تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أع]:

صفحة 4 - الجزء 11

  [أع]: أُعْ أُعْ، مَضْمُومَتَيْن. أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيّ وصاحِبُ اللِّسَان هُنَا. وقد جاءَ في حَدِيثِ السِّواكِ وهُوَ: «كانَ إِذا تَسَوَّكَ قالَ: أُعْ أُعْ»، كَأَنَّه يَتَهَوَّعُ، أَيْ يَتَقَيَّأُ، وهِيَ حِكَايَةُ صَوْتِ المُتَقَيِّئِ. وفي التَّكْمِلَةِ: المُتَهَوِّع. قالُوا: أَصْلُهَا هُعْ هُعْ، فأُبْدِلَتْ هَمْزَةً. قالَ شَيْخُنَا: فالصَّوَابُ إِذَنْ ذِكْرُهَا في «هـ و ع» قُلْتُ: وهكَذا فَعَلَه صاحِبُ اللِّسَان وغيره.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  [أفع]: غلام أَفَعَةٌ، مُحَرَّكَةً، أَي مُتَرَعْرع⁣(⁣١). أَهملَه الجماعَة.

  [ألع]: المَأْلُوعُ أَهْمَلَهُ الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللِّسَان. وقال الخَارْزَنْجِيُّ فِي تَكْمِلَةِ العَيْنِ: هو المَجْنُون وكذلِكَ المَأْلُوقُ، كالمُؤَوْلَع، كمُطَرْبَل، وكذلِكَ المُؤَوْلَقُ، قَالَ: وبه الأَوْلَعُ والأَوْلَقُ، أَيْ الجُنُونُ.

  قُلْتُ: وهذا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الأَوْلَعَ والأَوْلَقَ وَزْنُهما فَوْعَلٌ، فإِنْ قِيلَ: أَفْعَلُ - كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ قَوْمٌ - فالصَّوابُ ذِكْرُهُ في الوَاوِ، كما سَيَأْتِي، قالَهُ شَيْخُنَا. قُلْتُ: وهو قَوْلُ عَرَّامٍ ونَصُّه: يُقَالُ: بِفُلانٍ مِنْ حُبِّ فُلانَةَ الأَوْلَعُ والأَوْلَقُ، وهو شِبْهُ الجُنُونِ. ومَحَلُّ ذِكْرِه في «ول ع» كما سَيَأْتِي.

  [أمع]: الإِمَّعُ والإِمَّعَةُ، كهِلَّعٍ وهِلَّعَةٍ ويُفْتَحانِ، الفَتْحُ لُغَةٌ عن الفَرَّاءِ. وقال ابنُ السَّرّاجِ: إِمَّعٌ فِعَّلٌ، لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِفْعَلُ وَصْفاً، وهو الرَّجُلُ لا رَأْيَ لَهُ ولا عَزْمَ، فهو يُتَابِعُ كُلَّ أَحَدٍ عَلَى رَأْيِهِ ولا يُثْبُتُ علَى شَيْءٍ والهَاءُ فيهِ لِلْمُبَالَغَةِ. ومنه حَدِيثُ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله تَعالَى عَنْه: «اغْدُ عالِماً، أَو متعلماً ولا تَكُنْ⁣(⁣٢) إِمَّعَةً» ولا نَظِيرَ لَهُ إِلّا رَجُلٌ إِمَّرٌ، وهو الأَحْمَقُ. قَالَ الأَزْهَرِيّ: وكَذلِكَ الإِمَّرَةُ، وهو الَّذِي يُوَافِقُ كُلَّ إِنْسَانٍ عَلَى ما يُرِيدُه، قال الشَّاعِرُ:

  لَقِيتُ شَيْخاً إِمَّعَهْ ... سَأَلْتُه عَمَّا مَعَهْ

  فَقَالَ ذَوْدٌ أَرْبَعَهْ

  وقالَ آخَرُ:

