تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قرفع]:

صفحة 370 - الجزء 11

  إِذَا مَرَّتْ مِنْ تَحْتِ السَّحَابَةِ الكَبِيرَةِ الوَاحِدَةُ قَزَعَةٌ بهَاءٍ، ومنه حَدِيثُ الاسْتِسْقَاءِ: «ومَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ»، أَي: قِطْعَةٌ مِن الغَيْمِ، وقال الشاعِرُ:

  مَقانِبُ بعْضُهَا يَبْرِي لِبَعْضٍ ... كأَنَّ زُهَاءَها قَزَعُ الظِّلالِ

  وقِيل: القَزَعُ: السَّحَابُ المُتَفَرِّقُ، وما فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ، أَي لَطْخَةُ غَيْمٍ.

  وِفِي كَلامِ عليٍّ رَضِيَ الله تَعالَى عنه حين ذَكَر الفِتَنَ⁣(⁣١) فقال: «إِذا كانَ ذلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بذَنَبِه، فَيَجْتَمِعُون إِلَيْه كما يَجْتَمِعُ قَزَعُ الخَرِيفِ»، أَي قِطَعُ السَّحَابِ؛ لأَنَّه أَوَّلُ الشِّتَاءِ، والسَّحابُ يَكُونُ فيه مُتَفَرِّقاً غَيْرَ مُتَرَاكِمٍ ولا مُطْبِقٍ، ثمّ يَجْتَمِعُ بعضُه إِلى بَعْضٍ بَعْدَ ذلِكَ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ يصِفُ ماءً في فَلَاةٍ:

  تَرَى عُصَبَ القَطَا هَمَلاً عَلَيْه ... كَأَنَّ رِعَالَهُ قَزَعُ الجَهَامِ

  لا فِي الحَدِيثِ، كما تَوَهَّمِ الجَوْهَرِيُّ قال شيخُنَا: قُلْت: بل المُتَوَهِّمُ هو ابنُ⁣(⁣٢) خالَةِ المُصَنِّفِ، وإِلَّا فاللَّفْظُ حَدِيثٌ خَرَّجَه الجماهِير عن علِيٍّ ¥، وذَكَرَهُ ابنُ الأَثِيرِ وغيرُه، وليس بمَثَلٍ، كما توهَّمَه المُصَنِّفُ، وقد أَشارَ إِلى ذلِكَ في النامُوسِ، ولكِنَّه لم يَذْكُرْ مَنْ خَرَّجَه ولا صَحابَتَه، والله أَعْلَم.

  قلتُ: وهذا مِن شيْخِنَا تَحَامُلٌ مَحْضٌ، وتَعَصُّبٌ للجَوْهَرِيِّ من غيرِ مَعْنًى، والصّوابُ ما قَالَهُ المُصَنِّف، فإِنَّ الَّذِي ذَكَرَه أَصْحابُ الغَرِيبِ - كابنِ الأَثِيرِ وغَيْرِه - عَزَوْهُ لسيِّدنا عليّ ¥، ولم يَعْزُوه إِلى المُصْطَفَى ÷، وهو من جُمْلَةِ خُطَبِهِ المُخْتَارَةِ، وكَلامِهِ المَأْثُور الذِي شَرَحَه العَلّامةُ ابنُ أَبِي الحَدِيد في شَرْحِه على نَهْجِ البَلَاغَة، وليس في كَلَامِ المُصَنِّفِ ما يَدُلُّ على أَنَّه مَثَلٌ حَتّى يُوَهَّم، فتَأَمَّل.

  وِالقَزَعُ: صِغَارُ الإِبِلِ، نقله الجَوهَرِيّ، وهو مَجازٌ.

  وِمن المَجَاز: القَزَعُ: أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ، ويُتْرَكَ* مَوَاضِعُ منهُ مُتَفَرِّقَةً غيرَ مَحْلُوقَةٍ، تَشْبِيهاً بقَزَع السَّحَابِ، ومنه الحَدِيثُ: «نَهَى عَنِ القَزَعِ» يَعْنِي: أَخْذَ بَعْضِ الشَّعَرِ وتَرْكَ بَعْضِه، وهو مَجازٌ، وقالَ ابنُ الرِّقاعِ:

  حَتَّى اسْتَتَمَّ علَيْهَا تامِكٌ سَنِمٌ ... وِطَارَما انْسَلَت عن جِلْدِها قَزَعَا⁣(⁣٣)

  وِالقَزَعُ مِنَ الصُّوفِ: ما يَتَحاتُّ ويَتَنَاتَفُ فِي الرَّبِيعِ فيَسْقُط.

