تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جنع]:

صفحة 80 - الجزء 11

  وِجُنْدَعٌ: اسْمٌ، وهو أَبُو قَبِيلَة. وقَالَ الحافِظُ في التَّبْصِير: جُنْدَعٌ - بالضَّمِّ وفَتْحِ الدّالِ - صَحَابِيٌّ، قُلْتُ: وهو جُنْدَعُ بنُ ضَمْرَةَ اللَّيْثِيّ، أو الضَّمْرِيّ، قَالَهُ بَعْضُهُم عَن ابْنِ إِسْحَاقَ عَن ابْنِ قُسَيْطٍ. وجُنْدَعٌ الأَنْصَارِيُّ الأَوْسِيُّ، قِيلَ: لَهُ صُحْبَةٌ، ورُوِيَ مِن طَرِيقِه حَدِيثُ: «من كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً» وفيه نَظَرٌ، وقَدْ أوْدَعْنَا البَحْثَ فيه في رِسَالَةٍ ضَمَّنَّاها تَخْرِيجَ هذَا الحَدِيثِ الشَّرِيفِ مِن طُرُقِهِ المَرْوِيَّة، فَرَاجِعْهَا.

  [جنع]: الجَنَعُ، مُحَرَّكَةً، وكأَمِير، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللِّسَان. وقال ابنُ عَبّاد: هو النَّبَاتُ الصِّغَارُ، قالَ: أَو الجَنِيعُ: حَبُّ أَصْفَرُ يَكُونُ علَى شَجَرِهِ مِثْلُ الحَبَّةِ السَّوْداءِ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ هكَذَا في كِتَابَيْهِ عَنْهُ.

  [جوع]: الجُوعُ، بالضَّمِّ: اسْمٌ جامِعٌ لِلْمَخْمَصَةِ، وهو ضِدُّ الشِّبَعِ.

  وِالجَوْعُ، بالفَتْحِ: المَصْدَرُ يقالُ: جاعَ يَجُوعُ جَوْعاً ومَجَاعَةً، فهو جَائعُ وجَوْعَانُ وجَيْعان خَطَأْ، وهي جائِعَةٌ وجَوْعَى، مِنْ قَوْمٍ ونِسْوَةٍ جِيَاعٍ، بالكَسْر، وجُوَّعٍ، كرُكَّعٍ، وجُيَّعٍ، علَى القَلْبِ، كما في اللِّسَانِ، وبهما رُوِيَ قَوْلُ الحَادِرَةِ:

  وِمُجَيَّشٍ تَغْلِي المَرَاجِلُ تَحْتَهُ ... عَجَّلْتُ طَبْخَتَهُ لرَهْطٍ جُوَّعِ

  هكَذَا أَنْشَدَه ابنُ الأَعْرَابِيّ، ويُرْوَى: «جُيَّعِ». وشَاهِدُ الجِيَاعِ قَوْلُ القُطَامِيّ:

  كَأَنَّ نُسُوعَ رَحْلي حِينَ ضَمَّتْ ... حَوالِبَ غُزَّراً ومِعىً جِيَاعَا

  عَلَى وَحْشِيَّةٍ خَذَلَتْ خَلُوجٍ ... وِكانَ لَهَا طَلاً طِفْلٌ فضَاعَا

  وِابْنُ جاعَ قَمْلُه: لَقَبٌ، كتَأَبَّطَ شَرّاً، وذَرَّى حَبَّا، وبَرَقَ نَحْرُهُ، وشابَ قَرْنَاها. ويُقَالُ: لَيْسَ هو بابْنِ جاعَ قَمْلُهُ. قالَ أُمَيَّةُ بنُ الأَسْكَرِ:

  وِلا بِابْنِ جاعَ قَمْلُهُ عِنْدَ عامِرٍ ... مُقِيتاً عَلَيْهِ قَمْلُهُ يَتَنَسَّرُ

  المُقِيتُ: الجادُّ في الأَمْرِ. وتَنَسَّرَ: اصْطَادَ النُّسُورَ. ورَبِيعَةُ الجُوعِ: هو ابنُ مالِكِ بنِ زَيْد مَناةَ: أَبُو حَيٍّ مِن تَمِيمٍ.

