تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع العين

صفحة 240 - الجزء 11

  وِشَرَعَ الشَّيْءَ: رَفَعَه جِدًّا، ومنه شِرَاعُ السَّفِينَةِ؛ لكَوْنِهِ مَرْفُوعاً.

  وِشَرَعَتِ الرِّمَاحُ شَرْعاً: تَسَدَّدَتْ، فهي شَارِعَةٌ وشَوَارِعُ، قال:

  غَدَاةَ تَعَاوَرَتْهُ ثَمَّ بِيضٌ ... شَرَعْنَ إِلَيْه في الرَّهَجِ المُكِنِّ⁣(⁣١)

  وَشَرَعْنَاها، وأَشْرَعْنَاهَا، يقال: أَشْرَعَ نَحْوَه الرُّمْحَ والسَّيْفَ، وشَرَعَهُمَا: أَقْبَلَهُمَا إِيّاه، وسَدَّدَهُمَا له، فهي مَشْرُوعَةٌ، ومُشْرَعَةٌ قال:

  أَفاجُوا مِنْ رِمَاح الخَطِّ لَمَّا ... رَأَوْنَا قد شَرَعْنَاهَا نِهَالا

  وقال جَعْفَرُ بن عُلْبَةَ الحارِثِيُّ:

  فقالُوا: لنا ثِنْتَانِ لا بُدَّ مِنْهُمَا ... صُدُورُ رِمَاحٍ أُشْرِعَتْ، أَو سَلاسِلُ

  كذا في الحَمَاسَةِ.

  وِفي المَثَلِ⁣(⁣٢): «شَرْعُكَ ما بَلَّغُكَ المَحَلَّ»، هكَذا في الصّحاح، وهو مِصْراعُ بَيْتٍ، والرِّوايَةُ:

  شَرْعُك ما بَلَّغَك المَحلَّا

  أَي حَسْبُكَ وكافِيكَ من الزادِ ما بَلَّغَكَ مَقْصِدَكَ، قال الجَوْهَرِيُّ: يُضْرَبُ في التَّبَلُّغِ⁣(⁣٣) باليَسِيرِ.

  وِيُقَال: مَرَرْتُ برَجُلٍ شَرْعُكَ من رَجُلٍ، بكسْرِ العَيْنِ وضَمِّها، أَي حَسْبُكَ، كما في الصّحاحِ، يَجْرِي عَلَى النَّكِرَةِ وَصْفاً؛ لأَنّه في نِيَّةِ الانْفِصالِ. وقال سِيبَوَيْهٌ: مَرَرْتُ برَجُلٍ شَرْعِكَ، هو نَعْتٌ له بكَمَالِه وبَذِّه غَيْرَه، والمَعْنَى: أَنَّه من النَّحْوِ الَّذِي تَشْرَعُ فيه وتَطْلُبه، قال: يَسْتَوِي فيهِ الوَاحِدُ والجَمِيعُ والمُؤَنَّثُ والمُذَكَّر.

  ويُقَال: شَرْعُك هذا، أَي حَسْبُك، ومنه حَدِيثُ ابْنِ مُغَفَّلٍ: «سأَلَهُ غَزْوَانُ عَمّا حُرِّمَ من الشَّرَابِ، فَعَرَّفَه، قالَ: فقُلْتُ: شَرْعِي» أَي حَسْبِي.