  فلا درَّ دَرُّكَ مِنْ صَاحِبٍ ... فَأَنْتَ الوُزَاوِزَةُ الْإِمَّعَهْ

  وفي حَدِيثٍ⁣(⁣٣) أَيْضاً: «لا يَكُونَنَّ أَحَدُكُمْ إِمَّعَةً». ورُوِيَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: كُنّا في الجَاهِليَّةِ نَعُدُّ الإِمَّعَةَ هو مُتَّبِع النَّاسِ إِلى الطَّعَامِ من غَيْرِ أَنْ يُدْعَى، وإِنَّ الإِمَّعَةَ فِيكُمُ اليَوْمَ المُحْقِبُ الناسِ دِينَه. قالَ أَبُو عُبَيْدٍ: والمَعْنَى الأَوّلُ يَرْجعُ إِلَى هذَا. قُلْتُ: ومَعْنَاهُ المُقَلِّدُ الَّذِي جَعَلَ دِينَه تابِعاً لدِينِ غَيْرِه بلا رَوِيَّةٍ ولا تَحْصِيلِ بُرْهَانٍ. وفي أَمَالِي القَالِي⁣(⁣٤): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بنُ الأَنْبارِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ المَدِينِيّ حَدَّثَنَا أبُو الفَضْلِ الرَّبعِيّ، حَدَّثَنَا نَهْشَلُ بنُ دارم عن أَبيه عَنْ جَدِّه عَنْ الحَارِثِ الأَعْوَرِ قالَ: سُئل عَلِيُّ بنُ أَبِي طالِبٍ رَضِيَ الله تعالَى عَنْهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَدَخَلَ مُبَادِراً، ثُمَّ خَرَجَ في رِدَاءٍ وحِذَاءٍ، وهُوَ مُتَبَسِّمٌ، فقِيلَ له: يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إنَّكَ كُنْتَ إِذا سُئِلْتَ عن المَسْأَلَةِ تَكُونُ فيها كالسِّكَّةِ المُحْمَاةِ، قالَ: إِنِّي كُنْتُ حَاقِناً، ولا رَأْيَ لحَاقِنٍ، ثم أَنْشَأَ يَقُولُ:

  إِذا المُشْكِلاتُ تَصَدَّيْنَ لِي ... كَشَفْتُ حَقَائِقَها بالنَّظَرْ⁣(⁣٥)

  لِسَانِي⁣(⁣٦) كشِقْشِقَةِ الأَرْحَبِيَّ ... أَوْ كالحُسَامِ اليَمَانِي الذَّكَرْ

  وِلَسْتُ بإِمَّعَةٍ فِي الرِّجالِ ... أُسَائلُ هذَا وذَا ما الخَبَرْ؟

  وِلكِنَّنِي مِذْرَبُ الأَصْغَرَيْنِ ... أُبَيِّنُ مَعْ⁣(⁣٧) مَا مَضَى ما غَبَرْ

  وِقِيلَ: الإِمَّعَةُ: المُتَردِّدُ فِي غَيْرِ صَنْعَةٍ. ورُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ: ما الإِمَّعةُ؟ قالَ: مَنْ يَقُولُ: أَنا مَعَ النّاس. قالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَرادَ بذلِكَ الَّذِي يَتْبَعُ كُلَّ أَحَدٍ عَلَى دِيِنِه، أَيْ لَيْسَ المُرَادُ بِهِ كَرَاهَةَ الكَيْنُونَةِ مع النّاسِ. وقال اللَّيْثُ: رَجُلٌ إِمَّعَةٌ، يَقُولُ لِكُلِّ أَحَدٍ: أَنَا مَعَكَ.


(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل مرعوع».

(٢) الأصل والنهاية واللسان، وفي التهذيب: ولا تغدُ.

(٣) في اللسان: قول ابن مسعود أيضا. ومثله في النهاية.

(٤) أمالي القالي ٢/ ١٠١.

(٥) بعده في الأمالي:

وِإن برقت في مخيل الصوا ... ب عمياء لا يجتليها البصر

(٦) في الأمالي: «لسانا» وبعد البيت فيها:

وِقلبا إذا استنطقته الفنون ... أبرّ عليها بواه درر

(٧) في الأمالي: أبيّن مما مضى.