فصل الواو مع العين
  المَيْسُورِ والمَعْسُورِ: يَسَرَهُ وَعَسَرَهُ، كما فِي الصِّحاحِ، وقالَ ابنُ سِيدَه: وقَدْ تَجِيءُ الصِّفَةُ ولا فِعْلَ لَهَا، كما حُكِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ مَفْؤُودٌ، لِلْجَبَانِ، ومُدَرْهَمٌ لِلْكَثِيرِ الدَّرَاهِم، ولَمْ يَقُولُوا: فُئِدَ، ولا دُرْهِمَ، وقالُوا: أَسْعَدَهُ اللهُ، فهُوَ مَسْعُودٌ، ولا يُقَالُ: سُعِدَ، إِلّا فِي لُغَةٍ شاذَّةٍ.
  وِالوَدِيعَةُ: واحِدَةُ الوَدَائِعِ، كما فِي الصِّحاحِ، وهي ما اسْتُودِعَ، وأَنْشَدَ الصّاغَانِيُّ لِلَبِيدٍ ¥:
  وِما المالُ والأَهْلُونَ «إِلّا وَدِيعَةٌ ... وِلا بُدَّ يَوْماً أَنْ تُرَدَّ الوَدَائِعُ
  وأَنْشَدَه الإِمامُ مُحْيِي الدِّينِ عَبْدُ القادِرِ الطَّبَرِيُّ، إِمامُ المَقَامِ، في طَيِّ كِتابٍ إِلى المُفْتِي وَجِيهِ الدِّينِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ عِيسَى المُرْشِدِيِّ المَكِّيّ يُعَزِّيهِ في وَلَدِه حُسَيْنٍ، ما نَصّه:
  فما المَالُ والأَبْنَاءُ إِلّا وَدَائِعٌ ..
  الخ والرِّوايَةُ الصَّحِيحَةُ ما ذَكَرْنَا.
  وِالوَدِيعُ كأَمِيرٍ: العَهْدُ، ج: وَدَائِعُ، ومِنْهُ كِتَابُ النَّبِيِّ ÷: «لكُمْ يا بَنِي نَهْدٍ وَدائِعُ الشِّرْكِ، ووَضَائِعُ المالِ» أَي العُهُودُ والمَواثِيقُ، وهُوَ مِنْ تَوادَعَ الفَرِيقَانِ: إِذَا تَعَاهَدَا عَلَى تَرْكِ القِتَالِ، وكانَ اسْمُ ذلِكَ العَهْدِ وَدِيعاً(١)، وقالَ ابنُ الأَثِيرِ: ويَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُوا بِها ما كانُوا اسْتُودِعُوه مِنْ أَمْوَالِ الكُفّارِ الّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسْلامِ، أَرادَ إحْلَالَها لَهُم؛ لأَنَّهَا مالُ كافِرٍ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ ولا شَرْطٍ، ويَدُلُّ عليهِ قَوْلُه فِي الحَدِيثِ: «ما لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ ولا مَوْعِدٌ».
  وِالوَدِيعُ مِنَ الخَيْلِ: المُسْتَرِيحُ الصائِرُ إِلى الدَّعَةِ والسُّكُون، كالمَوْدُوعِ على غَيْرِ قِيَاسٍ، والمُودَعِ لم يَضْبِطْه، فاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ كمُكْرَمٍ، كما هُو في النُّسَخِ كُلِّها، وكمُعَظَّمٍ، وقد رُوِيَ بالوَجْهَيْنِ، قالَ ابنُ بُزُرْجَ: فَرَسٌ وَدِيعٌ، ومَوْدُوعٌ، ومُودَعٌ(٢)، وأَنْشَدَ لِذِي الإِصْبَعِ العَدْوَانِيِّ:
  أُقْصِرُ مِنْ قَيْدِه وأُودِعُهُ ... حَتّى إِذَا السِّرْبُ رِيعَ أَو فَزِعَا
  فهذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّه مِنْ أَوْدَعَه فَهُو مُودَوعٌ.
