تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وذع]:

صفحة 506 - الجزء 11

  وفِي النِّهَايَةِ: وَرِعَ يَرِعُ رِعَةً، مِثْلُ: وَثِقَ يَثِقَ ثِقَةً، وهُوَ، وَرِعٌ ككَتِفِ، أَي مُتَّق، ونَقَلَه الجَوْهَرِيُّ أَيْضاً، واقْتَصَرَ عَلَى وَرِعَ، كوَرِثَ.

  وِالوَرَعُ، بالتَّحْرِيكِ أَيْضاً: الجَبانُ، قالَ اللَّيْثُ: سُمِّيَ بِهِ لإِحْجَامِه ونُكُوصِهِ، ومِثْلُه قَوْلُ ابنِ دُرَيْدٍ، قال ذُو الإِصْبَعِ العَدْوَانِيُّ:

  إِنْ تَزْعُمَا أَنَّنِي كَبِرْتُ فلَمْ ... أَلْفَ بَخِيلاً نِكْساً ولا وَرَعَا

  وقال الأَعْشَى:

  أَنْضَيْتُها بَعْدَ ما طَالَ الهِبَابُ بِها ... تُؤُمُّ هَوْذَةَ لا نِكْساً ولا وَرَعَا

  وفي الصِّحاحِ: قالَ ابنُ السِّكِّيتِ: وأَصْحابُنا يَذْهَبُونَ بالوَرَعِ إِلَى الجَبَانِ، ولَيْسَ كذلِكَ، وإِنَّما الوَرَعُ: الصَّغِيرُ الضَّعِيفُ الّذِي لا غَنَاءَ عِنْدَهُ، وقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الضَّعِيف مِنَ المالِ وغَيْرِه، كالرَّأْيِ والعَقْلِ والبَدَنِ، فعَمَّهُ.

  قُلْتُ: ويَشْهَدُ لِما ذَهَبَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ وابْنُ دُرَيْدٍ قَوْلُ الرّاجِزِ:

  لا هَيَّبَانٌ قَلْبُهُ مَنّانُ ... وِلا نَخِيتٌ⁣(⁣١) وَرَعٌ جَبانُ

  فهذِه كُلُّها مِنْ صِفَاتِ الجَبَانِ، الفِعْلُ مِنْهما، أَي: من الجَبَانِ والصَّغِيرِ: وَرَعَ كوَضَعَ وَكَرُمَ، وعَلَى الأَخِيرِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ، وفي اللِّسَانِ: وأُرَى يَرَعُ بالفَتْحِ لُغَةً فِيهِ، إِشارَةً إِلى أَنَّه كوَضَعَ، الَّذِي قَدَّمَه المُصَنِّف. وفَاتَه: وَرِعَ يَرِعُ، كوَرِثَ يَرِثُ، حَكاهُ ثَعْلَبٌ عن يَعْقُوبَ هُنَا، كَمَا فِي اللِّسَانِ، وَرَاعَةً، ووَرَاعاً، وَوَرْعَةً، بالفَتْحِ في الكُلِّ، ويُضَمُّ. الأَخِيرُ، ووُرُوعاً، كقُعُودٍ، ووُرْعاً، بالضَّمِّ، وبِضَمَّتَيْنِ، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ عَلَى وُرُوعٍ كقُعُودٍ، وَعَلَى وُرْع بالضَّمِّ، ووَرَاعَةٍ. وفاتَهُ: الوُرُوعَةُ، بالضَّمِّ، نَقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ في قَوْلِه: رَجُلٌ وَرَعٌ بَيِّنُ الوُرُوعَةِ، أَي: جَبانٌ. وفاتَه أَيْضاً: وَرَعاً مُحَرَّكَةً، نَقَلَهُ ثَعْلَبٌ، والوَراعَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ وَرُعَ، ككَرُمَ كَرَامَةً، أَو وَرِعَ كوَرِثَ وِرَاثَةً، وكِلاهُمَا صَحِيحٌ في القِيَاسِ والاسْتِعْمَالِ أَي: جَبُنَ وصَغُرَ وضَعُفَ. والرِّعَةُ، بالكَسْرِ: الهَدْيُ، وحُسْنُ الهَيْئَةِ، أَو سُوءُهَا، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ، وهُوَ ضِدُّ، وفي حَدِيثِ الحَسَنِ: «ازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، فرَأَى مِنْهُمْ رِعَةً سَيِّئَةً، فقالَ: اللهُمَّ إِلَيْكَ» يُرِيدُ بالرِّعَةِ هُنَا: الاحْتِشامَ والكَفَّ عَنْ سُوءِ الأَدَبِ، أَي: لَمْ يُحْسِنُوا ذلِكَ، وفي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: «وأَعِذْنِي مِنْ سُوءِ الرِّعَةِ» أَي: مِنْ سُوءِ الكَفِّ عَمّا لا يَنْبَغِي.

