تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع العين

صفحة 57 - الجزء 11

  وِنَحْنُ حَبَسْنَا الدُّهْمَ وَسْطَ بُيُوتِكمْ ... فلَمْ يَقْرَبُوها والرِّمَاحُ تَزَعْزَعُ

  وِنَحْنُ ضَرَبْنا فارِسَ الخَيْرِ مِنْكُمُ ... فَظَلَّ وأَضْحَى ذُو الفَقَارِ - يُكَرَّعُ

  وِمِن المَجَازِ: جَادَع مُجَادَعَةً وجِدَاعاً، إِذا شاتَمَ ب «جَدْعاً لكَ»، وشارَّ، كأَنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنْهُمَا جَدَعَ أَنْفَ صاحِبِه. وقِيلَ: جادَعَ: خَاصَمَ. قال النابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ:

  أَقارِعُ عَوْفٍ - لا أُحَاوِلُ غَيْرَهَا - ... وُجُوهُ قُرُودٍ تَبْتَغِي مَنْ تُجَادِعُ

  ويُرْوَى «وُجُوه كِلَابٍ»⁣(⁣١).

  كتَجَادَعُ. يقَال: تَرَكْتُ البلَادَ تَجَادَعُ أَفَاعِيهَا، أَيْ يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً، كما في الصّحاح. وحُكِيَ عن ثَعْلَبٍ: عامٌ تَجَدَّعُ أَفاعِيهِ وتَجَادَعُ، أَيْ يَأْكُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً لشِدَّتِهِ، وكَذلِكَ: تَرَكْتُ البِلادَ تَجَدَّعُ وتجَادَعُ أَفاعِيهَا، قالَ: ولَيْسَ هُنَاكَ أَكْلٌ، ولكِنْ يُرِيدُ تَقَطَّعُ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  الجَدْعُ: ما انْقَطَعَ من مَقَادِيمِ الأَنْفِ إِلَى أَقْصَاهُ، رَوَاهُ أَبو نصْرٍ عن الأَصْمَعِيّ، سُمِّيَ بالمَصْدَرِ. ونَاقَةٌ جَدْعاءُ: قُطِعَ سُدُسُ أُذُنِهَا أَوْ رُبعُهَا، أَوْ ما زادَ عَلَى ذلِكَ إِلَى النِّصْفِ. والجَدْعاءُ مِن المَعْزِ: المَقْطُوعُ ثُلُثُ أُذُنِها فصَاعِداً، وعَمَّ به ابنُ الأَنْبَارِيّ جَمِيعَ الشّاءِ المُجَدَّعِ الأُذُنِ.

  وقَوْلُ الشّاعِرِ:

  تَرَاهُ كَأَنَّ الله يَجْدَعُ أَنْفَهُ ... وِعَيْنَيْهِ إِنْ مَوْلاهُ ثابَ لَهُ وَفْرُ

  أَرادَ: ويَفْقَأُ عَيْنَيْهِ، كما قالَ آخَرُ:

  يا لَيْتَ بَعْلَكِ قَدْ غَدَا ... مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحَا

  واسْتَعَارَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ الجَدْعَ والعِرْنِينَ للدَّهْرِ، فَقَالَ:

  وِأَصْبَحَ الدَّهْرُ ذُو العِرْنِينِ قد جُدِعَا

  ويُقَالُ: اجْدَعْهُمْ بالأَمْرِ حَتَّى يَذِلُّوا، حَكَاهُ ابنُ الأَعْرَابِيّ ولَمْ يُفَسِّرْه. قالَ ابنُ سِيدَه: وعِنْدِي أَنَّهُ عَلَى المَثَلِ، أَيْ اجْدَعْ أُنُوفَهُم.

  وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ: المُجَدَّعُ من النّباتِ: ما قُطِعَ من أَعْلاهُ ونَوَاحِيهِ، أَو أُكِلَ.

