تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ملظ]:

صفحة 495 - الجزء 10

  يُنَوِّرُ⁣(⁣١) ولا يُرِّبِّي، وفي نَوْرِهِ عَسَلٌ كَثِيرٌ ويُمَصُّ، وتَأْكُلُهُ النَّحْلُ فَيَجُودُ عَسَلُهَا عَلَيْهِ، الوَاحِدَةُ مَظَّةٌ، ولَهُ حَطَبٌ أَجْوَدُ حَطَبٍ وأَثْقَبُهُ نَاراً، يُسْتَوْقَدُ كَما يُسْتَوْقَدُ الشَّمَعُ. وقال السُّكَّرِيّ في شَرْح الدّيوان: المَظُّ: الرُّمَّانُ البَرِّيّ الَّذِي تَأْكُلُهُ النَّحْلُ، وإِنّمَا يَعْقِدُ الرُّمَّانُ البَرِّي وَرَقاً، ولا يَكُونُ لَهُ رُمَّانٌ. قال أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ عَسَلاً:

  يَمَانِيَة أَحْيَا لَها مَظَّ مَأْبِدٍ ... وآلِ قَرَاسٍ صَوْبُ أَسْقِيةٍ كُحْلِ

  وقد تَقَدَّم شَرْحُ هذا البَيْتِ في «م ب د» وفي «ق ر س» وأَنْشَدَ أَبُو الهَيْثَمِ لِبَعْضِ طَيِّئٍ:

  ولا تَقْنَطْ إِذا جَلَّتْ⁣(⁣٢) عِظَامٌ ... عَلَيْكَ من الحَوَادِثِ أَن تُشَظّا

  وسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بِذَاتِ لَوْثٍ ... تَبُوصُ الحَادِيَيْنِ إِذا أَلَظَّا

  كَأَنَّ بنَحْرِها وبمِشْفَرَيْهَا ... ومَخْلِجِ أَنْفِهَا رَاءً ومَظّا⁣(⁣٣)

  وقال أَبو الهَيْثَمِ: المَظُّ: دَمُ الأَخَوَيْن، وهو دَمُ الغَزَالِ، ويُعْرَف الآنَ بالقَاطِرِ المَكِّيّ.

  والمَظُّ: عُصَارَةُ عُرُوقِ الأَرْطَى وهي حُمْرٌ، والأَرْطاةُ خَضْراءُ، فإِذا أَكَلَتْهَا الإِبِلُ احْمَرَّتْ مشَافِرُها.

  والمَظَاظَةُ: شِدَّةُ الخُلُقِ وفَظَاظَتُهُ، كما في اللِّسَان، ونَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ أَيْضاً.

  ومَظَظْتُهُ: لُمْتُه، عن ابنِ عَبّادٍ.

  وأَمْظَظْتُ⁣(⁣٤) العُودَ الرَّطْبَ، أَي تَوقَّعْتُ ذَهابَ نُدُوَّتِهِ، وعَرَّضْتُهُ لِذلكَ، نَقَلَهُ اللَّيْثُ.

  ومَاظَظْتُه مُمَاظَّةً ومِظَاظاً: شَارَرْتُه ونَازَعْتُه، وخَاصَمْتُهُ، ولا يَكُونُ ذلِكَ إِلاّ مُقَابَلَةً مِنْهُمَا.

  وفي حَدِيث أَبي بَكْرٍ أَنَّهُ مَرَّ بابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمنِ وهو يُمَاظُّ جَاراً له فقالَ: «لا تُمَاظِّ جارَكَ فإِنَّهُ يَبْقَى ويَذْهَبُ النّاسُ» قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُمَاظَّةُ: المُخَاصَمَةُ والمُشَاقَّةُ والمُشَارَّةُ وشِدَّةُ المُنازَعَة مع طُولِ اللُّزُومِ. ومِنْهُ: مَاظَظْتُ الخَصْمَ، أَيْ لَازَمْتُه، قِيلَ: ومنه اشْتِقَاقُ المَظّ الَّذِي ذُكِرَ لِتَضامِّ حَبِّه مع بَعْضٍ، أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِ الأَعْرَابِيِّ: كأَزَزِ⁣(⁣٥) الرُّمَّان المُحْتَشِيَةِ، هذا قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيّ. وقال رُؤْبة:

  إِذْ سَئِمَتْ رَبِيعَةُ الكِظَاظَا ... لَاواءَهَا والأَزْلَ والمِظَاظَا

  وقال غَيْرُه:

  جافٍ دَلَنْظَى عَرِكٌ مُغانِظُ ... أَهْوَجُ إِلاَّ أَنَّهُ مُماظِظُ

  وتَمَاظُّوا: تَعَاظُّوا بأَلْسِنَتِهِمْ، والضَّادُ لُغَةٌ فيه.

  وقال ابنُ عَبّادٍ: المَظْمَظَةُ: الذَّبْذَبَةُ. وقالَ الصّاغَانِيّ: التَّرْكِيبُ يَدُلُّ عَلَى مُشَارَّةٍ ومُنَازَعَةٍ، وقَدْ شَذَّ عَنْ هذا التَّرْكِيبِ المَظّ. قُلْتُ: ولَمّا كَانَ التَّضَامُّ مِنْ لَوَازِمِ المُنَازَعَةِ والمُشَارَّةِ غالِباً حَسُنَ اشْتِقَاقُ المَظِّ مِنْهُ، فلا مَعْنَى لِشُذُوذِه عن التَّرْكِيبِ. فَتَأَمَّلْ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  المُمَاظَّةُ: المُشَاتَمَةُ.

  وقَال أَبو عَمْرٍو: أَمَظَّ، إِذا شَتَمَ، وأَبَظَّ، إِذا سَمِنَ.

  وتَمَاظَّ القَوْمُ: تَلاحَوْا، كَتَمَاضُّوا. ومَظَّةُ: لَقَبُ سُفْيَانَ بنِ سِلْهِم⁣(⁣٦) بنِ الحَكَمِ بنِ سَعْدِ العَشِيرَة. نقله الجَوْهَرِيّ والصّاغَانِيُّ والأَزْهَرِيّ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  [ملظ]: المِلْوَظُّ، «بالكَسْرِ وتَشْدِيدِ الظّاءِ»: عَصا يُضْرَبُ بِهَا، أَوْ سَوْطٌ. أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيّ:

  ثُمَّتَ أَعْلَى رَأْسَه المِلْوَظَّا

  ونَقَلَهُ المُصَنِّفُ في «لأَظ» تَبَعاً للصّاغَانِيّ. وهذَا مَحَلّ ذِكْرِهِ. قالَ ابْنُ سِيدَه: وإِنَّمَا حَمَلْتُه على فِعْوَلٍّ، ولَيْسَ فيهِ مِفْعَلٌّ، وقد يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِلْوَظٌ مِفْعَلاً، ثُمَّ يُوقَف عَلَيْهِ


(١) في النبات رقم ٩٨٨ وهو ينور نوراً كثيراً.

(٢) الأصل واللسان وفي التهذيب: حلّت.

(٣) بعده في التهذيب واللسان:

جرى نسئ على عسنٍ عليها ... فمار خصيلها حتى تشظى

(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى وامتظظت.

(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «كأرز».

(٦) عن جمهرة ابن حزم ص ٤٠٨ والضبط عنها، وبالأصل «أسليم» وضبطت في الصحاح بفتح فسكون ففتح.