تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

«فصل الراء المهملة»

صفحة 10 - الجزء 2

  الرَّابَّة والرُّبَّى: العُقْدَةُ المُحْكَمَةُ يقال في المثل «إنْ كُنْتَ بِي تَشُدُّ ظَهْرَكَ فَأَرْخِ مِنْ رُبَّى أَزْرِكَ» يقولُ: إِنْ عَوَّلْتَ عَلَيَّ فَدَعْنِي أَتْعَبْ، واسْتَرْخِ أَنْتَ واسْتَرِحْ ج أَي جَمْعُ الرُّبَّى من المَعْزِ والضَّأْنِ رُبَابٌ بالضَّمِّ وهو نادِرٌ قاله ابنُ الأَثِير وغيرُه تَقُولُ: أَعْنُزٌ رُبَابٌ، قال سيبويه: قَالُوا: رُبَّى ورُبَابٌ، حَذَفُوا أَلِفَ التأْنيثِ وَبَنَوْهُ على هذا البِنَاءِ، كما أَلْقَوُا الهَاءَ مِنْ جَفْرَةٍ فقالُوا: جِفَارٌ إِلَّا أَنَّهُمْ ضَمُّوا أَوَّلَ هَذَا، كما قالوا: ظِئْرٌ وظُؤَارٌ ورِخْلٌ ورُخَالٌ، والمَصْدَرُ رِبَابٌ كَكِتَابٍ، وفي حديث شُرَيْحٍ «إنَّ الشَّاةَ تُحْلَبُ فِي رِبَابِهَا» وحَكَى اللِّحْيَانيُّ: غَنَمٌ رِبَابٌ، بالكَسْرِ، قال: وهي قَلِيلَةٌ، كذا في لسان العرب، وأَشَارَ له شيخُنَا، وفي حديث المُغِيرَةِ «حَمْلُهَا رِبَابٌ» رِبَابُ المَرْأَةِ: حِدْثَانُ وِلَادَتِهَا، وقيل: هو ما بَيْنَ أَنْ تَضَعَ إِلى أَنْ يَأْتِيَ عليها شَهْرَانِ، وقِيل: عِشْرُونَ يَوْماً، يُرِيدُ أَنَّهَا تَحْمِلُ بعدَ أَنْ تَلِدَ بيَسِيرٍ، وذلك مَذْمُومٌ في النِّسَاءِ، وإِنَّمَا يُحْمَدُ أَنْ لا تَحْمِلَ بعد الوَضْعِ حتَّى يَتِمَّ رَضَاعُ وَلَدِهَا.

  والإِرْبَابُ بالكَسْرِ: الدُّنُوُّ من كُلِّ شيْءٍ.

  والرَّبَابُ بالفَتْحِ: السَّحَابُ الأَبْيَضُ وقيل: هو السَّحَابُ المُتَعَلِّقُ الذي تَرَاهُ كأَنَّهُ دُونَ السحابِ، قال ابن بَرِّيّ: وهذا القولُ هو المعروفُ، وقد يكونُ أَبْيضَ، وقد يكون أَسودَ واحدتُهُ بهاءٍ ومثلُهُ في المُخْتَار، وفي حديث النبيّ «أَنَّهُ نَظَرَ في اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْرِيَ بِهِ إِلَى قَصْرِ مِثْلَ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ» قال أَبو عُبَيْد: الرَّبَابَةُ بالفَتْحِ: السَّحَابَةُ التي قد رَكِبَ بعضُها بعضاً وجَمْعُهَا: رَبَابٌ، وبها سُمِّيَتِ المَرْأَةُ الرَّبَابَ قال الشاعر:

  سَقَى دَارَ هِنْدٍ حَيْثُ حَلَّ بِهَا النَّوَى ... مُسِفُّ الذُّرَى دَانِي الرَّبَابِ ثَخِينُ

