تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خسع]:

صفحة 95 - الجزء 11

  لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتُ ... سُورُ المَدِينَةِ، والجِبَالُ الخُشَّعُ

  وقالَ النابِغَةُ الذُّبْيَانِيّ يَصِفُ آثارَ الدِّيَارِ:

  رَمَادٌ ككُحْلِ العَيْنِ ما إِنْ تَبِينُه ... وِنُوىٌ كجِذْمِ الحَوضِ أَثْلَمُ خاشِعُ

  وفي اللِّسَان: الخاشِعُ من الأَرْضِ: الَّذِي تُثِيرُه الرِّيَاحُ لِسُهُولَتِهِ، فَتَمْحُو آثَارَهُ.

  وقَالَ الزَّجّاج في قَوْلِهِ تَعَالَي: {وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً}⁣(⁣١).

  أَيْ مُتَغَيَّرَةً، أَرادَ مُتهشِّمَة النَّبَاتِ. وقَالَ غَيْرُهُ: أَىْ مُطْمَئِنَّةً سَاكِنَةً. وقَالُوا: إِذا يَبِسَتِ الأَرْضُ ولَمْ تُمْطَرْ قِيلَ: قد خَشَعَتْ. وذَكَرَ الآيَة⁣(⁣٢). قال: والعكرَبُ تَقُولُ: رَأَيْنا أَرْض بَنِي فُلانٍ خَاشِعَةً هَامِدَة، ما فِيهَا خَضْرَاءُ.

  وِالمَكَانُ الخاشِعُ أَيْضاً: الَّذِي لا يُهْتَدَى له، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ.

  وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: للْخُشُوعِ مَوَاضِعُ: الخَاشِعُ: المُسْتَكِينُ. والخاشِعُ: الرَّاكِعُ في بَعْضِ اللُّغَاتِ.

  وِمِنَ المَجَازِ: خَشَعَ السَّنَامُ، أَيْ سَنَامُ البَعِيرِ، إِذَا ذَهَبَ إِلّا أَقَلَّهُ، كَمَا في العُبَابِ. وفي اللِّسَانِ: إِذا أُنْضِيَ، فذَهَبَ شَحْمُهُ، وتَطَأْطَأَ شَرَفُهُ.

  وِخَشَعْ فُلانٌ خَرَاشِيَّ صَدْرِهِ فخَشَعَتْ هِيَ: إِذا أَلْقَي بُزَاقاً لَزِجاً، لازِمُ مُتَعَد، كما في العُبَاب. وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: أَىْ رَمَى بِهَا.

  قال: والخِشْعَةُ، بالكَسْرِ: الصَّبِيُّ يُلْزَقُ، هكَذَا فِي النُّسَخِ، والصَّوابُ: يُبْقَرُ عَنْهُ بَطْنُ أُمَّه إِذا ماتَتْ وهو حَيُّ.

  قالَ ابنُ بَرّيّ: قالَ ابنُ خالَوَيْه: والخِشْعَةُ: وَلَدُ البَقِيرِ، والبَقِيرُ: المَرْأَةُ تَمُوتُ وفي بَطْنِهَا وَلَدٌ حَيُّ، فَيُبْقَرُ بَطْنُهَا ويُخْرَج، وكانَ بَكِيرُ بن عَبْدِ العَزيزِ خِشْعَةً. قالَ صاحِبُ اللِّسَانِ: ورَأَيْتُ في حاشِيَةِ نُسْخَةٍ من أَمالِي الشَّيْخِ ابْنِ بَرِّيّ مَوْثُوقٍ بِهَا، قالَ الحُطَيْئَةُ يَمْدَحُ خارِجَةَ بنَ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ ابن بَدْر:

  وِقَدْ عَلِمَتْ خَيْلُ ابنِ خِشْعَةَ أَنَّهَا ... مَتَي تَلْقَ يَوماً ذَا جِلَادٍ تُجَالِدِ

  خِشْعَةُ: أَمُّ خَارِجَةَ، وهي البَقِيرَةُ. كانَتْ ماتَتْ وهو في بَطْنِهَا يَرْتَكِم، فبُقِرَ بَطْنُهَا فسُمِّيَت البَقيرَة، وسُمِّيَ خارجَة، لأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ من بَطْنِهَا.

  وِالخُشْعَةُ، بالضَّمِّ: القِطْعَةُ من الأَرْضِ الغَلِيظَة، عَنِ ابْنِ دُرَيْدِ. وقالَ اللَّيْثُ: الخُشْعَة من الأَرْض: قُفٌّ قد غَلَبَتْ عَليه السُّهُولَةُ، أَيْ لَيْسَ بحَجَرٍ ولا طِينٍ.

  وِقالَ الجَوْهَرِيّ: هي الأَكَمَةُ المُتَوَاضِعَةُ. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: العَرَبُ تَقُولُ للْجَثَمَةِ اللاطِئَةِ المُلْتَزِقَةِ بالَرْضِ هي الخُشْعَةُ والسَّرْوَعةُ والقَائدَةُ. وج: خُشَعُ، كصُرَدٍ. قال أَبو زُبَيْدٍ يَصِفُ صُرُوفَ الدَّهْرِ.

  جَازِعَاتٍ إِلَيْهِمُ خُشَعَ الأَوْ ... داةِ قُوتاً تُسْقَى ضَيَاحَ المَدِيدِ

  الأَوْدَاةُ: الأَوْدِيَةُ عَلَى القَلْبِ. ويُرْوَى «خُشَّع»: جَمْع خَاشِع.

  قالَ الجَوْهَرِيّ: وفي الحَدِيثِ: «كَانَتِ الأَرْضُ خَاشِعَةً عَلَى الماءِ، ثُمَّ دُحِيَتْ». قُلْتُ: والَّذِي في الغَرِيبَيْنِ للهَرَوِيّ: «كَانَتِ الكَعْبَةُ خَاشِعَةً على الماءِ فدُحِيَتْ مِنْهَا الأَرْضُ». وفي العُبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بن عُمَرَ، ®: «خَلَقَ الله البَيت قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الأَرْضَ بِأَلْفِ عامٍ، وكانَ البَيْتُ زُبْدَةً بَيْضَاءَ حِينَ كانَ العَرْشُ عَلَى الماءِ، وكانَتِ الأَرْضُ تَحْتَهُ كَأَنَّهَا خَاشِعَةٌ عَلَى الماءِ». ويُرْوَى: خَشَفَةً، فدُحِيَت الأَرْضُ مِن تَحْتِهِ.

  والخَشَفَةُ: صَخْرَةٌ تَنْبُتُ في البَحْرِ، وسَيَأْتِي⁣(⁣٣).

  وِتَخَشَّعَ: تَضَرَّعَ، قَالَهُ اللَّيْثُ، وأَنْشَدَ:

  وِمُدَجَّجٍ يَحْمِي الكَتِيبَةَ لا يُرَى ... عِنْدَ البَدِيعَةِ ضَارِعاً يَتَخَشَّعُ

  وقال الجَوْهَرِيّ: التَّخَشُّعُ: تَكَلَّفُ الخُشُوعِ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:


(١) سورة فصلت الآية ٣٩.

(٢) يعني قوله تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} سورة الحج الآية ٥.

(٣) ويروي: حشفة بالحاء والفاء، انظر التهذيب، والنهاية في مادة «حشف» وفي «خشف».