  وِمن المَجَازِ: القَزَعُ: غُثَاءُ الوَادِي، يُقَالُ: رمَى الوَادِي بالقَزَع، قالَهُ أَبُو سَعِيدٍ والزَّمَخْشَرِيُّ.

  وِمن المَجَازِ: الفَحْلُ يَرْمِي بالقَزَعِ، وهو: لُغَامُ الجَمَلِ وزَبَدُه على نُخْرَتِه، قالَهُ أَبو سَعِيد والزَّمَخْشَرِيُّ.

  وِالقَزَعَةَ، بهاءٍ: وَلَدُ الزِّنَا، كذا في النَّوَادِرِ.

  وِقَزَعَةُ، بِلا لامٍ: عَلم: جَماعَةٍ من المُحَدِّثِينَ، ذَكَرَهُم صاحبُ التَّقْرِيب، ويُسَكَّنُ للتَّخْفِيفِ، حكاهُ ثَعْلَبٌ.

  وِكُزبَيْرٍ: قُزَيْعُ بنُ فِتْيَانَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ مُعاوِيَةَ⁣(⁣٤) بنِ الغَوْثِ بنِ أَنْمَارِ بنِ إِراشٍ.

  وِالرُّبَيْعُ بن قُزَيْعٍ، كزُبَيْرٍ فيهما: التابَعِيُّ، عن ابْنِ عُمَرَ، وعنه شُعْبَةُ، وقد تَقَدَّم ذلِكَ للمُصَنِّفِ في «ر ب ع» ونَسبَه إِلى غَطَفانَ. قلتُ: وولَدُه قَيْسُ بنُ الرُّبَيْعِ، حَدَّث أَيْضاً.

  وِكَبْشٌ أَقْزَعُ، تَنَاتَفَ صُوفُه فِي أَيّامِ الرَّبِيعِ، ذَهَب بَعْضٌ وَبَقِيَ بَعْضٌ، وكذلِكَ شَاةٌ قَزْعاءُ، كما في العُبَابِ، وفي اللِّسَانِ: ونَاقَةٌ قَزْعاءُ كذلِك.

  وِقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ: ما عِنْدَه قَزَعَةٌ، مُحَرَّكَةً، أَي شَيءٌ من الثِّيَابِ، وكذلِكَ مَا عَلَيْه قِزاعٌ، ككِتَابٍ: قِطْعَةُ خِرْقَةٍ، وقد تَقَدَّم أَنَّه صَحَّفَه بَعْضُهُم بالذّالِ المُعْجَمَة.

  وِالقَزِيعَة، كشَرِيفَةٍ: القُنْزُعَةُ، عن ابْنِ دُرَيْدٍ⁣(⁣٥)، وهي وَاحِدَةُ القَنَازِع، وسيُذْكَر. وزادَ ابنُ عَبّادٍ: وكذلِكَ القُزَّعَةُ، مثلُ قُبَّرَةٍ بحَذْفِ إِحْدَى النُّونَيْنِ، وإِدْغامِها فِي الزّايِ، وضَبَطَهُ غيرُه بضَمٍّ فسُكُونٍ، ومِثْلُه في اللِّسانِ، وهي الخُصْلَة من الشَّعرِ تُتْرَكُ على رَأْسِ الصَّبِيِّ، وهي


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: حين ذكر الفتن، عبارة اللسان: حين ذكر يعسوب الدين، فقال: يجتمعون إلخ» ومثله في التهذيب.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: هو ابن خالة المصنف، لعل الأولى: هو ابن أخت خالة المصنف، يعني المصنف».

(*) بالقاموس: «تُترك» بدل: «يُترك».

(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «قزع».

(٤) في جمهرة ابن حزم ص ٤٧٤: معاوية بن زيد بن الغوث.

(٥) الجمهرة ٣/ ٦.