تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جذع]:

صفحة 59 - الجزء 11

  قَالَ وأَمَّا قَوْلُ الشّاعِرِ، وهو الأَخْطَلُ يَمْدَحُ بِشْرَ بنَ مَرْوانَ:

  يا بِشْرُ لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْكُم بمَنْزِلَةٍ ... أَلْقَى عَلَيَّ يَدَيْهِ الأَزْلَمُ الجَذَعُ

  ويُرْوَى «يَدَيْهِ عَلَيَّ» فيُقَالُ الدَّهْرُ، ويُقَالُ: هو الأَسَدُ.

  وفي اللِّسَانِ: وهذا القَوْلُ خَطَأٌ. قال ابْنُ بَرِّيّ: قَوْلُ مَنْ قالَ: إِنَّ الأَزْلَمَ الجَذَعَ: الأَسَدُ لَيْسَ بشَيْءٍ.

  ويُقَالُ: لا آتِيكَ الأَزْلَمَ الجَذَعَ، أَي لا آتِيكَ أَبَداً، لأَنَّ الدَّهْرَ أَبَداً جَدِيدٌ، كأَنَّهُ فَتِيٌّ لَمْ يُسِنَّ.

  وِمِنَ المَجَازِ: أُمُّ الجَذَعِ: الدَّهْرُ جَذَعٌ أَبَداً، أَيْ جَدِيدٌ، كَأَنَّهُ شَابٌّ لا يَهْرَمُ. وقال ثَعْلَبٌ: الجَذَعُ مِنْ قَوْلِهِم: الأَزْلَمُ الجَذَعُ: كُلُّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ. هكَذَا حَكَاهُ. قالَ ابْنُ سِيدَه: ولا أَدْرِي وَجْهَه.

  وِالجَذْعَمَةُ: الصَّغِيرَةُ، وأَصْلُهَا جَذَعَةٌ، والمِيمُ زائِدَةٌ للتَّوْكِيدِ، كالَّتِي فِي: زُرْقُم، وفُسْحُم، وسُتْهُم ودِرْدِم، ودِلْقِمٍ، وشَجْعَم، وصِلْدِم، وضِرْزِمِ، ودِقْعِم، وحِصْرِم لِلْبَخِيل، وعَرْزَم، وشَدْقَم، وعَلْقَم، وجَلْعَم، وجُلْهُم⁣(⁣١) وصَلَخْدَم، وحُلْقُوم. وفي حَدِيث عَلِيّ ¥ أَنَّهُ قالَ: «أَسْلَمَ - والله - أَبُو بَكْرٍ وأَنَا جَذْعَمَةٌ أَقُولُ فَلا يُسْمَعُ، فَكَيْفَ أَكُونُ أَحَقَّ بمَقَامِ أَبِي بَكْرٍ ¥؟ أَيْ جَذَع حَدِيثُ السِّنِّ غَيْرُ مُدْرِكٍ. وفي تَاءِ الجَذْعَمة وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا المُبَالَغَةُ، والثانِي التَّأْنِيثُ، علَى تَأْوِيلِ النَّفْسِ أَو الجُثَّة.

  وِجَذَعَ الدَّابَّةَ، كَمَنَعَ: حَبَسَهَا عَلَى غَيْرِ عَلَفٍ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للعَجّاجِ:

  كَأَنَّهُ مِنْ طُولِ جَذْعِ العَفْسِ ... وِرَمَلَانِ الخِمْسِ بَعْدَ الخِمْسِ

  يُنْحَتُ من أَقْطَارِه بفَأْسِ

  وِالمَجْذُوعُ: الَّذِي يُحْبَس علَى غَيْرِ مَرْعًى، ويُرْوَى بالدَّالِ المُهْمَلَةِ أَيْضاً، عَنْ أَبِي الهَيْثَمِ، وهُمَا لُغَتَانِ، وقد تَقَدَّمَ. وجَذَعَ بَيْن البَعِيرَيْنِ، إِذا قَرَنَهُمَا في قَرَنٍ، أَيْ حَبْلٍ.

  كَذَا في النَّوادِرِ.

