[ذبب]:
  والذَّبُّ بالفَتْحِ: الثَّوْرُ الوَحْشِيُّ النَّشِيطُ ويقال له أَيضاً ذَبُّ الرِّيَادِ غير مهموزٍ، وهو مجاز، سمِّيَ بذلك لأَنَّهُ يَخْتَلِفُ ولا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ واحِدٍ وقيل: لِأَنَّهُ يَرُودُ فَيَذْهَبُ ويَجِيءُ، قال ابنُ مُقْبِل:
  يُمَشِّيِ بهِ ذَبُّ الرِّيَادِ كَأَنَّهُ ... فَتًى فَارِسِيٌّ فِي سَرَاوِيلَ رَامِحُ
  وقال النابغة:
  كَأَنَّمَا الرَّحْلُ منها فَوْقَ ذِي جُدَدٍ ... ذَبِّ الرِّيَادِ إِلى الأَشْبَاحِ نَظَّارِ
  وقال أَبو سعيد: إِنما قيل له: ذَبُّ الرِّيَادِ لِأَنَّ رِيَادَه: أَتَانُهُ التي تَرُودُ مَعَهُ، وإِنْ شئتَ جعلتَ الرِّيَادَ: رَعْيَهُ نَفْسهِ لِلْكَلإِ، وقال غيرُه: قيل [له](١) ذَبُّ الرِّيَادِ لأَنَّه لا يَثْبُتُ في رَعْيِهِ في مكانٍ واحد، وَلَا يُوطِنُ مَرْعًى واحِداً. والأَذَبُّ، سمَّاه(٢) مُزَاحِمٌ العُقَيْلِيُّ وقال:
  بلَادٌ بها تَلْقَى الأَذَبَّ كأَنهُ ... بها سابِرِيٌّ لَاحَ منه البَنَائِقُ(٣)
  وأَرَادَ: تَلْقَى الذَّبَّ، فقَالَ: الأَذَبَّ، لِحَاجَتِهِ، قال الأَصمعيّ، وفلانٌ ذَبُّ الرِّيَادِ، ومن المجاز: فُلَانٌ ذَبُّ الرِّيَادِ: يَذْهَبُ ويَجِيءُ، هذهِ عن كُراع. والذُّنْبُبُ كقُنْفُذٍ [أيضاً]،(٤) وهذه عن الصاغانيّ.
  وشَفَةٌ ذَبَّانَةٌ، كريَّانَةٍ ويوجدُ في بعض النسخِ ذَبَّابَةٌ بباءَيْنِ، وهو خطأٌ، قال شيخنا: يعني أَنها من الأَوصاف التي جاءَت على فَعْلَانَةٍ، وهي قليلةٌ عند أَكثرِ العربِ، قِيَاسِيَّةٌ لِبَنِي أَسَدٍ، أَي ذَابِلَةٌ.
  والذُّبَابُ م وهو الأَسوَدُ الذي يكون في البيوت يَسْقُطُ في الإِناءِ والطَّعَامِ، قال الدَّمِيرِيُّ في حياة الحيوان: سُمِّيَ ذُبَاباً لكَثْرَةِ حَرَكَتِه، واضْطِرَابِه، أَو لأَنَّه كُلَّمَا ذُبَّ آبَ قال:
  إِنَّمَا سُمِّيَ الذُّبَابُ ذُبَاباً ... حَيْثُ يَهْوِي وكُلَّمَا ذُبَّ آبَا
  والذُّبَابُ أَيضاً: النَّحْل قال ابنُ الأَثير: وفي حديث عُمَرَ ¥ [كتب إلى عامِلِه بالطَّائِفِ في خَلَايا العَسَلِ وحمايَتها: إنْ أَدَّى ما كان يؤَدِّيه إلى رسول الله ÷ من عُشُور نحله](٥) «فَاحْمِ لَهُ فإِنَّمَا هُوَ ذُبَابُ الغَيْثِ(٦)» يَعْنِي النَّحْلَ، أَضَافَهُ إِلى الغَيْثِ على معنى أَنه يكونُ مع المَطَرِ حيث كان، ولأَنه يعيشُ بأَكلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ الوَاحِدَةُ من ذُبابِ الطَّعَامِ ذُبَابَةٌ بهاءٍ ولا تقل: ذِبَّانَةٌ أَي بِشَدِّ المُوَحَّدَةِ وبعدَ الأَلفِ نُونٌ، وقال في ذُبَابِ النَّحْلِ: لَا يُقَالُ ذُبَابَة في شيْءٍ من ذلك، إِلَّا أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ روى عن الأَحْمَرِ ذُبَابَة، هكذا وقع في كتاب المُصَنَّفِ روايةِ أَبِي عليٍّ، وأَما في رواية عليِّ بنِ حَمْزَةَ فَحَكَى عن الكسائيّ الشَّذَاةُ(٧): ذُبَابَةُ بعضِ الإِبِلِ، وحُكِيَ عن الأَحْمَرِ أَيْضاً النُّعَرَةُ(٨): ذُبَابَةٌ تَسْقُطُ على الدَّوَاب، فَأَثْبَتَ الهَاءَ فيهما، والصوابّ: ذُبَابٌ، وهو واحدٌ، كذَا في لسان العرب. وفي التهذيب: وَاحِدُ الذِّبَّانِ، [ذُبابٌ](٩) بِغَيْرِ هَاءٍ، قال: وَلَا يُقَالُ: ذُبَابَةٌ، وفي التنزيل {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً}(١٠) فسَّرُوه للواحِدِ ج أَذِبَّةٌ في القِلَّةِ مثلُ غُرَابٍ وأَغْرِبَة قال النابغة:
  ضَرَّابَة بالمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ
  وذِبَّانٌ بالكَسْرِ مثل غِرْبَانٍ، وعن سيبويهِ: ولم يقتصروا به على أَدْنَى العَدَدِ، لأَنهم أَمِنْوا التضعِيفَ، يَعْنِي أَنَّ فُعَالاً لا يُكْسَّرُ في أَدنى العدد على ذِبَّانٍ، ولو كان مما يُفْضِي(١١) بِه إِلى التضعيف كَسَّرُوه على أَفْعِلَةٍ وقد حكى سيبويه مع ذلك: ذُبٌّ، بالضم في جمع ذُبابٍ فهو مع هذا الإِدغام على اللغة التميمية، كما يرجعون إِليها فيما كان ثانيه واواً
(١) زيدة عن اللسان.
(٢) يعني سمي الثورَ الوحشي كما يفهم من اللسان.
(٣) بالأصل «النبائق» بهامش المطبوعة المصرية: «قوله بلاد كذا بخطه وفي التكملة بلادا بالنصب. وقوله النبائق الصواب البنائق بتقديم الباء على النون جمع بنيقة وهي لبنة القميص».
(٤) زيادة عن القاموس.
(٥) زيادة عن النهاية.
(٦) في النهاية: ذباب غيث يأكله من يشاء.
(٧) عن اللسان، وبالأصل «الشذاذة».
(٨) عن اللسان، وبالمصرية: النغرة.
(٩) زيادة عن اللسان.
(١٠) سورة الحج الآية ٧٣.
(١١) اللسان: مما يدفع به البناء إلى التضعيف لم يكسر على ذلك البناء. كما أن فِعالاً ونحوه، لما كان تكسيره على فُعُلٍ يفضي به إلى التصعيف.