تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سفع]:

صفحة 212 - الجزء 11

  الأَزْهَرِيِّ، قالَ: وهذا مِثْلُ قولِه تَعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ}⁣(⁣١) أَو المَعْنَى: لَنُذِلَّنَّه أَو لَنُقْمِئَنَّه، من أَقْمَأَهُ، إِذا أَذَلَّه. كما في العُبَاب، وفي بعضِ النُّسَخِ: أَو لَنُذِلَّنَّه ولَنُقْمِئَنَّه ومثلُه في اللِّسَانِ وغيرِه من أُمَّهَاتِ اللُّغَةِ، قال الأَزْهَرِيُّ: ومن قالَ: مَعناه لَنَأْخُذَنَّ بِها إِلى النّارِ، فحُجَّتُه قولُ الشّاعِرِ:

  قَوْمٌ إِذا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَيْتَهم ... مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِه أَو سَافِعِ⁣(⁣٢)

  أَرادَ: وآخِذٍ بناصِيَتِه. وحكى ابنُ الأَعْرَابِيّ: واسْفَعْ بِيَدِه، أَي خُذْه، ويُقَالُ: سَفَعَ بنَاصِيَةِ الفَرَسِ لِيَرْكَبَهُ، ومنه حَدِيثُ عَبّاسٍ الجُشَمِيِّ: «إِذا بُعِثَ المُؤْمِنُ من قَبْرِه كانَ عِنْدَ رَأْسِه مَلَكٌ، فإِذا خَرَج سَفَعَ بيَدِه، وقال: أَنا قَرِينُكَ في الدُّنْيَا» أَي أَخَذَ بِيَدِه. قالَ الصّاغَانِيُّ: وكان عُبَيْدُ اللهِ بن الحَسَنِ قاضِي البَصْرَةِ مُولَعاً بأَنْ يقولَ: اسْفَعَا بيَدِه. أَي: خُذَا بِيَدِه، فأَقِيمَاه.

  قلتُ: وهذا يَدُلُّ على أَنَّ الصوابَ في النُّسْخَةِ «أَو لَنُقِيمَنَّه» من أَقامَه يُقِيمُهُ.

  وِرَجُلٌ مَسْفُوعُ العَيْنِ، أَي: غائِرُها، عن ابنِ عَبَّادٍ.

  قال: ورجلٌ مَسْفُوعٌ، أَي مَعْيُونٌ، أَصابَتْه سَفْعَةٌ، أَي عَيْنٌ، والشِّينُ المُعْجَمَةُ لغةٌ فيه، عن أَبِي عُبَيْدٍ. ويُقَال: به سَفْعَةٌ من الشَّيْطَان أَي مَسٌّ، كأَنَّهُ أَخَذَ بناصِيَتِه. وفي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّهُ دَخَلَ عليها وعِنْدَها جَارِيَّةٌ بها سَفْعَةٌ، فقال: إِنَّ بها نَظْرَةً، فاسْتَرْقُوا لَها» أَي عَلامةً من الشَّيْطَانِ، وقِيلَ: ضَرْبةً وَاحِدَةً منه، يَعْنِي أَنَّ الشَّيْطَانَ أَصابَها، وهي المَرَّةُ من السَّفْعِ: الأَخْذ. المَعْنَى: أَنَّ السَفْعَةَ أَدْرَكَتْهَا من قِبَلِ النَّظْرَةِ، فاطْلُبُوا لها الرُّقْيَةَ، وقِيلَ: السَّفْعَةُ: العَيْنُ، والنَّظْرَةُ: الإِصابَةُ بالعَيْن.

  وِالسَّوَافِعُ: لَوَافِحُ السَّمُومِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وفي بعضِ النُّسَخِ لَوَائِحُ، والأُولَى الصَّوَابُ.