  وِالرِّعَةُ: الشَّأْنُ والأَمْرُ والأَدَبُ، يُقَال: هُمْ حَسَنٌ رِعَتُهُمْ، بهذا المَعْنَى، وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:

  رِعَةَ الأَحْمَقِ يَرْضَى ما صَنَعْ

  وفَسَّرَهُ فقال: رِعَةُ الأَحْمَقِ: حالَتُه الَّتِي يَرْضَى بِهَا.

  وِيُقَال: مالُهُ أَوْرَاعٌ، أَي: صِغارٌ جَمْعُ وَرَعٍ، بالتَّحْرِيكِ، وهوَ مِنْ بَقِيَّةِ قَوْلِ ابْنِ السِّكِّيتِ الَّذِي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، والفِعْلُ: وَرُعَ، ككَرُمَ وَراعَةً، ووُرْعاً، ووُرُوعاً، بضَمِّهِمَا. قُلْتُ: وهذَا تَكْرَارٌ مَعَ ما سَبَقَ لَهُ؛ لأنَّ مُرَادَه أَنَّ الفِعْلَ مِنْ قَوْلِهِم: مالَهُ أَوْرَاعٌ، وهو جَمْعُ وَرَعٍ للضَّعِيف الصَّغِيرِ، وقَدْ وَرُعَ، وهذا قَدْ تَقَدَّمَ، فتَأَمَّلْ.

  وِوَرِعَ كوَرِثَ: كَفَّ ومِنْهُ الحَدِيثُ: «وبِنَهْيِهِ يَرِعُونَ»، أَي يَكُفُّونَ، وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «وإِذا أَشْفَى وَرِعَ» أَي: إِذا أَشْرَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَفَّ، وهذا أَيْضاً قد تَقَدَّمَ في أَوَّلِ المادَّةِ، إِذِ المُرَادُ بالتَّقْوَى هُوَ الكَفُّ عَنِ المحَارِمِ، فَتَأَمَّلْ ذلِك.

  وِالوَرِيعُ، كأَمِيرٍ: الكافُّ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

  وِالوَرِيعَةُ بهاءٍ: فَرَسٌ للأَحْوَصِ بنِ عَمْرٍو الكَلْبِي وَهَبها لِمالِك بنِ نُوَيْرَةَ التَّمِيمِيِّ، ¥، وكانَتْ فَرَسَه نِصابُ قَدْ عُقِرَتْ تَحْتَه، فَحَمَلَه الأَحْوَصُ عَلَى الوَرِيعَةِ، فقالَ مالِكٌ يَشْكُرُه:

  وِرُدَّ نَزِيلَنا بِعَطاءِ صِدْقٍ ... وِأَعْقِبْهُ الوَرِيعَةَ مِنْ نِصابِ

  وأَنْشَدَه المازِنِيُّ، فقال: «ورُدَّ خَلِيلَنَا».

  وِالوَرِيعَةُ: ع قِيلَ: حَزْمٌ لِبَنِي فُقَيْم، قالَ جَرِيرٌ:

  أَيُقِيمُ أَهْلُكِ بالسِّتَارِ، وأَصْعَدَتْ ... بَيْنَ الوَرِيعَةِ والمَقَادِ حُمُولُ؟

  وقالَ المُرَقِّشُ الأَصْغَرُ يَصِفُ الظُّعْنَ:


(١) عن اللسان وبالأصل «نجيب».