[رهب]:
  الرَّاءَ، ومَعْنَاهُمَا واحدٌ، مثل الرُّشْدِ والرَّشَدِ، قال: ومَعْنَى جَنَاحكَ ها هنا يقالُ: العَضُدُ، ويقالُ: اليَدُ كُلُّهَا جَنَاحٌ، قال الأَزهريّ: وقال مُقَاتِلٌ في قوله [تعالى] {مِنَ الرَّهْبِ} هُو كُمُّ مِدْرَعَتِهِ، قال الأَزهريّ: وهو صَحِيحٌ في العربيةِ، والأَشْبَهُ بسِيَاقِ الكَلَامِ والتفسير واللهُ أَعلمُ بما أَرادَ، ويقال: وَضَعْتُ الشَّيْءَ في رُهْبِي، بالضَّمِّ، أَي في كُمِّي، قال أَبُو عَمْرٍو: يُقَالُ لِكُمِّ القمِيصِ: القُنُّ والرُّدْنُ والرَّهَبُ والخِلَافُ.
  والرَّهَابَةُ كالسَّحَابَةِ ويُضَمُّ، وشَدَّدَ هاءَهُ الحِرْمَازِيُّ أَي مَعَ الفَتْحِ والضَّمِّ كَمَا يُعْطِيهِ الإِطْلَاقُ: عَظْمٌ وفي غَيْرِه مِن الأُمِّهَاتِ: عُظَيْم(١)، بالتَّصْغِيرِ فِي الصَّدْرِ مُشْرِفٌ عَلى البَطْنِ قال الجَوهريُّ وابنُ فارِسٍ: مثْلُ اللِّسَانِ، وقال غيرُه(٢): كأَنَّهُ طَرَفُ لسَانِ الكَلْبِ ج رَهَابٌ(٣)، كَسَحَابٍ وفي حديث عَوْفِ بنِ مالِكٍ «لأَنْ يَمْتَلِئَ مَا بَيْنَ عَانَتِي إِلَى رَهَابَتِي قَيْحاً أَحَبُّ إِلَيَّ مِن أَن يَمْتَلِئَ شِعْراً» الرَّهَابَةُ: غُضْرُوفٌ كاللِّسَانِ مُعَلَّقٌ في أَسْفَلِ الصَّدْرِ مُشْرِفٌ عَلَى البطْنِ، قالَ الخَطَّابِيُّ: ويُرْوَى بِالنُّونِ، وهو غَلَطٌ، وفي الحديث «فَرَأَيْتُ السَّكَاكِينَ تَدُورُ بَيْنَ رَهَابَتِهِ ومَعِدَتِه» وعن ابن الأَعرابيّ: الرَّهَابَةُ: طَرَفُ المَعِدَةِ، والعُلْعُلُ: طَرَفُ الضِّلَعِ الذي يُشْرِفُ عَلَى الرَّهَابَةِ، وقال ابنُ شُمَيْل: في قَصِّ الصَّدْرِ: رَهَابَتُه، قال: وهو لِسَانُ القَصِّ مِنْ أَسْفَلَ، قال: والقَصُّ مُشَاشٌ.
