تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الكاف مع العين

صفحة 423 - الجزء 11

  لا بارَكَ الرَّحْمنُ في أُمِّ القُتَرْ⁣(⁣١) ... أَأُمْغِطُ السَّهْمَ لإِرْهَاقِ الضَّرَرْ

  أَمْ ذاكَ مِنْ سُوءِ احْتِيَالٍ⁣(⁣٢) ونَظَرْ ... أَمْ لَيْسَ يُغْنِي حَذَرٌ عِنْدَ قَدَرْ

  ثُمَّ وَرَدَت الحُمُرُ، ورَمَى ثالِثاً، فكانَ كما مَضَى مِنْ رَمْيَهِ، فقال:

  إِنِّي لشُؤُمِي وشَقَائِي ونَكَدْ ... قَدْ شَفَّ مِنِّي ما أَرَى حَرُّ الكَبِدْ

  أَخْلَفَ ما أَرْجُو لِاهْلٍ ووَلَدْ⁣(⁣٣)

  إِلى آخِرِهَا، وهو يَظُنُّ خَطَأَهُ قال:

  أَبَعْدَ خَمْس قَدْ حَفِظْتُ عَدَّهَا ... أَحْمِلُ قَوْسِي وأُرِيدُ رَدَّهَا

  أَخْزَى إِلهِي لِينَها وشَدَّها ... وِالله لا تَسْلَمُ عِنْدِي⁣(⁣٤) بَعْدَها

  وِلا أُرَجِّي ما حَيِيتُ رِفْدَهَا

  وخَرَجَ مِنْ قُتْرَتهِ فعَمَدَ إِلَى قَوْسِه فكَسَرَها عَلَى صَخْرَةٍ، ثم باتَ إِلى جانِبِها، فلَمّا أَصْبَحَ نَظَر، فإِذَا الحُمُرُ مُطَرَّحَةٌ حَوْلَه مُصَرَّعَةٌ، وإِذا أَسْهُمُه بالدَّمِ مُضَرَّجَةٌ، فنَدِمَ على كَسْرِ القَوْسِ فقَطَعَ إِبْهَامَه، وأَنْشَدَ:

  نَدِمْتُ نَدَامَةً لَوْ أَنَّ نَفْسِي ... تُطَاوِعُنِي إِذًا لقَطَعْتُ خَمْسِي

  ويُرْوَى: «لبَتَرْتُ خَمْسِي»⁣(⁣٥).

  تَبَيَّنَ لِي سَفاهُ الرَّأْيِ مِنِّي ... لَعَمْرُ أَبِيكَ حِينَ كَسَرْتُ قَوْسِي

  ويُرْوَى: «لعَمْرُ اللهِ»⁣(⁣٦)، ثمّ صارَ مَثَلاً لِكُلِّ نادِمٍ على فِعْلٍ يَفْعَلُه، وإِيّاهُ عَنَى الفَرَزْدَقُ بقَوْلهِ:

  نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمّا ... غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوارُ

  وقالَ آخرُ:

  نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمَّا ... رَأَتْ عَيْنَاهُ ما فَعَلَتْ يَداهُ

  وقالَ الحُطَيْئَةُ:

  نَدِمْتُ نَدَامَةَ الكُسَعِيِّ لَمّا ... شَرَيْتُ رِضَى بَنِي سَهْمٍ برَغْمِ

  وِالكَسَعُ، مُحَرَّكَةً: مِنْ⁣(⁣٧) شِيَاتِ الخَيْلِ، مِنْ وَضَح القَوَائِمِ: أَنْ يَكُونَ البَيَاضُ في طَرَفِ الثُّنَّةِ مِنْ رِجْلِها عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ⁣(⁣٨)، وما أَحْسَنَ نَصَّ الجَوْهَرِيِّ: بَياضٌ في أَطْرافِ الثُّنَّةِ، يُقَال: فَرَسٌ أَكْسَعُ بَيِّنُ الكَسَعِ، ففيهِ اخْتِصَارٌ مُفِيدٌ.

  وِحَمَامٌ أَكْسَعُ: تَحْتَ ذَنَبِه رِيشٌ بِيضٌ، زادَ في التَّكْمِلَةِ: أَو حُمْرٌ، ولَمْ يَذْكُرْه الأَصْفَهَانِيُّ في «غَرِيبِ الحَمَامِ».

  وِمِنَ المجازِ: رَجُلٌ مُكَسَّعٌ، كمُعَظَّمٍ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: وهُوَ من نَعْتِ العَزَبِ إِذا لم يَتَزَوَّجْ، وتَفْسِيرُهِ: رُدَّتْ بَقِيَّتُه في ظَهْرِه، وأَنْشَدَ للرّاجِزِ:

  وِالله لا يُخْرِجُها مِنْ قَعْرِهِ ... إِلّا فَتًى مُكَسَّعٌ بغُبْرِهِ

  وهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَسْعِ النّاقَةِ، وهُوَ عِلاجُ الضَّرْعِ بالمَسْحِ وغَيْرِه، حَتَّى يَرْتَفِعَ اللَّبَنُ، وقد تَقَدَّمَ.

  وِقالَ أَبُو سَعِيدٍ: اكْتَسَعَ الفَحْلُ: إِذا خَطرَ فضَرَبَ فخِذَيْهِ بذَنَبِه فإِنْ شالَ بهِ، ثم طَوَاهُ⁣(⁣٩)، فقَدْ عَقْرَبَه.

  وِفي الصِّحاحِ: اكْتَسَعَ الكَلْبُ بذَنَبِه: إِذا اسْتَثْفَرَ بهِ.


(١) في الفاخر: «في رمي القتر» وقدّمه على المشطور الأول.

(٢) عن الفاخر وبالأصل «سوء احتمال».

(٣) من قوله ورمى ثالثاً إلى هنا سقط من الفاخر، وهو مثبت في اللسان، ومكانه في الفاخر: ثم مكث على حاله فمرّ به قطيع آخر فرمى عيراً فأمخطه السهم وصنع صنيع الأول فأنشأ يقول:

ما بال سهمي يوقد الحباحبا ... قد كنت أرجو أن يكون صائبا

وِأمكن العير وأبدى جانبا ... وِسار رأيي فيه رأياً خائبا

ثم مكث في مكانه، فمر به قطيع آخر فرمى عيراً فأمخطه السهم وصنع صنيع الأول فأنشأ يقول: أبعد خمس ...

(٤) في الفاخر: «مني» والأصل كاللسان.

(٥) وهي رواية اللسان.

(٦) وهي رواية اللسان.

(٧) في التهذيب: «في».

(٨) في التهذيب: أبي عبيدة.

(٩) عن التهذيب واللسان وبالأصل «طوّله».