  وفي حديث ابن الزبيرِ «أَحْدَقَ بِكُمْ رَبَابُهُ» قال الأَصمعيّ: أَحْسَنُ بيتٍ قالته العرب في وصف الرَّبَابِ قولُ عبدِ الرحمنِ بنِ حسانَ، عَلَى ما ذَكَرَه الأَصمعيُّ في نِسْبَةِ البيتِ إِليه، قال ابن بَرِّيّ: ورَأَيْتُ مَنْ يَنْسُبُه لِعُرْوَةَ بن جَلْهَمَةَ⁣(⁣١) المَازِنِيِّ:

  إِذَا اللهُ لَمْ يُسْقِ إِلَّا الكِرَامَ ... فَأَسْقَى وُجُوهَ بَنِي حَنْبَلِ

  أَجَشَّ مُلِثّاً غَزِيرَ السَّحَابِ ... هَزِيزَ الصَّلَاصِلِ والأَزْمَلِ

  تُكَرْكِرُهُ خَضْخَضَاتُ الجَنُوبِ ... وتُفْرِغُه⁣(⁣٢) هَزَّةُ الشَّمْأَلِ

  كَأَنَّ الرَّبَابَ دُوَيْنَ السَّحَابِ ... نعَامٌ تَعَلَّقَ بِالأَرْجُلِ

  والرَّبَابُ: ع بمَكَّةَ بالقُرْبِ من بِئْرِ مَيْمُونٍ، والرَّبَابُ أَيضاً: جَبَلٌ بين المَدِينَةِ وفَيْدٍ على طريقٍ كان يُسْلَكُ قديماً يُذْكَرُ مَعَهُ جَبَلٌ آخرُ يقال له: خَوْلَة، وهما عن يَمينِ الطريقِ ويَسَارِه والرَّبَابُ مُحَدِّثٌ يَرْوِي عن ابن عَبّاس، وعنه تَمِيمُ ابن جُدَير، ذَكَرَه البُخَارِيّ، ورَبَابٌ عن مَكْحُولٍ الشاميِّ وعنه أَيوبُ بنُ موسى.

  والرَّبَابُ: آلَةُ لَهْوٍ لَهَا أَوْتَارٌ يُضْرَبُ بِهَا، ومَمْدُودُ بنُ عبدِ اللهِ الوَاسِطِيّ الرَّبَابِيّ يُضْرَبُ بِه المَثَلُ في مَعْرِفَةِ المُوسِيقى بالرَّبَابِ مَاتَ ببغدَادَ في ذِي القَعْدَة سنة ٦٣٨.

  والرَّبَابُ وأُمُّ الرَّبَابِ من أَسمائِهِنَّ، منهنَّ الرَّبَابُ بنتُ امْرِئِ القَيْسِ بنِ عَدِيِّ بنِ أَوْسِ بنِ جابِرِ بنِ كعبِ بنِ عُلَيْمٍ⁣(⁣٣) الكَلْبِيّ، أُمُّ سُكَيْنَةَ بِنْتِ الحُسَيْنِ بنِ عليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ، وفيها يقولُ سَيِّدُنا الحُسَيْنُ ¥:

  لَعَمْرُكَ إِنَّنِي لأُحِبُّ أَرْضاً ... تَحُلُّ بِهَا سُكَيْنَةُ والرَّبَابُ

  أُحِبُّهُمَا وأَبْذُلُ بَعْدُ مَالِي ... ولَيْسَ لِلَائِمٍ فِيهِمْ عِتَابُ

  وقال أيضاً:

  أُحِبُّ لِحُبِّهَا زَيْداً جَمِيعاً ... ونَتْلَةَ كُلَّهَا وبَنِي الرَّبَابِ

  وأَخْوَالاً لَهَا مِنْ آلِ لأْمٍ ... أُحِبُّهُمُ وطُرَّ بَنِي جَنَابِ


(١) قوله عروة بن جلهمة صوابه زهير بن عروة بن جلهمة المعروف بالسَّكب، ترجم له في الأغاني.

(٢) بالأصل «وتفزعه» وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله وتفزعه كذا بخطه ولعله وتفرغه من أفرغت الماء إذا صببته فليحرر» وما أثبتناه عن اللسان.

(٣) في جمهرة ابن حزم: عَليم.