  وِجَدِعَ الفَصِيلُ، كفَرِحَ: ساءَ غِدَاؤُه، أَوْ رُكِبَ صَغِيراً فوَهَنَ.

  وِجَدَعَ عِيَالَهُ جَدْعاً: إِذا حَبَسَ عَنْهُم الخَيْرَ.

  ويُقَالُ: جَدَّعهُ وشَرَّاهُ، إِذا لَقّاه شَرّاً وسُخْرِيَةً، كمَنْ يَجْدَعُ أُذُنَ عَبْدِه ويَبِعُه. وهو مَجَازٌ.

  وفي المَثَلِ «أَنفُكَ مِنْكَ وإِنْ كانَ أَجْدَعَ» يُضْرَبُ لِمَنْ يَلْزَمُكَ خَيْرُهُ وشَرُّهُ، وإِنْ كانَ لَيْسَ بمُسْتَحْكِمِ القُرْبِ. وأَوّلُ مَنْ قالَ ذلِكَ قُنْفُذُ بنُ جَعْوَنَةَ المازِنيُّ للرَّبِيعِ بنِ كَعْبٍ المازِنِيّ، ولَهُ قِصَّةٌ ذَكَرَها الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ⁣(⁣٢).

  وِأَجْدَعْتُ أَنْفَه: لُغَةٌ في جَدَعْتُ.

  وكانَ رَجُلٌ مِن صَعالِيكِ العَرَبِ يُسَمَّى مُجَدِّعاً، كمُحَدِّثٍ، لِأَنَّهُ كانَ إِذا أَخَذَ أَسِيراً جَدَعَهُ.

  والحَكَمُ ورَافِعُ ابْنا عَمْرِو بنِ المُجَدَّع، كمُعَظَّمِ: صَحَابِيّانِ ®، كَذَا نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ في العُبَابِ. قُلْتُ: ويُقَالُ لَهُمَا الغِفَارِيّانِ، وإِنَّمَا هُمَا من بَنِي ثَعْلَبَة⁣(⁣٣) أَخِي غِفَارٍ، نَزَلَ الحَكَمُ البَصْرَةَ، واسْتَعْمَلَهُ زِيَادٌ عَلَى خُرَاسَانَ، فَغَزَا وغَنِمَ، وكَانَ صالِحاً فاضلاً، وأَمّا أَخُوهُ رَافِعٌ فذَكَرَهُ ابنُ فَهْدٍ في المُعْجَمِ⁣(⁣٤)، فقالَ: رافِعُ بنُ عَمْرِو بنِ مُجدَّع الكِنَانيّ الضَّمْريّ أَخُو الحَكَم بن عَمْرو الغِفَارِيِّ، ولَيْسَ غِفَارِيّاً وإِنَّمَا هُمَا من ثَعْلَبَةَ⁣(⁣٥) أَخِي غِفَار، نَزَلَ البَصْرَة، وله حَدِيثَانِ، رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الله بنُ الصَّلْتِ، هكَذَا قالَ في اسْمِ جَدِّه مُخَدَّع⁣(⁣٦)، بالخَاءِ المُعْجَمَة والجِيمِ، فانْظُرْ ذلِكَ.


(١) وهي رواية الديوان.

(٢) وردت قصته في الفاخر للمفضل ص ١٤٩ ومجمع الأمثال للميداني مثل رقم ٤٠٠٧ وقد نقلها محقق المطبوعة الكويتية بحواشي ص ٤٢٠ ج ٢٠.

(٣) في اسد الغابة وجمهرة ابن حزم ص ١٨٦: نُعَيلة.

(٤) بالأصل: «مذكره ابن فهد في فهد في المعجم» والمناسب ما أثبتناه.

(٥) انظر ما تقدم، نُعيلة.

(٦) في أسد الغابة: مخدج وقيل مجدع، وفيه في ترجمة أخيه الحكم: مجدع.