[ودع]:
  أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ ... وِالدَّهْرُ لَيْسَ بمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ(١)
  وقالَ غَيْرُه:
  وِلا بُدَّ مِنْ شَكْوَى إِلَى ذِي مُرُوءَةٍ ... يُواسِيكَ أَو يُسْلِيكَ أَو يَتَوَجَّعُ
  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
  أَوْجَعَ في العدُوِّ: أَثْخَنَ.
  [ودع]: الوَدْعَةُ، بالفَتْحِ، ويُحَرَّكُ، ج: وَدَعَاتٌ، مُحَرَّكَةً: مَناقِيفُ صِغارٌ، وهِيَ: خَرَزٌ بِيضٌ تُخْرَجُ مِنَ البَحْرِ تَتفَاوَتُ في الصِّغَرِ والكِبَرِ، كَما فِي الصِّحاحِ، زَادَ فِي اللِّسَانِ: جُوفُ البُطُونِ، بَيْضَاءُ تُزَيَّنُ بِها العَثَاكِيلُ، شَقُّهَا كشَقِّ النَّواةِ، وقِيلَ: فِي جَوْفِها دُودَةٌ كَلَحْمَةٍ، كما نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ عن اللَّيْثِ، وفي اللِّسَانِ: دُوَيْبَّةٌ كالحَلَمَةِ تُعَلَّقُ لِدَفْع العَيْنِ، ونَصُّ إِبْرَاهِيمَ الحَرْبِيِّ: تُعَلَّقُ مِنَ العَيْنِ(٢) ومِنْهُ الحَدِيثُ: «مَنح تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلَا وَدَعَ اللهُ لَهُ».
  وقالَ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ: إِنَّ هذِه الخَرَزَاتِ يَقْذِفُها البَحْرُ، وإِنَّهَا حَيَوانٌ مِنْ جَوْفِ البَحْرِ، فإِذا قَذَفَها ماتَتْ، ولَهَا بَرِيقٌ وحُسْنُ لَوْنٍ وتَصْلُبُ صَلابَةَ الحَجَرِ فَتُثْقَبُ، وتُتَّخَذُ مِنْهَا القَلائِدُ، واسْمُها مُشْتَقٌّ مِنْ وَدَعْتُه بمَعْنَى تَرَكْتُه؛ لِانَّ البَحْرَ يَنْضُبُ عَنْهَا ويَدَعُها، فَهِيَ وَدَعٌ، مِثْلُ قَبْضٍ وقَبَضٍ؛ فإِذَا قُلْتَ بالسُّكُونِ، فهِيَ مِنْ بابِ ما سُمِّيَ بالمَصْدَرِ، انتهى. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِلشّاعِرِ، وهُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَّفَةَ المَرِّيُّ، وفِي العُبَابِ واللِّسَانِ عَقِيلُ بنُ عُلَّفَةَ -:
  وِلا أُلْقِي لِذِي الوَدَعَاتِ سَوْطِي ... لأَخْدَعَهُ وعِرَّتَه أُرِيدُ
  قالَ ابنُ بَرِّي: صَوابُ إِنْشادِه:
  أُلاعِبُهُ وزَلَّتَهُ أُرِيدُ
  ومِثْلُه في العُبَابِ، ويُرْوَى أَيْضاً: ورَبَّتَهُ، وريبَتَه، وغِرَّتَهُ. وشاهِدُ الوَدْعِ - بالسُّكُونِ - قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
  كأَنَّ أُدْمَانَها والشَّمْسُ جانِحَةٌ ... وَدْعٌ بأَرْجَائِهَا فَضٌّ ومَنْظُومُ
  وشاهِدُ المُحَرَّكِ ما أَنْشَدَهُ السُّهَيْليُّ في الرَّوْض:
  إِنَّ الرُّوَاةَ بِلا فَهْمٍ لِمَا حَفِظُوا ... مِثْلُ الجِمَالِ عَلَيْها يُحْمَلُ الوَدَعُ
  لا الوَدْعُ يَنْفَعُهُ حَمْلُ الجِمَالِ لَهُ ... وِلا الجِمَالُ بحَمْلِ الوَدْعِ تَنْتَفِعُ
  وفي البَيْتِ الأَخِيرِ شاهِدُ السُّكونِ أَيضاً. وشاهِدُ الوَدَعَةِ ما أَنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ:
  وِالحِلْمُ حِلْمُ صَبِيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَهْ
  قلتُ: وهكَذا أَنْشَدَهُ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ، والبَيْتُ لأبِي دُوَادٍ الرُّؤَاسِيِّ، والرِّوايَةُ:
  السِّنُّ مِنْ جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خَلَقٍ ... وِالعَقْلُ عَقْلُ صَبيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَةْ(٣)
  وِذاتُ الوَدَعِ مُحَرَّكَةً، هكَذا في النُّسَخِ، والصَّوَابُ بالسُّكُونِ: الأَوْثَانُ، ويُقَالُ: هُوَ وَثَنٌ بعَيْنهِ، وقِيلَ: سَفِينَةُ نُوحٍ #، وبُكُلٍّ مِنْهُمَا فُسِّرَ قَوْلُ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ العِبَادِيِّ:
  كَلّا، يَمِيناً بِذاتِ الوَدْعِ لَوْ حَدَثَتْ ... فِيكُمْ وقابَلَ قَبْرُ الماجِدِ الزّارَا(٤)
  الأَخِيرُ قَوْلُ ابنِ الكَلْبِيِّ، قالَ: يَحْلِفُ بِها، وكانَتِ العَرَبُ تُقْسِمُ بِهَا، وتَقُولُ: بذَاتِ الوَدْعِ. وقالَ أَبُو نَصْرٍ: هِيَ الكَعْبَةُ شَرَّفَهَا اللهُ تَعَالَى؛ لِانَّهُ كانَ يُعَلَّقُ الوَدَعُ(٥) في سُتُورِهَا فهذِهِ ثَلاثَةُ أَقوالٍ.
  وِذُو الوَدَعاتِ، مُحَرَّكَةً: لَقَبُ هَبَنَّقَة، واسْمُه يَزِيدُ بنُ ثَرْوَانَ، أَحَدُ بَنِي قَيْسِ بنِ ثَعْلَبَةَ، لُقِّبَ بهِ لأَنَّه جَعَلَ فِي عُنُقِه قِلادَةً مِنْ وَدَعٍ وعِظَامٍ وخَزَفٍ، مع طُولِ لِحْيَتِه، فسُئلَ عن ذلِكَ فقَالَ: لِئَلّا أَضِلَّ أَعْرِفُ بِهَا نَفْسِي، فسَرَقَها
(١) ديوان الهذليين ١/ ١ برواية: «وريبها» قال الضبي المنون: الدهر، وعلى هذا التفسير روي: وريبه، وقيل: المنون: المنية وعلى هذا التفسير روى «رويبها» بتأنيث الضمير.
(٢) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «المعين».
(٣) قال ابن بري: أنشده الأصمعي في الأصمعيات لرجل من تميم.
(٤) المراد بالماجد - كما في اللسان - النعمان بن المنذر والزار أراد الزارة بالجزيرة وكان النعمان مرض هنالك.
(٥) ضبطت في التهذيب بسكون الدال.