يَزْعُمُون أَنَّه لَا دَاءَ له غَيْرُه ويقال: «أَجْوَعُ مِنْ ذِئْبٍ» لأَنَّهُ دَهْرَهُ جَائعٌ، وقيل: المَوْتُ، لأَنَّهُ لَا يَعْتَلُّ إِلَّا عِلَّةَ المَوْتِ، ولهذا يقال «أَصَحُّ مِنَ الذِّئْبِ»، ومن أَمثالهم في الغَدْرِ «الذِّئْبُ يَأْدُو الغَزَالَ» أَي يَخْتِلُه، ومنها: «ذِئْبَةُ مِعْزَى وظَلِيمٌ في الخُبْر» أَي هو في خُبْثِه كذِئْبٍ وَقَعَ في مِعْزَى وفي اخْتِبَارِه، كظَلِيمٍ، إِنْ قِيلَ لَهُ: طِرْ، قَالَ: أَنَا جَمَلٌ، أَوِ احْمِلْ، قَالَ: أَنَا طَائِرٌ، يُضْرَبُ للماكِرِ الخَدَّاعِ، وفي الأَساس: ومن المجاز: هُوَ ذِئْبٌ في ثَلَّةٍ، وأَكَلَهُمُ الضَّبُعُ


(*) في القاموس: تقديم على تَذَأَّب.

(١) في الصحاح: وتذاءبتُ الناقةَ على تفاعلت أي ظأرتُها على ولدها وذلك أن يلبس لها لباساً يتشبه بالذئب ويهول لها، لتكون أرأم عليه.

(٢) عن اللسان وبالأصل ثاء، وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله ثاء كذا بخطه والذي في الصحاح واللسان ثأد .... وقالا الثأد: الندى والقر»:

(٣) اللسان: تَذَؤُب.

(٤) اللسان: كثيرة.

(٥) عن اللسان، وبالأصل «الدميري».

(٦) في نسخة من القاموس: وكمنعه.

(٧) اللسان: حَقَّرَه.