  والرَّاهِبُ المُتَعَبِّدُ في الصَّوْمَعَةِ، وَاحِدُ(٤) رُهْبَانِ النَّصَارَى(٥)، ومَصْدَرُه: الرَّهْبَةُ والرَّهْبَانِيَّةُ، جَمْعُهُ الرُّهْبَانُ، والرَّهَابِنَةُ خَطَأٌ، أَو الرُّهْبَانُ بالضَّمِّ قَدْ يَكُونُ وَاحِداً كَمَا يَكُونُ جَمْعاً، فَمَنْ جَعَلَهُ وَاحِداً جَعَلَهُ عَلَى بِنَاءِ فُعْلَانٍ، أَنشد ابن الأَعْرَابيّ:
  لَوْ كَلَّمَتْ رُهْبَانَ دَيْرٍ فِي القُلَلْ ... لانْحَدَرَ الرُّهْبَانُ يَسْعَى فَنَزَلَ
  قال: وَوَجْهُ الكَلَامِ أَنْ يَكُونَ جَمْعاً بالنُّونِ، قال وإِن ج أَيْ جَمَعْتَ الرُّهْبَانَ(٦) الوَاحدَ رَهَابِين ورَهَابِنَة جَازَ وإِن فلتَ: رَهْبَانُونَ كانَ صواباً، وقال جَرِيرٌ فيمَنْ جَعَلَ رُهْبَان جَمْعاً:
  رُهْبَانُ مَدْيَنَ لَوْ رَأَوْكِ تَنَزَّلُوا ... والعُصْمُ مِنْ شَعَفِ العُقُولِ الفَادِر
  يقال: وَعِلٌ عَاقِلٌ: صَعِدَ الجَبَل، والفَادِرُ: المُسِنُّ مِنَ الوُعُولِ، وفي التنزيل {وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ}(٧) قال الفَارِسِيّ: رَهْبانِيَّةً مَنْصُوبٌ بفِعْلٍ مُضْمَرٍ، كَأَنَّهُ قالَ: وابْتَدَعُوا رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا، وَلَا يَكُونُ عَطْفاً على ما قَبْلَهُ مِنَ المَنْصُوبِ في الآيَةِ لأَنَّ مَا وُضِعَ في القَلْبِ لا يُبْتَدَعُ، قال الفارِسيّ: وأَصْلُ الرَّهْبَانِيَّةِ مِنَ الرَّهْبَةِ، ثُمَّ صارتِ اسْماً لِمَا فَضَلَ عن المِقْدَارِ وأَفْرَطَ فيه، وقال ابن الأَثير: والرَّهْبَانِيَّةُ مَنسُوبَةٌ إِلى الرَّهْبَنَةِ بِزِيَادَةِ الأَلِفِ، والرَّهْبَنَةُ فَعْلَنَةٌ مِنَ الرَّهْبَةِ، أَو فَعْلَلَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ أَصْلِيَّةِ النُّونِ، و في الحديث لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الإِسْلَامِ» والرِّوَايَةُ «لَا زِمَامَ(٨) وَلَا خِزَامَ وَلَا رَهْبَانِيَّةَ وَلَا تَبَتَّلَ وَلَا سِيَاحَةَ في الإِسْلَامِ» هِيَ كَالاخْتِصَاءِ واعْتِنَاقِ السَّلَاسِلِ مِنَ الحَدِيدِ ولُبْسِ المُسُوحِ وتَرْكِ اللَّحْمِ ومُوَاصَلَةِ الصُّومِ ونَحْوهَا مِمَّا كانتِ الرَّهَابِنَةُ تَتَكَلَّفُهُ، وقَدْ وَضَعَهُ اللهُ ø عَنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ. قال ابنُ الأَثِيرِ: كَانُوا يَتَرَهَّبُونَ بالتَّخَلِّي من أَشْغَالِ الدُّنْيَا، وتَرْكِ مَلَاذِّهَا، والزُّهْدِ فِيهَا والعُزْلَةِ عَن أَهْلِهَا، وتَعَمُّدِ مَشَاقّهَا، وفي الحديث «عَلَيْكُم بِالجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي»(٩).
  وعن ابن الأَعرابيّ أَرْهَبَ الرَّجُلُ، إِذَا طَالَ رَهَبُهُ، أَيْ كُمُّهُ.
(١) في اللسان: عُظيم. وفي المقاييس: والرَّهابُ: عظم.
(٢) كذا، ولعله «غيرهما».
(٣) في إحدى نسخ القاموس: «ج رهاب».
(٤) كذا بالأصل والقاموس والصحاح وفي اللسان: وأحد.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «رهبان في الفارسي أصله روهبان مركب معناه صاحب الزهد ثم خففوه وقالوا رهبان كما قيل ربانيون عبرانية معرّبة لأن العرب لا تعرفها انظر الأوقيانوس وشفاء الغليل».
(٦) عن اللسان، وبالأصل «للرهبان».
(٧) سورة الحديد الآية ٢٧.
(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «الزمام هو ما كان عباد بني إسرائيل يفعلونه من زم الأنوف وهو أن يخرق الأنف ويعمل فيه زمام كزمام الناقة ليقاد به والخزام جمع خزامة وهي حلقة من شعر تجعل في أحد جانبي منخري البعير كانت بنو إسرائيل تخرم أنوفها وتخرق تراقيها ونحو ذلك من أنواع التعذيب فوضعه الله تعالى عن هذه الأمة اه من النهاية.»
(٩) يريد كما أنه ليس عند النصارى عمل أفضل من الترهيب، ففي الإسلام لا عمل أفضل من الجهاد، فلا ترك ولا زهد ولا تخلي أكثر من بذل النفس في سبيل الله.