[خبع]:
  أَسَدِ بنِ رَبِيعَةَ، كانَ مسؤوماً، لأَنَّهُ دَلَّ كُثَيْفَ(١) بِنَ عَمْرٍو التَّغْلِبِيّ وأَصْحابَهُ عَلَى بَنِي الزَّبَّانِ الذُّهْلِيّ قالَ أَبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَبِيبَ في كتابِ مُتَشَابِه القَبَائِلِ ومُتَّفِقها: «وفي بَنِي ذُهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ الزَّبَّانُ بنُ الحارِثِ بنِ مالِكِ بنِ شَيْبَانَ بنِ سَدُوس بنِ ذُهْلٍ، بالزاي والباءِ بوَاحِدَةٍ. وذكر القَاضِي أَبو الوَلِيدِ هِشامُ بنُ أَحْمَدَ الوَقَّشِيُّ في نَقْدِ الكِتَاب، الرَّيَّانَ، بالراءِ والياءِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: الذُّهْلِيّ هُوَ الصَّحِيحُ، كما عَرَفْتَ، وقَدْ وُجِدَ بخَطِّ أَبِي سَهْلٍ الهَرَوِيّ بالدَّالِ المُهْمَلَةِ، وهو خَطَأ، لتِرَةٍ كانَتْ عِنْدَ عَمْرو بنِ الزَّبَّان، وكانَ سَبَبُ ذلِكَ أَنَّ مالِكَ بنَ كومَةَ الشَّيْبَانِيَّ لَقِيَ كُثَيْفَ بِنَ عَمْرٍو في [بَعضِ](٢) حُرُوبِهم، وكانَ مَالِكٌ نَحِيفاً قَلِيلَ اللَّحْمِ، وكانَ كُثَيْفٌ ضَخْماً، فَلَمَّا أَرادَ مَالِكٌ أَسْرَ كُثَيْفٍ اقْتَحَمَ كُثَيْفٌ عَنْ فَرَسِهِ لِيَنْزِلَ إِليه مالِكٌ، فأَوْجَرَهُ مالِكُ السِّنَانَ، وقال: لتَسْتَأْسِرَنَّ أَوْ لأَقْتُلَنَّكَ، فاسْتَبَقَ(٣) هو وعَمْرُو بنُ الزَّبّان، وكِلاهُمَا أَدْرَكَه، فَقَالا: «قَدْ حَكَّمْنَا كُثَيفاً، يا كُثَيْفُ، مَنْ أَسَرَكَ؟» فَقالَ: «لَوْ لا مَالِكُ بنُ كُومَةَ كُنْتُ في أَهْلِي»، فَلَطَمَهُ عَمْرُو بنُ الزَّبَّانِ، فغَضِبَ مَالِكٌ.
  وقالَ: «تَلْطُم أَسِيِري، إِنّ فِدَاءَكَ يا كُثَيْفُ مائةُ بَعِير، وقد جَعَلْتُهَا لَكَ بلَطْمَةِ عَمْرٍو وَجْهَكَ»، وجَزَّ نَاصِيَتَه وأَطْلَقَهُ، فلَمْ يَزَلْ كُثَيْفٌ يَطْلُبُ عَمْراً باللَّطْمَةِ حَتّى دَلّ عَلَيْهِ رَجُلٌ من غُفَيْلَةَ يُقَالُ لَهُ: خَوْتَعَةُ، وقَدْ نَدَّتْ لَهُمْ إِبِلُ، فخَرَجَ عَمْرٌو وإِخْوَتُهُ في طَلَبِها فأَدْرَكُوها، فذَبَحُوا حُوَاراً فاشْتَوَوْه.
  فأَتَوْهُم، أَي كُثَيْفٌ وأَصْحَابُهُ بضعْفِ عِدَادِهم وقد(٤) جَلَسُوا عَلَى الغَدَاءِ وأَمَرَهم إذا جَلَسُوا مَعَهُم على الغَداءِ، أَن يُكَنِّفَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُم رَجُلانِ، فمَرُّوا فيهِمْ مُجْتَازِينَ، فَدَعَوْهُمْ فأَجَابُوهُم، فجَلَسُوا كَمَا ائتُمِرُوا، فَلَمَّا حَسَر كُثَيْفٌ عن وَجْهِهِ العِمَامَةَ عَرَفَه عَمْرٌو، فَقَالَ عَمْرٌو: يا كُثَيْفُ، إنَّ في خَدِّي وِقَاءً مِنْ خَدِّك، وما فِي بَكْرِ بنِ وائلٍ خَدٌّ أَكْرَمُ مِنْهُ فَ لا تَشُبَّ الحَرْبَ بَيْنَنَا وبَيْنَكَ. قالَ: كَلَّا، بَلْ أَقْتُلُكَ وأَقْتُلُ إِخْوَتَكَ، قالَ: فَإنْ كُنْتَ فاعِلاً فأطْلِقْ هؤلاءِ الَّذِينَ لَمْ يَتَلَبَّسُوا بالحُرُوبِ، فإِنَّ ورَاءَهُم طَالِباً أَطْلَبَ مِنِّي - يَعْنِي أَباهُمْ - فَقَتَلَهُمْ وجَعَلَ، وفي العُبَاب: فَقَتَلُوهُمْ وجَعَلُوا رؤوسَهم في مِخْلاةٍ، وعَلَّقَهَا فِي عُنُقِ نَاقَةٍ لَهُمْ يُقَال لَهَا: الدُّهَيْمُ، فَجَاءَت النَّاقَةُ والزَّبَّانُ جَالِسٌ أَمامَ بَيْتِه، فبَرَكَت.
