تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سبع]:

صفحة 197 - الجزء 11

  عليهِ رَمضانانِ، فسَكَت. ثمّ سَأَلَهُ آخَرُ، فقال: «إِحْدَى مِنْ سَبْع، يَصوم شَهْرَيْنِ ويُطْعِم مِسْكِيناً⁣(⁣١)». وقال شَمِرٌ: يَقُولُ: اشْتَدَّتْ فِيها الفُتْيَا وعَظُمَ أَمرُهَا. قال: ويَجُوز أَنْ يكُون شَبَّهَهَا بإِحْدَى اللَّيَالِي السَّبْعِ الّتِي أَرْسَلَ الله فِيها العَذَابَ على عادٍ، فضَرَبَهَا بها مَثَلاً في الشِّدَة؛ لإِشْكَالِهَا، وقِيل.

  أَرَادَ سَبْعَ سِنِي يُوسُفَ الصِّدِّيقِ # في الشِّدَّةِ.

  وِخَلَقَ الله السَّبْعَيْنِ وما بَيْنَهُمَا فِي سِتَّة أَيامٍ، ومنه قولُ الفَرَزْدَقِ الشّاعِرِ:

  وِكَيْفَ أَخافُ النّاسَ والله قابِضٌ ... عَلَى النّاسِ والسَّبْعَيْنِ فِي رَاحَةِ اليَدِ⁣(⁣٢)

  أَيْ: سبْعِ سَموَاتٍ وسَبْعِ أَرَضِينَ.

  وِالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ وَهْبٍ الدِّمَشْقِيُّ عن أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ الرَّحْمنِ القَطّانِ، وأَبُو عَلِيِّ بَكْرُ بنُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّد بنِ أَبِي سَهْل النَّيْسَابُورِيُّ، ماتَ سنة أَرْبَعِمِائَةٍ وخَمْسٍ وسَبْعِينَ، وابْنُه عُمَرُ بنُ بَكْرٍ: سَمِعَ منه ابنُ ناصِرٍ، وأَبُو القاسِم سَهْلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ، عن أَبِي عثمان الصابُونِيّ، وابْنُه أَبو بكر أَحْمَدُ بن سَهْل عن أَبي بَكْرِ بن خَلَف.

  وِحَفِيدُه أَبُو المَفَاخِرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ عن جَدِّه المَذْكُور، سَمِعَ منه مَعْتُوقُ بنُ مُحَمَّد الطِّيبِيّ بمَكَّةَ.

  وإِبْرَاهِيمُ بنُ سَهْلِ بنِ إِبراهِيمَ، أَخُو أَحْمَدَ، سَمِعَ منه الفُرَاوِيُّ، وزاهِرُ بنُ طَاهِرٍ السّبْعِيُّون: مُحَدِّثُون، ظاهِرُ صَنِيعه أَنّه بفَتْحِ السِّين، وهو خطَأٌ، قال الحافِظُ في التَّبْصِير - تَبَعاً لابْنِ السّمْعَانِيّ والذَّهَبِيّ -: إِنّه بضَمِّ السِّينِ، وأَمّا بفَتْحِ السِّينِ فنِسْبَةُ طائِفَةٍ يُقَالُ لهَا: السَّبْعِيَّةُ، من غُلاةِ الشِّيعَةِ. ذَكَرَهُ ابْنُ السّمْعَانِي، فاعْرِف ذلِكَ⁣(⁣٣).

