تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رقع]:

صفحة 173 - الجزء 11

  الرِّقاعِ، وخُفُوقُها: حَرَكَتُهَا. وتُجْمَعُ أَيْضاً رُقْعَةُ الثَّوْبِ عَلَى رُقَعٍ، يُقَال: ثَوْبٌ فيه رُقَعٌ، ورِقَاعٌ، وفي الأَسَاسِ: الصّاحِبُ كالرُّقْعَةِ في الثَّوْبِ، فاطْلُبُه مُشَاكِلاً.

  قلتُ: وسَمِعْتُ الأَمِيرَ الصّالِحَ «عَلي أَفندي» وكِيلَ طَرَابُلُسِ الغَرْبِ، | يَقُولُ: الصّاحِبُ كالرُّقْعَةِ في الثَّوْبِ إِنْ لَم تَكُنْ منه شانَتْهُ.

  وِمِنْ المَجَاز: الرُّقْعَةُ⁣(⁣١) الجَرَبِ: أَوَّلُهُ، يُقَال: جَمَلٌ مَرْقُوع: به رِقَاعٌ من الجَرَب. وكذلِك النُّقْبَة من الجَرَبِ.

  وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الرَّقْعَةُ، بالفَتْحِ: صَوْتُ السَّهْمِ في الرُّقْعَةِ، أَي رُقْعَةِ الغَرَضِ، وهي القِرْطاسُ.

  وِقال أَبو حَنِيفَةَ: أَخْبَرَنِي أَعْرَابِيٌّ من السَّرَاةِ قالَ: الرُّقَعَةُ⁣(⁣٢)، كهُمَزَة: شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ كالجَوْزَةِ، وساقُهَا كالدُلْبِ، وَوَرَقُها كوَرَقِ القَرْعِ أَخْضَرُ فيه صُهْبَةٌ يَسِيرَةٌ، وثَمَرُهَا كالتِّينِ العِظَامِ كأَنَّهَا، صِغَارُ الرُّمّانِ، لا يَنْبُتُ إِلّا في أَضْعافِ الوَرَقِ، كما يَنْبُت التِّينُ. ولكِن من الخَشَبِ اليَابِس يَنْصَدِعُ عنه، وله مَعَالِيقُ وحَمْلٌ كَثِيرٌ جِدًّا، يُزَبَّبُ منه أَمرٌ عَظِيمٌ، يُقَطَّر منه القَطَرَاتُ. قال: ولا نُسَمِّيهِ جُمَّيْزاً ولا تِيناً، ولكِن رُقَعاً. إِلَّا أَنْ يُقَال: تِينُ الرُّقَعِ ج: كصُرَدٍ.

  وَرَقَعَ، كمَنَعَ: أَسْرَعَ، كما في العُبَابِ.

  وِرَقَعَ الثَّوْبَ والأَدِيمَ يَرْقَعُه رَقْعاً: أَصْلَحَهُ وأَلْحَمَ خَرْقَه بالرِّقَاعِ، قالَ ابنُ هَرْمَةَ:

  قد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتَى ورِدَاؤُه ... خَلَقٌ وَجَيْبُ قَمِيصِه مَرْقُوعُ

  وفي الحَدِيثِ: «المُؤْمِنُ وَاهٍ رَاقِعٌ، فالسَّعِيدُ مَنْ هَلَكَ عَلَى رَقْعِه» قَوْلُه: وَاهٍ، أَي يَهِي دِينُه بمَعْصِيَته، ويَرْقَعُه بتَوْبَتِه.

  كَرَقَّعَهُ تَرْقِيعاً. وفي الصّحاحِ تَرْقِيعُ الثَّوْبِ: أَنْ تُرَقِّعَه في مَوَاضِعَ، زادَ في اللِّسَانِ: وكُلُّ ما سَدَدْتَ من خَلَّةٍ فقَدْ رَقَعْتَه وَرَقَّعْتَه، قالَ عُمَرُ بنُ أَبِي رَبِيعَةَ:

  وِكُنَّ إِذا أَبْصَرْنَنِي أَو سَمِعْنَنِي ... خَرَجْنَ فَرَقَّعْنَ الكُوَى بالمَحَاجِرِ⁣(⁣٣)

  وأُراه على المَثَلِ.