  فقالَ: يا جَارِيَةُ، هذِهِ ناقَةُ عَمْرٍو، وقَدْ أَبْطَأَ هو وإخْوَتُهُ، فقَامَت الجَارِيَةُ، فجَسَّتِ المِخْلاةَ، فقَالَتْ: قَدْ أَصابَ بَنُوكَ بَيْضَ النَّعامِ، فجاءَتْ بالمِخْلاةِ فأَدْخَلَتْ يَدَهَا فأَخْرَجَتْ رَأْسَ عَمْرٍو، ثُمَّ رُؤُوسَ إِخْوَتِهِ، فَغَسَلَهَا الزَّبَّانُ، ووَضَعَهَا عَلَى تُرْس. وقالَ: «آخِرُ البَزِّ عَلَى القَلُوصِ» فذَهَبَتْ مَثَلاً، أَيْ هذا آخَرُ عَهْدِي بهم، لا أَراهُمْ بَعْدَهُ، وشَبَّتِ الحَرْبُ بَيْنَهُ وبَيْنَ بَنِي غُفَيْلَةَ حَتّى أَبَادَهُم، فضَرَبَتِ العَرَبُ بخَوْتَعَةَ المَثَلَ في الشُّؤْمِ، وبحِمْلِ الدُّهَيْمِ في الثِّقَلِ. وقَدْ ذَكَره الجَوْهَرِيُّ مُخْتَصَراً، وأَطَالَ المُصَنِّفُ في شَرْحِهِ تَقْلِيداً للصّاغَانِيّ على عادَتِه.
  وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: يُقَالُ للرَّجُلِ الصَّحِيحِ: هو أَصَحُّ مِنَ الخَوْتَعَةِ.
  وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الخَتعَةُ(٥) أُنْثَى النُّمْورِ.
  وِالخَتِيعَةُ، كسَفِينَةٍ، كَذا في الصّحاح، ووُجِدَ بخَطِّ الجَوْهَرِيّ: الخَيْتَعَةُ، كحَيْدَرَةٍ(٦)، والأَوَّلُ الصَّوَابُ: قِطْعَةٌ مِنْ أَدَمٍ يَلُفُّهَا الرَّامِي عَلَى أَصابِعِهِ، كما في العُبَابِ، أَيْ عِنْدَ رَمْيِ السِّهَام. وفي الصّحّاحِ: جُلَيْدَةٌ يَجْعَلُهَا الرّامِي علَى إِبْهَامِهِ، ومِثْلُهُ في الأَسَاسِ، وتَقُولُ: أَخَذَ الرّامِي الخَتِيعَةَ، وأَمِنَ الرّاعِي الخَدِيعَةَ.
  وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: الخِتَاعُ كَكِتَابٍ: الدَّسْتَبَانَاتُ، مِثْل ما يَكُونُ لأَصْحَابِ البُزَاةِ، فَارِسِيّة.
  وِالخَتِيعُ، كأَمِيرٍ: الدّاهِيَةُ، والَّذِي نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ عن ابْنِ عَبّادٍ: الخَيْتَعُ، كحَيْدَر: الدَّاهِيَةُ.
  وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: انْخَتَعَ الرَّجُلُ في الأَرْضِ، إذا ذَهَبَ فيها وأَبْعَدَ.
  * وممّا يُسْتَدْركُ عَلَيْه:
  خَتَعَ فِي الأَرْضِ خُتُوعاً: ذَهَبَ وانْطَلَقَ.
  وَرَجُلٌ خُتَعَةٌ، كهُمَزَة: سَرِيعٌ في المَشْيِ.
(١) ضبطت عن اللسان، وضبطت في مجمع الميداني: «كُثَيِّف» مثل رقم ٢٠٣٠.
(٢) زيادة عن الميداني.
(٣) عند الميداني: «فاحتقّ فيه هو ...»
(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «وهم قد».
(٥) في التكملة: والخُتَعَة مثال الهُمَزَة.
(٦) الذي في الصحاح المطبوع: والختيعة.