  وِالجِذَاعُ، ككِتَابٍ: أَحْيَاءٌ من بَنِي سَعْدٍ⁣(⁣٢)، مَشْهُورُونَ بهذَا اللَّقَبِ، وخَصَّ أَبُوء عُبَيْدٍ بالجِذاعِ رَهْطَ الزِّبْرِقانِ. قالَ المُخَبَّلُ يَهْجُو الزِّبْرِقان:

  تَمَنَّى حُصَيْنٌ أَنْ يَسُودَ جِذَاعُه ... فأَمْسَى حُصَيْنٌ قَدْ أَذَلَّ وأَقْهَرَا

  أَيْ قَدْ صارَ أَصْحَابُه أَذِلّاءَ مَقْهُورِين، ورَواهُ الأَصْمَعِيّ: «قَدْ أُذِلَّ وأُقْهِرَا»، فأُقْهِرَ في هذا لُغَةٌ في قُهِرَ، أَوْ يَكُونُ أُقْهِرَ، وُجِدَ مَقْهُوراً، وقد تَقَدَّم البَحْثُ فيه في «ق هـ ر».

  وِجُذْعَانُ الجِبَالِ، بالضَّمِّ: صِغَارُهَا. قال ذُو الرُّمَّة يَصِفُ السَّرَابَ.

  وِقَدْ خَنَّقَ الآلُ الشَّعافَ، وغَرَّقَتْ ... جَوَارِيهِ جُذْعَانَ القِضَافِ النَّوابِكِ

  القِضَافُ: جَمْعُ قَضَفَةٍ، وهِي قِطْعَةٌ، من الأَرْضِ مُرْتَفِعَةٌ، لَيْسَت بطِينٍ ولا حِجَارَةٍ، ويُرْوَى: «البَرَاتِكِ» وهِيَ مِثْلُ القِضَافِ. قَالَ شَيْخُنَا: جُذْعانُ الجِبَالِ، هكَذَا في النُّسَخِ العَتِيقَةِ، وبَعْضُ أَرْبَابِ الحَوَاشِي قد حَرَّفَهُ بالمِيمِ فَقَالَ: الجِمَالِ، وهو غَلَطٌ.

  وِقَالَ ابنُ شُمَيْل: ذَهَبُوا جِذَعَ مِذَعَ، كعِنَب، مَبْنِيَّتَيْنِ بالفَتْح، أَيْ تَفَرَّقُوا في كُلِّ وَجْهٍ لُغَةٌ في خِذَع، بالخَاءِ المُعْجَمَة.

  وِالجِذْعُ، بالكَسْرِ: سَاقُ النَّخْلَةِ وقال بَعْضُهُمْ: لا يُسَمَّى جِذْعاً إِلّا بَعْد يُبْسِهِ. وقِيلَ: إِلَّا بَعْد قَطْعِهِ، وقِيل: لا يَخْتَصُّ باليَابِسِ ولا بما قُطِعَ، لقَوْلهِ تَعَالَى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}⁣(⁣٣) ورُدَّ بأَنَّهُ كانَ يَابِساً في الوَاقِعِ، فلا تَدُلُّ الآيَةُ عَلَى تَقْيِيدٍ ولا إِطْلاقٍ، كَمَا حُرِّرَ في تَفْسِيرِ البَيْضَاوِيّ وحَوَاشِيهِ. وفي الحَدِيثِ: «يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ القَذَى في عَيْنِ أَخِيهِ، وَيَدَعُ الجِذْعَ في عَيْنَيْهِ» والجَمْع أَجْذَاعٌ وجُذُوعٌ.

  وِجِذْع بنُ عَمْرٍو الغَسَّانِيُّ مَشْهُورٌ، ومِنْهُ «خُذْ مِنْ جِذْعِ مال أَعْطَاكَ» يُقَالُ: كَانَتْ غَسَّانُ تَؤَدِّي كُلَّ سَنَةٍ إِلى مَلِكِ


(١) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «جلهتم».

(٢) في التكملة: «بني أسعد» والأصل والقاموس كالتهذيب واللسان.

(٣) سورة مريم الآية ٢٥.