تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[تنف]:

صفحة 101 - الجزء 12

  وقال بَدْرُ بن عامرٍ الهُذَلِيُّ:

  أَفُطَيْمُ هَلْ تَدْرِينَ كَمْ مِنْ مَتْلَفٍ ... حَاذَرْتُ لا مَرْعًى⁣(⁣١) ولا مَسْكُونِ

  قال السُّكَّرِيُّ: بَلَدٌ مَتْلَفٌ: ذُو تَلَفٍ وذُو هَلَاكٍ، لا مَرْعًى به يُرْعَى.

  وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ المَفَازةُ مَتْلَفاً لِأَنَّهَا تُتْلِفُ سَالِكَها في الْأَكْثَرِ، قال أَبو ذُؤَيْبٍ:

  وَمَتْلَفٍ مِثْلِ فَرْقِ الرَّأْسِ تَخْلِجُهُ ... مَطَارِبٌ زَقَبٌ أَمْيَالُهَا فِيحُ⁣(⁣٢)

  وَكذلِكَ المَتْلَفَةُ، ومنه قول طَرَفَةَ:

  بمَتْلَفَةٍ لَيْسَتْ بِطَلْحٍ ولَا حَمْضٍ⁣(⁣٣)

  أي ليستْ بمَنْبِتِ طَلْحٍ ولا حَمْضٍ.

  ويُقال: ذَهَبَتْ نَفْسُهُ تَلَفاً، وطَلَفاً، مُحَرَّكَتَيْن، بمعْنًى واحدٍ، أي هَدَرًا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.

  ورَجُلٌ مُخْلِفٌ مُتْلِفٌ، ومِخْلَافٌ مِتْلَافٌ، وَقد أَتْلَفَ مَالَهُ: إذا أَفْنَاهُ إِسْرَافاً، وفي الصِّحاحِ: رَجُلٌ مِتْلَافٌ: كَثِيرُ الإِتْلَافِ لِمَالِهِ.

  وأَتْلَفْنَا الْمَنَايَا، في قَوْلِ الفَرَزْدَقِ الشاعر:

  وأَضْيَافِ لَيْلٍ قد بَلَغْنَا قِرَاهُمُ

  وَفي العُبَابِ: فَعَلْنَا قِرَاهُمُ:

  إِلَيْهِمْ وأَتْلَفْنَا الْمَنَايَا وأَتْلَفُوا

  وَفي اللِّسَانِ:

  وَقَوْمٍ كِرَامٍ قد نَقَلْنَا إِلَيْهِمُ ... قِرَاهُمْ فَأَتْلَفْنَا الْمَنَايَا وأَتْلَفُوا

  أي: صَادَفْنَاهَا ذاتَ إِتْلَافٍ هؤُلاءِ⁣(⁣٤) غَزِيٌّ غَزَوْهُمْ، يقولُ: وقَعْنا بهم فقَتَلْنَاهم، كما تقولُ: أَتَيْنَا فُلانًا فأَبْخَلْنَاهُ وَأَجْبَنَّاهُ، أي صَادَفْنَاهُ كذلك، ونَصُّ ابنِ السِّكِّيتِ أي: صَادَفْنَاهَا تُتْلِفُنَا، وصَادَفُوهَا تُتْلِفُهم، قال: أَو صَيَّرْنَا الْمَنَايَا تَلَفاً لهم، وصَيَّرُوهَا تَلَفاً لنا، وَقال غيرُه: أَو وَجَدْنَاهَا تُتْلِفُنَا، أي: ذاتَ تَلَفٍ، أو ذاتَ إِتْلافٍ، ووَجَدُوهَا تُتْلِفُهُمْ كذلِك.

  * ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  المَتْلَفَةُ: مَهْوَاةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى تَلَفٍ. والتَّلْفَةُ: الْهَضْبَةُ الْمَنِيعَةُ التي يَغْشَى مَن تَعاطَاهَا التَّلَفُ، عن الهَجَرِيّ، وَأَنْشَدَ:

  أَلَا لَكُمَا فَرْخَانِ في رَأْسِ تَلْفَةٍ ... إِذَا رَامَهَا الرَّامِي تَطَاوَلَ نِيقُهَا

  وَرَجلٌ تَلْفَانُ، وتَالِفٌ: أي هَالِكٌ، مُوَلَّدَةٌ، والمَتْلُوفُ: ضِدُّ المَعْرُوفِ، مُوَلَّدَةٌ أَيضاً، ومِن أَمْثَالِهِم: «السَّلَفُ تَلَفٌ» وَفي الحديثِ: «إنَّ مِنَ الْقَرَفِ التَّلَفَ» وسيأْتي في «قرف».

  [تنف]: التَّنُوفَةُ، والتَّنُوفِيَّةُ، قال الجَوْهَرِيُّ: وهذا كما قالوا: دَوٌّ ودَوِّيَّةٌ؛ لأَنَّها أَرْضٌ مِثْلُهَا، فنُسِبَ إِليها: الْمُفَازَةُ، و* القَفْرُ من الأَرْضِ، قال المُؤَرِّجُ: التَّنُوفَةُ: الأَرْضُ الْوَاسِعَةُ الْبَعِيدَةُ⁣(⁣٥) ما بَيْنَ الْأَطْرَافِ، أَو هي الْفَلَاةُ التي لَا مَاءَ بها ولا أَنِيسَ، وإِن كَانَتْ مُعْشِبَةً، وَهذا قولُ ابنُ شُمَيْلٍ، وقالَ أَبو خَيْرَةَ: هي البَعِيدَة، وفيها مُجْتَمَعُ كَلإٍ، وَلكنْ لا يُقْدَرُ علَى رَعْيِهِ لِبُعْدِهَا، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لابنِ أَحْمَرَ:

  كَمْ دُونَ لَيْلَى مِن تَنُوفِيَّةٍ ... لَمَّاعَةٍ تُنْذَرُ فِيها النُّذُرْ


(١) ديوان الهذليين ٢/ ٢٥٦ برواية جاوزت بدل حاذرت ونقل شارحه عن ابن دريد: لا مَرعٍ.

(٢) ديوان الهذليين ١/ ١١٠.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٦٦ وروايته:

فأقسمت عند النصب: إني لهالك ... بملتفّةٍ ليست بغبط ولا خفض

وَعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه، والمثبت كرواية اللسان وفيه: قال طرفة أو غيره.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: هؤلاء الخ كذا في الأصل وليحرر» وَفي اللسان غزا: ورجل غازٍ من قوم غُزًّى ... وغَزِيٌّ على مثال فعيلٍ. حكاها سيبويه وقال قلبت الواو ياء لخفة الياء وثقل الجمع. قال الأزهري يقال لجمع الغازي غزيٌّ مثل ناد وندِيٍّ، وشاهده قول زياد الأعجم، وقيل لغيره:

قل للقوافل والغزيّ إذا غزوا ... وَالباكرين وللمجدّ الرائح

(*) بالقاموس: «أو» بدل: «و».

(٥) في التهذيب واللسان: المتباعدة.