  وِمن المَجَازِ: رَقَعَ فُلاناً بقَوْلِهِ، فهو مَرْقُوعٌ، إِذا رَماهُ بِلِسَانهِ وهَجاهُ، يُقَال: لأَرْقَعَنَّه رَقْعاً رَصِيناً.

  وِمن المَجَازِ: رَقَعَ الغَرَضَ بسَهْمٍ: إِذا أَصابَهُ بِه، وكلُّ إِصابَةٍ رَقْعٌ⁣(⁣٤).

  وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: رَقَعَ الرَّكِيَّةَ رَقْعاً، إِذا خافَ هَدْمَهَا، من أَعْلَاها فَطَوَاهَا قَامَةً، أَو قامَتَيْنِ، يَقُولُون: رَقَعُوهَا بالرِّقَاعِ.

  وهو مَجَازٌ.

  وِمن المَجَازِ: رَقَعَ خَلَّةَ الفَارِسِ، إِذا أَدْرَكَهُ فطَعَنَهُ.

  وِالخَلَّةُ: هي الفُرْجَةُ بينَ الطَّاعِنِ والمَطْعُونِ، كما في العُبَابِ⁣(⁣٥).

  وِكَانَ مُعاوِيَةُ ¥، فِيما رُوِيَ عنه، يَلْقَمُ بيَدٍ ويَرْقَعُ بأُخْرَى، أَي يَبْسُطُ إِحْدَى يَدَيْهِ لِيَنْتَثِرَ عليها ما سَقَطَ مِن لُقَمِه، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ وابنُ الأَثِير.

  وِككِتَابٍ أَبُو دَاوُودَ عَدِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ مالِكِ بنِ عَدِيِّ بنِ الرِّقاعِ ابنِ عَصَر بنِ عَدِيّ⁣(⁣٦) بنِ شَعْلِ بن مُعَاوِيَةَ بنِ الحارِثِ، وهو عامِلَةُ بنُ عَدِيِّ بنِ الحَارِثِ بنِ مُرَّةَ بنِ أُدَد، وأُمُّ مُعَاوِيَةَ المَذْكُورِ أَيضاً عامِلَةُ بنتُ مالِكِ بنِ ودِيعَةَ⁣(⁣٧) بنِ قُضَاعَةَ الشّاعِر العامِلِيّ. وفيه يَقُولُ الرّاعي يَهْجُوه:

  لَوْ كُنْتَ من أَحَدٍ يُهْجَى هَجَوْتُكُمُ ... يا ابْنَ الرِّقَاعِ، ولكِنْ لَسْتَ مِنْ أَحَدِ⁣(⁣٨)


(١) كذا، والذي في التهذيب واللسان: بهذا البعير رُقعة من جرب ... وهي أول الجرب.

(٢) ضبطت بالقلم في اللسان بسكون القاف.

(٣) نسبه بحواشي المطبوعة الكويتية للعتبي.

(٤) كذا بالأصل والتهذيب واللسان وفي التكملة رَقْعة.

(٥) ومثله في الأساس وشاهده قول عدي:

أحال عليه بالقناة غلامنا ... فأذرع به لخلَّة الشاة راقعا

(٦) في جمهرة ابن حزم ص ٤٢٠ «عدة» وفي الأغاني «عك» وفي المؤتلف: «عرة».

(٧) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «ذريعة».

(٨) ديوانه ص ٧٩ انظر تخريجه فيه، والبيت من قصيدة يهجو عدي بن الرقاع العاملي، ومطلعها:

يا من توعدني جهلاً بكثرته ... متى تهددني بالعز والعدد