تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لوط]

صفحة 404 - الجزء 10

  البَرْبَر بأَقْصَى المَغْرِبِ من البَرِّ الأَعْظَم، يُنْسب إِليها الدَّرَقُ؛ لأَنَّهُمْ فيما زَعَمَ ابنُ مَرْوانَ يَصْطادُونَ الوَحْشَ ويَنْقَعُونَ الجُلُودَ فِي اللَّبَنِ «الحَلِيبِ» سَنَةً كامِلَةً فَيَعْمَلُونَها دُرُقاً،⁣(⁣١) فَيَنْبُو عنها السَّيْفُ القاطِعُ.

  أَوْ لَمْطٌ: اسمُ أُمَّةٍ من الأُمَمِ قالَه الخارْزَنْجِيُّ، وأَنْشَدَ.

  لَوْ كُنْتُ مِنْ نُوبَةَ أَو مِنْ لَمْطِ

  والصَّحِيحُ أَنَّهَا من البَرْبَرِ، وهي عِدَّةُ قَبَائِلَ أُخْرِجَتْ من فِلَسْطِينَ، ونَزَلَتْ بالمَغْرِبِ، وتَنَاسَلَتْ فسُمِّيَتْ بهمُ الأَمَاكِنُ التي نَزَلُوها، ولَمْطٌ هذا تَزَوَّجَ العَرْجَاءَ أُمَّ صِنْهاجٍ، فأَوْلَدَ منها لَمْطاً الأَصْغَرَ، فَهُمَا أَخَوَانِ لأُمّ.

  وقالَ أَبو زَيْدٍ: الْتَمَطَ فُلانٌ بِحَقِّي، إِذا ذَهَبَ بِهِ نَقَلَه، الصّاغَانِيُّ عن أَبِي زَيْدٍ.

  [لوط]⁣(⁣٢): لُوطٌ، بالضَّمِّ: من الأَنْبِيَاءِ عليهمُ الصَّلاةُ والسَّلام وهو لُوطُ بنُ هارانَ بنِ تارَحَ بنِ ناحُورَ بنِ سارُوغَ بنِ أَرْغُو بنِ فالَغَ بنِ عابَرَ، وهو رسولُ الله إِلى سَدُومَ وسائرِ القُرَى المُؤْتَفِكَةِ.

  وقيل: آمَنَ لُوطٌ بإِبرَاهِيمَ @، وشَخَصَ معه مُهَاجِراً إِلى الشّامِ، فنَزَلَ إِبْرَاهِيمُ فِلَسْطِينَ، ونَزَلَ لُوطٌ الأُرْدُنَّ، فأُرْسِل إِلى أَهْلِ سَدُومَ، وهو اسم مُنْصَرِفٌ مع العُجْمَةِ والتَعْرِيفِ، وكذلِكَ نُوحٌ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: وإِنْمَا أَلْزَمُوهما الصَّرْفَ لإِنَّ الاسْمَ على ثَلاثَةِ أَحْرُفٍ أَوْسَطُه ساكنٌ، وهو على غايَةِ الخِفَّةِ، فقاوَمَتْ خِفَّتُه أَحَدَ السَّبَبَيْنِ لسُكُونِ وَسَطِه، وكذلِكَ القِيَاسُ فِي هِنْد ودَعْد، إِلاّ أَنَّهُمْ لم يُلزِمُوا الصَّرْفَ في المُؤَنَّثِ، وخَيَّرُوكَ فيهِ بينَ الصَّرْفِ وتَرْكهِ.

  ولَاطَ الرَّجُلُ يَلُوط لِوَاطاً: عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِهِ، كلَاوَطَ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وكذلِكَ تَلَوَّطَ، قالَ اللَّيْثُ: لُوطٌ كانَ نَبِيًّا بَعَثَه الله إِلى قَوْمِه، فكَذَّبُوه، وأَحْدَثوا ما احدثوا، فاشْتَقَّ النّاسُ من اسْمِه فِعْلاً لِمَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِهِ.

  ولَاطَ الحَوْضَ: أَصْلَحَه بالطِّينِ. وقال اللِّحْيَانِيُّ: لاطَ فُلانٌ به: طَيَّنَهُ وطَلَاهُ بالطِّينِ ومَلَّسَه به، فعَدَّى لاطَ بالباءِ.