  وِمن المَجَازِ: جاعَ إِلَيْه، أَيْ إِلَى لِقَائِهِ. إِذا عَطِشَ.

  وِجاعَ إِلَى مَالِهِ وعَطِشَ، أَي اشْتاقَ، عن أَبِي زَيْدٍ. وفي المُحْكَمِ: جاعَ إِلَى لِقَائِهِ: اشْتَهاهُ، كعَطِشَ، على المَثَلِ.

  وِمِنَ المَجَازِ أَيْضاً: امْرَأَةٌ جَائعَةُ الوِشَاحِ إِذَا كَانَتْ ضَامِرةَ البَطْنِ. ويُقَالُ: هو مِني علَى قَدْرِ مَجَاعِ الشَّبْعَانِ، أَي عَلَى قَدْرِ ما يَجُوعُ الشَّبْعَانُ، كَذا في العُبَابِ، زادَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وعلَى قَدْرِ مَعْطَشِ الرّيَّانِ، مِثْلُ ذلِكَ.

  وِفي المَثَل: «سِمَنُ كَلْبٍ بالإضافَةِ والنَّعتِ رُوِيَ بِهِمَا بجُوعِ أَهْلِهِ ويُرْوَى: بِبُؤْسِ أَهْلِهِ. أَيْ بوُقُوع، وفي العُبَابِ: عِنْدَ وُقُوعِ السُّوَافِ في المَالِ ووُقُوعِهِمْ في البَأْساءِ والضَّرَّاءِ وهُزَالهِم. أَوْ كَلْبُ: اسْمُ رَجُل خِيفَ، فَسُئلَ رَهْناً، فرَهَنَ أَهْلَهُ، ثُمَّ تَمَكَّنَ من أَمْوالِ مَنْ رَهَنَهُمْ أَهْلَه، فسَاقَها وتَرَكَ أَهْلَه، فضُرِبَ المَثَلُ.

  وِيُقَالُ: هذا عَامُ مَجَاعَةٍ ومَجُوعَةٍ، بضَمِّ الجِيم، ومَجْوَعَةٍ، كَمَرْحَلَةٍ، أي فيه الجُوعُ، ج: مَجَائعُ⁣(⁣١) ومَجَاوِعُ. يُقَالُ: أَصابَتْهُم المَجَاوعُ.

  وِأَجَاعَهُ: اضْطَّرَهُ إِلى الجُوعِ، قالَ الشّاعِرُ.

  أَجاعَ الله مَنْ أَشْبَعْتُمُوهُ ... وِأَشْبَعَ مَنْ بِجَوْرِكُم أُجِيعَا

  كجَوَّعَهُ، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:

  كَانَ الجُنَيْدُ وهُوَ فِينَا الزُّمَّلِقْ ... مُجَوَّعَ البَطْنِ كِلابِيَّ الخُلُقْ

  يَعْدُو عَلَى القَوْمِ بِصَوْتٍ صَهْصَلِقْ

  وِبهما يُرْوَى المَثَلُ: أَجِعْ كَلْبَكَ يَتْبَعْكَ. ويُقَالُ: جَوِّعْ أَيْ اضْطَرَّ اللَّئِيمَ إِلَيْكَ بالحَاجَةِ، لِيَقَرَّ عِنْدَكَ فإِنَّهُ إِذا اسْتَغْنَى عَنْكَ تَرَكَكَ. وحُكِيَ أَنَّ المَنْصُورَ العَبّاسيّ قالَ ذَاتَ يَوْم لقُوَّادِهِ: لَقَدْ صَدَقَ الأَعْرَابِيُّ حَيْثُ قالَ: «جَوِّعْ كَلْبَكَ يَتْبَعْكَ» فقالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: «يا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَخْشَى - إِنْ فَعَلْتَ ذلِكَ - أَنْ يُلَوِّحَ لَهُ غَيْرُكَ برَغِيفٍ فَيَتْبَعَهُ وَيَتْرُكَكَ».

  فأَمْسَكَ المَنْصُور، وَلَمْ يُحِرْ جَوَاباً.


(١) في القاموس: «مجايع».