  وِيُقَالُ: النّاسُ في هذا الأَمْرِ شَرْعُ وَاحِدٌ، بالفَتْحِ ويُحَرَّكُ، أَي بأْجٌ وَاحِدٌ، والنّاسُ في هذا شَرْعُ، ويُحَرَّكُ، أَي سَوَاءٌ لا يَفُوق بَعْضُنَا بَعْضاً، يَسْتَوِي فيه الجَمْعُ والتّثْنِيَةُ والمُذَكَّر والمُؤَنَّثُ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: كأَنَّه جَمعُ شَارِعِ، كخَدَمٍ وخَادِم، أَي يَشْرَعُونَ فيه مَعاً. وفي الحَدِيثِ: «أَنْتُم فيه شَرْعٌ سَوَاءٌ» رُوِي بالسُّكُون والتَّحْرِيكِ، أَي مُتَسَاوُونَ لا فَضْلَ لأَحَدِكُم فيه عَلَى الآخَرِ، قَالَ ابنُ دُرُسْتَوَيهِ في شَرْحِ الفَصِيحِ: أَجازَ كُرَاع والقَزَّارُ تَسْكِينَ رائِه، وأَنْكَرَه يَعْقُوبُ في الإِصلاحِ.

  وِحِيتَانٌ شُرَّعٌ، كرُكَّعٍ⁣(⁣٤): رافِعَةٌ رُؤُوسَها، وقِيلَ: خَافِضَةٌ لها للشُّرْبِ، قالَه أَبو لَيْلَى، وفي المُفْرَداتِ: جَمْع شَارِع، وفي الصّحاحِ: أَي شَارِعَاتٌ من غَمْرَة الماءِ إِلى الجُدِّ.

  وِقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الشّارِعُ هو العالِمُ الرَّبَّانِيُّ العَامِلُ المُعَلِّمُ. قلتُ: ويُطْلَقُ عليه ÷ لذلِكَ، وقِيلَ: لأَنَّهُ شَرَعَ الدِّينَ، أَي أَظْهَرَهُ وَبَيَّنَهُ.

  وِكُلُّ قَرِيبٍ من شَيْءٍ مُشْرِفٍ عليه. شارِعٌ، ومِنْهُ: الدّارُ الشارِعَةُ: الدّانِيَةُ من الطَّرِيقِ، القَرِيبَةُ من النّاسِ.

  وِشَارِعٌ: جَبَلٌ⁣(⁣٥)، هكذا بالجِيم فِي سائِرِ النُّسَخِ، وصوابه بالحَاءِ المُهْمَلَةِ: حَبْلٌ بالدَّهْنَاءِ، قال ذُو الرُّمَّةِ:

  خَلِيلَيَّ عُوجَا عَوْجَةً نَاقَتَيْكُمَا ... على طَلَلٍ بَيْنَ القِلَاتِ وشَارِعِ

  وِشارِع: ة. وشارِعُ الأَنْبَارِ، وشَارِعُ المَيْدَانِ: مَحِلَّتَانِ ببَغْدَادَ، الثّانِيَةُ بالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْهَا، والأُولَى من جِهَةِ الأَنْبَارِ، ولذا أُضِيفَتِ إِليه. وفَاتَه: شارِعُ دَارِ الدَّقِيقِ⁣(⁣٦) مَحِلَّةٌ غَرْبِيَّ بَغْدَادَ، مُتَّصِلَةٌ بالحَرِيمِ الظّاهِرِيّ⁣(⁣٧).

  وِالشّوَارِعُ من النُّجُوم: الدَّانِيَةُ من المَغِيب، وكُلُّ دَانٍ مِن شَيْءٍ فهو شارِعٌ، كما تقدَّم.

  وِالشَّرِيعُ، كأَمِيرٍ: الرَّجُلُ الشُّجَاعُ، بَيِّنُ الشَّرَاعَةِ،


(١) البيت للنابغة وهو في ديوانه ص ٢٠٠ برواية: «رُفعن إليه» بدل «شرعن إليه».

(٢) في النهاية: «وفي حديث علي» وفي التهذيب: ومن أمثالهم، وأورده «رجزاً» والمثل في مجمع الميداني ١/ ٣٣١ كما ورد هنا بصورة النثر.

(٣) في النهاية: التبليغ.

(٤) في التهذيب: شُرُوع.

(٥) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «حبل» بالحاء المهملة.

(٦) كذا بالأصل وفي معجم البلدان «دار الرقيق» بالراء.

(٧) في معجم البلدان: «الحريم الطاهري».