تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رسب]:

صفحة 22 - الجزء 2

  حُكِيَ عن الأَصمعيّ أَنَّهُ يقالُ لِلرَّئِسِ مِن العَجَم: مَرْزُبَانُ ومَزْبُرَانُ بالرَّاءِ والزَّايِ. وأَنشد في «المُعْجَم» لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ.

  الدَّارُ دَارَانِ: إِيوَاءٌ وغُمْدَانُ ... والمُلْكُ مُلْكَانِ: سَاسَانٌ وقَحْطَانُ

  والأَرْضُ فَارِسُ والإِقْلِيمُ بَابِلُ والْ ... إِسْلَامُ مَكَّةُ والدُّنْيَا خُراسَانُ

  إِلى أَنْ قال:

  قَدْ رُتِّبَ النَّاسُ جم في مَرَاتِبِهِمْ ... فَمَرْزُبَانٌ وبِطْرِيقٌ وطَرْخَانُ

  والمَرْزُبَانِيَّةُ بضَمِّ الزَّايِ: ة ببغدادَ على نَهْرِ عِيسَى فَوْقَ المُحَوَّلِ، بَنَى بها الإِمَامُ النَّاصِرُ لدِينِ اللهِ دَاراً ورِباطاً لأَهْل التَّصَوُّفِ، وكان الصَّاغَانيُّ شَيْخَ ذلكَ الرِّبَاطِ مِن طَرَفِ الإِمَامِ المُسْتَنْصِرِ.

  ومِن المجازِ أَبُو الحَارِثِ مَرْزُبَانُ الزَّأْرَةِ بالهَمْزِ هي الأَجَمَةُ، أَي الأَسَدُ قال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ في صِفَةِ أَسَدٍ:

  لَيْثٌ عَلَيْهِ مِنَ البَرْدِيِّ هِبْرِيَةٌ ... كالمَرْزُبَانِيِّ عَيَّالٌ بِأَوْصَالِ

  هكذا أَنشده الجوهريّ، والصواب «عَيَّالٌ بآصالِ»⁣(⁣١) ومن روى «عَيَّارٌ» بالرَّاءِ قال: الذي بعده «أَوْصَال» قال الجوهريّ: ورواه المُفَضَّلُ، كالمَزْبَرَانِيِّ بتقديم الزاي.

  قلتُ: وهو مُخْرَّجٌ على ما حكاه ابن بَرّيّ عن الأَصمعيّ، ومن سَجَعَاتِ الأَسَاس: أَعُوذُ باللهِ مِنَ المَرَازِبَه، وَمَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ المَرَازِبَة.

  ورَأْسُ المَرْزُبَانِ: ع قُرْبَ الشِّحْرِ، وهو رَأْسٌ خارِجٌ إِلى البَحْرِ عَلَى مُكَلَّإ.

  وأَبُو سَهْلٍ المَرْزُبَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزُبَانِ، وأَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ المَرْزُبَانِ.

  وأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدَ بنِ المَرْزُبَانِ، الأَبْهَرِيُّونَ، مُحَدِّثُونَ، وأَبُو جعْفَرٍ هَذَا آخِرُ مَنْ خُتِمَ به حَدِيثُ لُوَيْنٍ بِأَصْبَهانَ. ومحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَانِ، قال الدَّارَقطْنِي: أَخْبَارِيٌّ لَيِّنٌ.

  وأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ المَرْزُبَانِ الوَلِيدُ، أَبَادِيٌّ، أَحَدُ أَرْكَانِ السُنَّةِ بِهَمَذَانَ، كذا في المعجم.

  [رسب]: رَسَبَ الشيءُ في المَاء كَنَصَرَ يَرْسُبَ ورَسُبَ، مِثْلُ كَرُمَ، رُسُوباً: ذَهَبَ سُفْلاً ورَسَبَتْ عَيْنَاهُ: غَارَتَا، وفي حديث الحَسَنِ يَصِفُ أَهْلَ النَّارِ «إِذَا طَفَتْ بِهِمُ النَّارُ أَرْسَبَتْهُمُ الأَغْلالُ» أَي إِذا رَفَعَتْهُمْ وأَظْهَرَتْهُمْ حَطَّتْهُمُ الأَغْلَالُ بِثِقْلِهَا إِلى أَسْفَلِهَا⁣(⁣٢).

  والرَّسُوبُ: الكَمَرَةُ كأَنَّهَا لِمَغِيبِهَا عِنْدَ الجِمَاعِ.

  ومِنَ المجازِ السَّيْفُ رَسُوبٌ يَغِيبُ في الضَّرِيبةِ ويَرْسُبُ كالرَّسَبِ مُحَرَّكَةً، ورُسَبٌ كَصُرَدٍ ومِرْسَبٌ مثلُ مِنْبَرٍ، ورَسُوبٌ: سَيْفُ رَسُولِ اللهِ أَي ذَكَرَه عبدُ الباسِطِ البُلْقِينِيُّ.

  وكَانَ لِخَالِدِ بنِ الوَلِيدِ سَيْفٌ سَمَّاهُ مِرْسَباً، وفيه يقول:

  ضَرَبْتُ بالمِرْسَبِ رَأْسَ البِطْرِيقْ⁣(⁣٣)

  كأَنَّهُ آلَةٌ للرُّسُوبِ، أَو هو أَي الرَّسُوبُ مِنَ السُّيُوفِ السَّبْعَةِ التي أَهْدَتْ بِلْقِيسُ لِسُلَيْمَانَ #، والأَخِيرُ سَيْفُ الحَارِثِ بنِ أَبِي شِمْرٍ الغَسَّانيّ ثمَّ صارَ للنبيّ ، وقال البَلَاذُرِيُّ في سَرِيَّةِ عَلِيٍّ ¥ لمّا تَوَجَّهَ إِلى هَدْمِ الفَلْس⁣(⁣٣) صَنَمٍ لِطَيِّئٍ، كانَ الصَّنَمُ مُقَلَّداً بسَيْفَيْنِ أَهْدَاهُمَا إِلَيْهِ الحَارِثُ بنُ أَبِي شِمْرٍ، وهما مِخْذَمٌ ورسُوبٌ، كانَ نَذَرَ لَئنْ ظَفِرَ بِبَعْضِ أَعْدَائِهِ لَيُهدِيَنَّهُمَا إِلى الفَلْس⁣(⁣٤) فَظَفِرَ فَأَهْدَاهُمَا له، وفيهما يَقُولُ عَلْقَمَةُ بنُ عَبَدَةَ:


(١) قال ابن بري؛ والمشهور فيمن رواه عيال أن يكون بعده بآصال، لأن العيال المتبختر، أي يخرج العشيات وهي الأصائل متبختراً.

(٢) عن النهاية، وبالأصل «سفلها».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «أنشد الصاغاني في التكملة بعد هذا المشطور مشطورين آخرين وهما:

علوت منه مجمع الفروق ... بصارم ذي هبة فنيق

قال وبين أضرب المشاطير تعاد لأن الضرب الأول مقطوع مذال والثاني والثالث مخبونان مقطوعان اه. وقال في الأساس وهذا تسجيع وليس بشعر اه.».

(٤) عن سيرة ابن هشام ومعجم البلدان، وبالأصل «القليس» وضبطه ابن حبيب: الفُلُس. وقيل الفلس كان أنفاً أحمر في وسط جبلهم الذي يقال له أجأ كأنه تمثال إنسان وكانوا يعبدونه.