  وِالسَّفْعُ⁣(⁣٣): الثَّوْبُ أَيَّ ثَوْبٍ كانَ وأَكْثَرُ ما يُقَالُ في الثِّيَابِ المَصْبُوغَة، جَمْعُه⁣(⁣٢) سُفُوعٌ، قال الطِّرِمَّاحُ:

  كَمَا بَلَّ مَتْنَيْ طُفْيَةٍ نَضْحُ عَائِطٍ ... يُزَيِّنُهَا كِنٌّ لها وسُفُوعُ

  أَرادَ بالعَائِطِ: جَارِيَةً لم تَحْمِلْ، وسُفُوعُها: ثِيَابُهَا، أَي تَبُلُّ الخُوصَ لِتَعْمَلَهُ.

  وِالسُّفْعُ: بالضَّمِّ⁣(⁣٤): حَبُّ الحَنْظَل لسَوَادِهَا، الوَاحِدَةُ بهاءٍ، نَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ.

  وِالسُّفْعُ: أُثْفِيَّةٌ من حَدِيدٍ تُوضَعُ عليها القِدْرُ، قال: هكَذَا أَصْلُ عَرَبِيَّتهِ.

  أَو السُّفْعُ هي الأَثَافِيُّ، وَاحِدَتُهَا سَفْعَاءُ، وإِنَّمَا سُمِّيَتْ لسَوَادِهَا. نَقَلَهُ اللَّيْثُ عن بَعْضِهِمْ، والرّاغِبُ في المُفْرِدَاتِ.

  قلتُ: وهو قولُ أَبِي لَيْلَى، وهي الَّتِي أُوقِدَ بَيْنَها النّارُ فسَوَّدَت صِفَاحَها الَّتِي تَلِي النارَ، ثُمَّ شَبَّهَه الشُّعَرَاءُ به فسَمَّوْا ثَلاثَةَ أَحْجَارٍ تُنْصَبُ عليها القِدْرُ سُفْعَاً، قال النابِغَةُ الذُّبْيانِيُّ:

  فَلَمْ يَبْقَ إِلّا آلُ خَيْمٍ مُنَصَّبٍ ... وِسُفْعٌ على أُسٍّ ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ⁣(⁣٥)

  وقالَ زُهَيْرُ بنُ أَبِي سُلْمَى:

  أَثافِيَّ سُفْعاً في مُعَرَّسِ مِرْجَلِ ... وِنُؤْياً كجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّمِ

  وِالسُّفْعُ: السُّودُ تَضْرِبُ إِلى الحُمْرَةِ، قِيلَ لها: السُّفْعُ؛ لأَنَّ النّارَ سَفَعَتْهَا.

  وِالسَّفَعُ، بالتَّحْرِيكِ: سُفْعَةُ سَوادٍ وشُحُوبٌ في الخَدَّيْنِ من المَرْأَةِ الشّاحِبَةِ، ولو قالَ: في خَدَّيِ المَرْأَةِ الشّاحِبَةِ كان أَخْصَر، وزادَ في العُبَابِ - بعدَ المَرْأَةِ: والشَّاةِ - ومنه الحَدِيثُ: «أَنَا وسَفْعاءُ الخَدَّيْنِ الحانِيَةُ عَلَى وَلَدِهَا يومَ القِيَامَةِ كهَاتَيْنِ. وضَمَّ إِصْبَعَيْهِ» أَراد بسفْعَاءِ الخَدَّيْن امرأَةً سَوْداءَ عاطِفَةً على وَلَدِها، أَرادَ أَنَّهَا بَذَلَت نَفْسَها، وتَرَكَت الزِّينةَ والتَّرَفُّهَ حَتّى شَحَبَ لَوْنُهَا واسْوَدّ؛ إِقَامَةً على وَلَدِهَا بعدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا.

  وِالسُّفْعَةُ، بالضَّمِّ: ما في دِمْنَةِ الدَّارِ من زِبْلٍ أَو رَمْلٍ أَو


(١) سورة القلم الآية ١٦.

(٢) نسب لحميد بن ثور وهو مفرد في ديوانه ص ١١١ وينسب أيضاً لعمرو بن معدي كرب.

(٣) ضبطت بالقلم في اللسان والتكملة بكسر السين.

(٤) بالأصل «جمع».

(٥) ضبطت في التكملة، بالقلم، بفتح السين.