  قالَ ابنُ سِيدَهْ: وهذا نادِرٌ لا أَعْرِفُه لغَيْرِه، إِلاّ أَنْ يَكُونَ من بَابِ مَدَّه ومَدَّ به. والكَلِمَةُ وَاوِيَّةٌ ويائِيَّةٌ، ومن ذلِكَ حَدِيثُ أَشْرَاطِ السّاعَةِ: «ولَتَقُومَنَّ وهُو يَلُوطُ حَوْضَه» وفي رِوَايَةٍ «يَلِيطُ».

  وفي حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ في مالِ اليَتِيمِ: «إِنْ كُنْتَ تَلُوطُ حَوْضَها وتَهْنَأُ جَرْبَاهَا فأَصِبْ مَنْ رِسْلِها».

  و في حَدِيثِ قَتَادَةَ: «كانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَشْرَبَون في التِّيهِ ما لَاطُوا» أَي مما يَجْمَعُونَهُ في الحِيَاضِ من الآبارِ.

  ولاطَ الشَيْءُ بقَلْبِي، يَلُوطُ وَيَلِيطُ، لَوْطاً ولَيْطاً ولِيَاطاً، ككِتَابٍ: حُبِّبَ إِليه وأُلْصِقَ، يُقَالُ: هو أَلْوَطُ بقَلْبِي، وأَلْيَطُ.

  وإِنِّي لأَجِدُ له في قَلْبِي، لَوْطاً ولَيْطاً⁣(⁣٣)، يَعْنِي الحُبَّ الّلازِقَ بالقَلْبِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن الكِسَائيِّ.

  وفي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ ¥ أَنَّه قال: «إِنَّ عُمَرَ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ»، ثم قال: «الَّلهُم أَعَزُّ، والوَلَدَ أَلْوَطُ» قال أَبو عُبَيْدٍ: أَيْ أَلْصَقُ بالقَلْبِ، وكذلِكَ كُلُّ شَيْءٍ لَصِقَ بشَيْءٍ فقد لاطَ بِه.

  والكَلِمَةُ وَاويَّةٌ ويَائِيَّةٌ.

  ولَاطَ فُلاناً بسَهْمٍ، أَو بِعَيْنٍ: أَصابَهُ بهِ، والهَمْزُ لُغَةٌ.

  قلْتُ: وكذلِكَ العَيْنُ، كما تَقَدَّمتِ الإِشَارَةُ إِليهما.

  ولَاطَ القَاضِي فُلاناً بفُلانٍ: أَلْحَقَهُ بهِ، يائِيَّة، لحَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّه» كان يَلِيطُ أَوْلادَ الجاهليَّةِ بِآبائِهِم» أَي يُلْحِقُهم، وهو مَجازٌ.

  ولَاطَ الشَّيءُ لَوْطاً: أَخْفَاه وأَلْصَقَه.

  ولاطَ في الأَمْرِ لَاطاً: أَلَحَّ، قالَهُ اللَّيْثُ، وهي وَاوِيَّةٌ؛ لأَنَّ أَصْلَ الّلاطِ اللّوْطَ، وهو قَرِيبٌ من اللُّصُوقِ؛ لأَنَّ المُلِحَّ يَلْزَقُ عَادَةً. وقد مَرَّ في أَوَّلِ الفَصْلِ «لَأطَهُ» بهذا المَعْنَى، وسَيَأْتِي أَيضاً في لأَظَه، بالظاءِ. قالَ الصّاغَانِيُّ: فإِنْ صَحَّ ما قَالَهُ اللَّيْثُ فالّلاطُ كالقالِ، بمَعْنَى القَوْلِ في المَصْدَرِ.

  وقال اللَّيْثُ: لاطَ الله تَعالى فُلاناً لَيْطاً: لَعَنَه، يائِيَّةٌ، ومنه قولُ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ، يصِفُ الحَيَّةَ ودُخُولَ إِبْلِيسَ جَوْفَها:

  فلَاطَهَا الله إِذْ أَغْوَتْ خَلِيفَتَه ... طُولَ اللَّيَالِي ولم يَجْعَل لها أَجَلَا⁣(⁣٤)


(١) في معجم البلدان «لمطة»: سنة كاملة ثم يتخذون منها الدرق، فإذا ضربت بالسيف القاطع نبا عنها.

(٢) جمع المصنف بين مادتي لوط وليط وفرق بينهما في الصحاح واللسان.

(٣) ضبطت بالفتح عن الصحاح، وضبطها الأزهري في التهذيب نصاً بالكسر.

(٤) البيت في ديوان عدي بن زيد ص ١٦٠ ونسبه في اللسان لأمية بن أبي الصلت.