تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذهب]:

صفحة 506 - الجزء 1

  العباس ثعلبٌ: ذَهَبَ وأَذْهَبَ في الفصيح، وصَحَّحَ التَّفْرِقَةَ، انتهى، قلتُ: ويقولونَ: ذَهَب الشَّأْمَ، فَعَدَّوْه بغير حَرْفٍ، وإِن كان الشأْمُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً، شَبَّهُوه بالمَكَانِ المُبْهَمِ.

  ومن المجاز المَذْهَبُ: المُتَوَضَّأُ⁣(⁣١) لأَنَّه يُذْهَبُ إِليه، وفي الحديث أَن النبيّ ÷ «كَانَ إِذا أَرَادَ الغَائِطَ أَبْعَدَ في المَذْهَبِ» وهو مَفْعَلٌ مِن الذَّهَابِ، وعن الكسائيّ: يقالُ لِمَوْضِعِ الغَائِطِ: الخَلَاءُ والمَذْهَبُ والمِرْفَقُ، والمِرْحَاضُ، وهو لُغَةُ الحجازيّين. ومن المجاز: المَذْهَبُ: المُعْتَقَد الذي يُذهَب إِليْهِ وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لِمَذْهَبِه الذي يَذْهَب فيه. والمَذْهَب: الطَّرِيقَةُ يقال: ذَهَبَ فلانٌ مَذْهَباً حَسَناً، أَي طريقةً حَسَنَةً، والمَذْهَبُ: الأَصْلُ حكى اللحيانيُّ عن الكسائِيّ: مَا يُدْرَى لَهُ أَيْنَ مَذْهَبٌ، وَلَا يُدْرَى لَهُ مذهبه⁣(⁣٢) أَي لا يُدْرَى أَيْنَ أَصْلُه.

  والمُذْهَبُ بِضَمِّ المِيمِ اسْمُ الكَعْبَةِ زِيدَتْ شَرَفاً.

  والمُذْهَبُ مِنَ الخَيْلِ: مَا عَلَتْ حُمْرَتَهُ صُفْرَةٌ، والأُنْثَى: مُذْهَبَةٌ، وإِنّمَا خَصَّ⁣(⁣٣) الأُنْثَى بالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً، ويقال: كُمَيْتٌ مُذْهَبٌ: لِلَّذِي تَعْلُو حُمْرَتَهُ صُفْرَةٌ، فإِذا اشْتَدَّت حُمْرَتُهُ ولم تَعْلُهُ صُفْرَةٌ فهو المُدَمَّى، والأُنْثَى: مُذْهَبَةٌ، والمُذْهَبُ: فَرَسُ أَبْرَهَةَ بنِ عُمَيْرٍ بنِ كُلْثُومٍ وأَيضاً فَرَسُ غَنِيِّ بنِ أَعْصُرَ أَبِي قَبِيلَةٍ، والمُذْهَبُ: اسْمُ شَيْطَانٍ يقال: هو من وَلَدِ إِبْلَيسَ، يَتَصَوَّرُ لِلْقُرَّاءِ فَيَفْتِنُهُمْ عِنْدَ الوُضُوءِ وغيرِه، قاله الليثُ، وقال ابن دُرَيْد: لا أَحْسَبُه عَرَبِيًّا، وفي الصحاح، وقولُهُمْ: بِه مُذْهَبٌ يَعْنُونَ الوَسْوَسَةَ في المَاءِ وكُثْرِ⁣(⁣٤) اسْتِعْمَالِهِ في الوُضُوءِ، انتهى، قال الأَزهريّ: وأَهْلُ بَغْدَادَ يقولون لِلْمُوَسْوِسِ من النَّاسِ: المُذْهِبُ، وعَوَامُّهُمْ يقولون: المُذْهَبُ بفَتحِ الهاءِ وكَسْرُ هَائِهِ الصَّوَابُ قال شيخُنا: عَرَّفَ الجُزْأَيْنِ لإِفَادَةِ الحَصْرِ، يَعْنِي أَنَّ الصَّوَابَ فيه هو الكَسْرُ لا غيرُ وَوَهِمَ الجَوْهَرِيُّ وأَنْتَ خَبِيرٌ بأَنَّ عبارةَ الجوهريّ ليس فيها تَقْيِيدُ فَتْحٍ أَو كَسْرٍ، بل هي مُحْتَمِلَةٌ لهما، اللهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ضَبْطَ قَلَمٍ، فقد جَزَمَ القُرْطُبِيُّ وطَوَائفُ مِن المُحَدِّثِينَ، ومِمَّنْ أَلَّفَ في الرُّوحَانِيِّينَ أَنه بالفَتْحِ، وأَنْتَ خَبِيرٌ بأَنَّ هذا وأَمْثَالَ ذلك لا يكونُ وَهَماً، أَشَارَ له شيخنا.

  وأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُذْهِبِ: مُحَدِّثٌ، حَدَّثَ عن أَبِي بَكْرٍ القَطِيعيّ وغيرِهِ.

  والذَّهَبُ معروفٌ، قاله الجوهريّ وابنُ فارسٍ وابن سيده والزُّبَيْدِيّ والفَيُّوميّ، ويقال: وهو التِّبْرُ قاله غيرُ وَاحِدٍ من أَئمة اللغة، فَصَرِيحُهُ: تَرَادُفُهُمَا، والذي يَظْهَرُ أَن الذهَب: أَعَمُ مِن التِّبْرِ، فإِنَّ التِّبْرَ خَصُّوهُ بما في المَعْدِنِ، أَو بالذي لم يُضْرَبْ ولم يُصْنَعْ، ويُؤَنَّثُ فيقالُ: هي الذَّهَبُ⁣(⁣٥) الحَمْرَاءُ، ويقال: إِنَّ التأْنيثَ لُغَةُ أَهْلِ الحِجَازِ، ويقولونُ نَزَلَتْ بِلُغَتِهِمِ. {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ}⁣(⁣٦) والضَّمِيرُ للذَّهَبِ فَقَطْ، خَصَّهَا بذلك لِعِزَّتِهَا، وسَائِرُ العَرَبِ يقولونَ: هُوَ الذَّهَبُ، قال الأَزهريّ: الذّهَبُ مُذَكَّرٌ عند العَرَبِ، ولا يجوزُ تَأْنِيثُه، إِلَّا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لِذَهَبَةٍ، وقيلَ: إِنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إِلى الفِضَّةِ، لكثرتها، وقيل إِلى الكُنُوزِ، وجائزٌ أَن يكونَ محمولاً على الأَمْوَالِ، كما هُو مُصَرَّح في التفاسير وحَوَاشِيهَا، وقال القُرطُبيّ: الذَّهَبُ مُؤَنَّثٌ، تقولُ العَرَبُ: الذَّهَبُ الحَمْرَاءُ، وقد يُذَكَّرُ، والتأْنيثُ أَشهَرُ. واحدتُهُ بهاءٍ، وفي لسان العرب الذَّهَبُ: التِّبْرُ، والقِطْعَةُ منه ذَهَبَةٌ، وعلى هذا يذكَّرُ ويُؤَنَّثُ على ما ذُكِر في الجَمْعِ الذي لا يفارِقُه واحِدُه إِلا بالهَاءِ وفي حديثِ عَلِيٍّ كَرَّمَ الله وجهه «فَبَعَثَ مِنَ اليَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ» قال ابن الأَثِير: وهي تصغيرُ ذَهَبٍ وأَدْخَلَ فيهَا الهَاءَ لأَن الذَّهَبَ يُؤَنَّثُ، والمُؤَنَّثُ الثُّلَاثِيُّ إِذَا صُغِّرَ أُلحقَ في تَصْغِيرِه الهَاءُ، نحوُ قُوَيسَةٍ وشُمَيْسَةٍ، وقيلَ: هو تَصْغِيرُ ذَهَبَةٍ، على نِيَّةِ القِطْعَةِ مِنْهَا، فصَغَّرَهَا عَلَى لَفْظِهَا، ج أَذْهَابُ، كسَبَبٍ وأَسْبَابٍ، وذُهُوبٌ بالضَّمِّ، زادَهُ الجوهَرِيّ وذُهْبَانٌ بالضَّمِّ كَحَمَلٍ وحُمْلَانٍ، وقد يُجْمَعُ بالكَسْرِ أَيضاً، وفي حديث عليٍّ كَرّمَ الله وجهه «لَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ


(١) وهو كذلك عند أهل الحجاز (الأساس).

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ما يدري كذا بخطه ولعله ما يدرى له مذهب ولا يدري أين مذهبه.»

(٣) قوله وإنما خص الخ حق هذه العبارة أن تذكر عند قوله في الحديث الآتي: حتى رأيت وجه رسول الله ÷ كأنه مذهبة فقد ذكرها ابن الأثير هناك فراجعه».

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في التكملة متعقباً الجوهري والصواب كسر الهاء.» وفي الصحاح واللسان: وكثرة استعماله بدل وكثر استعماله.

(٥) عن اللسان، وبالأصل «مذهب».

(٦) سورة التوبة الآية ٣٤.