  وقالَ ابنُ بَرِّيّ في أَمالِيهِ: وتَقُولُ: خَرَجَ زَيْدٌ فوَدَّعَ أَباهُ وابْنَه وكَلْبَه، وفَرَسَه، وهُوَ فَرَسٌ مُوَدَّعٌ، ووَدَّعَه، أَي: وَدَّعَ أباه عند السَّفرِ من التَّوْدِيعِ، ووَدَّعَ ابْنَه: جَعَلَ الوَدْعَ في عُنُقِهِ، وكَلْبَه: قَلَّدَه الوَدْعَ، وفَرَسه: رَفَّهَهُ، وهُوَ فَرَسٌ مُوَدَّعٌ ومَوْدُوعٌ، علَى غَيْرِ قِياسٍ.
  وَودَعَ الشَّيْءَ: صانَهُ في صِوانِه، فهذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّه مِنْ وَدَعَه فهو مُودَعٌ ومَوْدُوعٌ، ويَشْهَدُ لِما قَالَهُ ابنُ بُزُرْجَ ما أَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيتِ لِمُتَمِّمٍ بنِ نُوَيْرَةَ ¥ يَصِفُ ناقَتَه:
  قاظَتْ أُثالَ إِلَى المَلا وَتَرَبَّعَتْ ... بالحَزْنِ عازِبَةً تُسَنُّ وتُودَعُ(٣)
  قالَ: تُودَعُ، أَي: تُوَدَّعُ، وتُسَنُّ أَيْ: تُصْقَلُ بالرِّعْيِ(٤).
  وِالتُّدْعَةُ بالضَّمِّ، وكهُمْزَةٍ، وسَحابَةٍ والدَّعَةُ، بالفتحِ، على الأَصْلِ والهاءُ عَوِضٌ من الواوِ، والتاءُ في التَّدْعَةِ عَلَى البَدَلِ: الخَفْضُ، والسُّكُونُ والرّاحَةُ، والسَّعَةُ في العَيْشِ، وقد تَوَدَّعَ واتَّدَعَ فهُوَ مُتَّدِعٌ: صاحِبُ دَعَةٍ وسُكُونٍ ورَاحَةٍ.
  وِالمِيدَعُ، والمِيدَعَةُ، والمِيداعَةُ، بالكَسْرِ في الكُلِّ: الثَّوْبُ المُبْتَذَلُ، قالَ الكِسَائِيُّ: هِيَ الثِّيَابُ الخُلْقَانُ الَّتِي تُبْذَلُ، مِثْلُ المَعاوِزِ، وقالَ أَبُو زيدٍ: المِيدَعُ: كُلُّ ثَوْبٍ جَعَلْتَه مِيدَعاً لِثَوْبٍ جَدِيدٍ تُوَدِّعُه بِهِ، أَي: تَصُونُه بهِ، ويُقَالُ: مِيدَاعَةٌ، ج: مَوادِعُ هُوَ جَمْعُ مِيدَعٍ، وأَصْلُه الواوُ، لأَنَّكَ وَدَّعْتَ بهِ ثَوْبَكَ، أَي: رَفَّهْتَه بهِ، قالَ ذُو الرُّمَّةِ:
  هِيَ الشَّمْسُ إِشْرَاقاً إِذا ما تَزَيَّنَتْ ... وِشِبْهُ النَّقَى مُقْتَرَّةً في المَوادِعِ(٥)
  قالَ الأَصْمَعِيّ: المِيدَعُ: الثَّوْبُ الّذِي تَبْتَذِلُه وتُوَدِّعُ بهِ
(١) هذا قول القتيبي كما في غريب الهروي، يقال: أعطيته وديعاً أي عهداً.
(٢) ضبطت عن اللسان دار المعارف، وفي التهذيب ومودَّع على أنه اسم مفعول من الإبداع.
(٣) البيت من المفضلية رقم ٩ لمتمم بن نويرة ونسبه في التهذيب واللسان خطأ لمالك بن نويرة.
(٤) يقال: سنّ إبله إذا أحسن القيام عليها وصقلها وكذلك إذا صقل فرسه إذا أراد أن يبلغ من ضمره ما يبلغ الصيقل من السيف، وهذا مثل.
(٥) وتروى: «مغترة» و «معترة».