  وِالسَّبُع، بضمِّ الباءِ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ، وفَتْحِها، وبِه قَرَأَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ ويَحْيَى وإِبْرَاهِيمُ وما أَكَل السَبعُ⁣(⁣٤) قَالَ الصّاغَانِيُّ: فَلَعَلَّهَا لُغَةٌ وسُكُونِها، وبه قَرَأَ عاصِمٌ، وأَبو عَمْرٍو، وطَلْحَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وأَبُو حَيْوَةَ، وابنُ قُطَيْبٍ: المُفْتَرِسُ من الحَيَوانِ، مثْلُ الأَسَدِ والذِّئْب والنَّمِر والفَهْد، وما أَشْبَهَها مِمّا له نابٌ، ويَعْدُو عَلَى النّاسِ والدَّوابِّ فيَفْتَرِسُهَا، وأَمّا الثَّعْلَبُ وإِن كانَ له نابٌ فإِنه ليسَ بسَبُعٍ؛ لأَنَّه⁣(⁣٥) لا يَعْدُو إِلّا علَى صِغَارِ المَوَاشِي⁣(⁣٥)، ولا يُنَيِّبُ فِي شَيْءٍ من الحَيَوانِ، وكذلِكَ الضَّبُع لا يُعَدُّ من السِّبَاعِ العَادِيَة، ولذلِكَ ورَدَت السُّنَّةُ بإِبَاحَةِ لَحْمِهَا، وبأَنَّهَا تُجْزَى إِذا أُصِيبَتْ في الحَرَمِ، أَو أَصابَها المُحْرِم، وأَمّا ابنُ آوَى فإِنّهُ سَبُعٌ خَبِيثٌ، ولحمُه حَرَامٌ، لأَنَّه من جِنْسِ الذِّئابِ، إِلّا أَنَّه أَصْغَرُ جِرْماً، وأَضْعَفُ بَدَناً، هذَا قولُ الأَزْهَرِيِّ. وقالَ غيرُه: السَّبُعُ من البَهَائِمِ العادِيَةِ: ما كانَ ذَا مِخْلَبٍ. وفي المُفْرَدَاتِ: سُمِّيَ بذلِكَ لتَمَامِ قُوَّتِه، وذلِكَ أَنَّ السَّبْعَ من الأَعْدَادِ التّامَّة.

  ج: أَسْبُعٌ في أَدْنَى العَدَدِ، وسِبَاعٌ، قال سَيبِوَيْهٌ: لم يُكَسَّرْ عَلَى غَيْرِ سِبَاعٍ، وأَما قَوْلُهم في جَمْعِه: سُبُوعٌ، فمُشْعِر أَنَّ السَبْعَ ليسَ بتَخْفِيفٍ كما ذَهَبَ إِليهِ أَهْلُ اللُّغَةِ؛ لأَنَّ التَّخْفِيفَ لا يُوجِبُ حُكْماً عند النَّحْوِيِّين، عَلَى أَنَّ تَخْفِيفه لا يَمْتَنِعُ، وقد جاءَ كَثِيراً في أَشْعَارِهم، مِثْل قَوْلِه:

  أَمِ السَّبْع فاسْتَنْجُوا وأَيْنَ نَجَاؤُكُم ... فهذَا ورَبِّ الرَّاقِصَاتِ المُزَعْفَرُ

  وأَنْشَدَ ثَعْلَب:

  لِسانُ الفَتَى سَبْعٌ عليه شَذَاتُه ... فإِنْ لَمْ يَزَعْ من غَرْبِه فهو آكِلُهْ

  وِأَرْضٌ مَسْبَعَةٌ، كمَرْحَلَةٍ: كَثِيرَتُه، وفِي الصّحاحِ: ذاتُ سِبَاعٍ، وقال لَبِيدٌ:

  إِلَيْكَ جاوَزْنَا بِلاداً مَسْبَعَهْ

  قالَ سِيبَوَيْهٌ: بابُ مَسْبَعَةٍ ومَذْأَبَةٍ ونَظِيرِهما ممّا جاءَ على مَفْعَلَةٍ لازمٌ له الهاءُ، وليس في كُلِّ شيءٍ يُقَال، إِلَّا أَنْ تَقِيسَ شَيْئاً وتَعْلَم مع ذلِكَ أَنَّ العَرَبَ لم تَتَكَلَّم به، وليسَ له نَظِير من بناتِ الأَرْبَعَةِ عنْدَهُم، وإِنَّمَا خَصُّوا به بَنَاتِ الثلاثَة


(١) كذا بالأصل.

(٢) البيت من شواهد القاموس، وهو في ديوان الفرزدق ١/ ١٤٠ تركب من بيتين هما:

فلست أخاف الناس ما دمت سالما ... وِلو أجلب الساعي عليّ بحسّدي

سيأبى أمير المؤمنين بعدله ... على الناس والسبعين في راحة اليد

(٣) انظر اللباب لابن الأثير ٢/ ١٠٠ - ١٠١.

(٤) سورة المائدة الآية ٣.

(٥) في معجم البلدان «وادي السباع»: «لأنه لا عدوان له» وفي التهذيب واللسان: لأنه لا يعدو على صغار الحيوان.