تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الفاء

صفحة 125 - الجزء 12

  التي تُخَالِطُ الجَوْفَ، والتي تَنْفُذُ أَيضاً، كما في الصِّحاحِ، وَمنه الحَدِيثُ: «في الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ»، قال ابنُ الأَثِير: وَالمُرَادُ بالجَوْفِ هاهنا كُلُّ ما لَهُ قُوَّةٌ مُحِيلَةٌ كالبَطْنِ وَالدِّمَاغِ، وفي حديثٍ⁣(⁣١): «ومَا مِنَّا أَحَدٌ لَوْ فُتِّشَ إِلَّا فُتِّشَ عَنْ جَائِفَةٍ أَوْ مُنَقِّلَةٍ إِلَّا عُمَرَ، وابنَ⁣(⁣٢) عُمَرَ» أَراد ليس أَحَدٌ إِلَّا وَفيه عَيْبٌ عَظِيمٌ، فاسْتَعَارَ الْجَائِفَةَ والمُنَقِّلَةَ لذلك.

  وجِيفَانُ عَارِضِ الْيَمَامَةِ: خَمْسَةُ مَوَاضِعَ، يُقَال: جَائِفُ كذا، وجَائِفُ كذا نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ⁣(⁣٣).

  وتَلْعَةٌ جَائِفَةٌ: قَعِيرَةٌ، ج: جَوَائِفُ.

  وَجَوَائِفُ النَّفْسِ: ما تَقَعَّرَ مِن الجَوْفِ في⁣(⁣٤) مَقَارِّ الرُّوحِ قال الفَرَزْدَقُ:

  أَلَم يَكْفِينِي مَرْوَانُ لَمَّا أَتَيْتُهُ ... زِيَاداً ورَدَّ النَّفْسَ بَيْنَ الْجَوَائِفِ؟

  كذا في اللسان، ويُروى:

  نِفَارًا ورَدَّ النَّفْسَ بَيْنَ الشَّرَاسِفِ

  والْمَجُوفُ، كمَخُوفٍ: الرَّجُلُ الْعَظِيمُ⁣(⁣٥) الْجَوْفِ، عن أَبِي عُبَيْدةَ، قال الْأَعْشَى يَصِفُ نَاقَتَهُ:

  هِي الصَّاحِبُ الْأَدْنَى وبَيْنِي وبَيْنَهَا ... مَجُوفٌ عِلَافيٌّ وقِطْعٌ ونُمْرُقُ

  يقول: هي الصَّاحِبُ الذي يَصْحَبُنِي، كما في الصِّحاحِ وَالعُبَابِ.

  والمُجَوَّفُ، كمُعَظَّمٍ: ما فِيه تَجْوِيفٌ، وهو أَجْوَفُ، كما في الصِّحاحِ، قال: والمُجَوَّفُ مِن الدَّوابِّ، الذي يَصْعَدُ الْبَلَقُ منه حتَّى يَبْلُغَ الْبَطْنَ، عن الأَصْمَعِيِّ، وأَنْشَدَ لطُفَيْلٍ الْغَنَوِيِّ:

  شَمِيطُ الذُّنابَى جُوِّفَتْ وهْيَ جَوْنَةٌ ... بِنُقْبَةِ دِيبَاجٍ ورَيْطٍ مُقَطَّعِ

  وَقال أَبو عمرٍو: وإذا ارْتَفَعَ بَلَقُ الفَرَسِ إلى جَنْبَيْهِ فهو مُجَوَّفٌ بَلَقًا، وأَنْشَدَ:

  وَمُجَوَّف بَلَقًا مَلَكْتُ عِنَانَهُ ... يَعْدُو علَى خَمْسٍ قَوَائِمُهُ زكَا

  على خمْسٍ، أي: مِن الوَحْشِ فيَصِيدُهَا.

  وَقال أَبو عُبَيْدٍ: أَجْوَفُ: أَبْيَضُ البَطْنِ إِلَى مُنْتَهَى الجَنْبَيْنِ، ولَونُ سَائِرِه ما كانَ، وهو المُجَوَّفُ بالْبَلَقِ، وَمُجَوَّفٌ بَلَقًا.

  ومِن المَجَازِ: المُجَوَّفُ مِنَ الرِّجَالِ: مَن لَا قَلْبَ له، وَهو الجَبَانُ، ومنه قَوْلُ حَسَّانَ يَهْجُو أَبا سُفْيَانَ بنَ المُغِيرَةِ بنِ الحارِث بن عبدِ المُطَّلِبِ ®:

  أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفْيَانَ عَنِّي ... فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ

  أي خَالِي الجَوْفِ مِن القَلْبِ، ووَقَعَ في اللِّسَانِ: «أَلا أَبلغ أَبا حَسَّانَ»⁣(⁣٦) والصوابُ ما ذكرتُ.

  والْجُوفيُّ، ككُوفيٍّ، وقد يُخَفَّفُ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ، والجُوَافُ، كغُرَابٍ: سمَكٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، قال: وَأَنْشَدَنِي أَبو الغَوْثِ قَوْلَ الرَّاجِزِ:

  إِذا تَعَشَّوْا بَصَلاً وخَلَّا ... وكَنْعَداً وجُوفِيا قَدْ صَلَّا

  باتُوا يَسُلُّونَ الْفُسَاءَ سَلَّا ... سَلَّ النَّبِيطِ الْقَصَبَ الْمُبْتَلَّا

  قلتُ: ورِوَايَةُ ابنُ دُرَيْدٍ:

  وجُوفِياً مُحَسَّفاً قد صَلَّا⁣(⁣٧)

  قال الجَوْهَرِيُّ: وإِنَّمَا خَفَّفَهُ للضَّرُورَةِ.

  وَفي النِّهايَةِ، في حَدِيثِ مالِكِ بنِ دِينَارٍ: «أَكَلْتُ رِغيفاً وَرَأْسَ جُوَافَة فَعَلَى الدُّنيَا الْعَفَاءُ»، الجُوَافَةُ، بالضَّمِّ: ضَرْبٌ مِن السَّمَكِ، وليس مِن جَيِّدِهِ.

  وقال المُؤَرِّجُ⁣(⁣٨): الْجُوفَانُ، بالضَّمِّ: أَيْرُ الْحِمَارِ، وَكانَتْ بنو فَزَارَةَ تُعَيَّرُ بأَكْلِ الجُوفَانِ، فقَالَ سَالِمُ بنُ دَارَةَ يَهْجُوهم:


(١) في النهاية واللسان: حديث حُذيفة: «ما منا» بدون واو العطف.

(٢) وردت بالأصل «وبن».

(٣) التكملة في مادة جيف.

(٤) في التهذيب واللسان: ومقارّ الروح.

(٥) في الصحاح واللسان: الضخم الجوف.

(٦) الذي في اللسان: «أبا سفيان» ونبه مصححه بهامشه إلى رواية الشارح.

(٧) بالأصل «مجنّفا» والمثبت عن الجمهرة ٢/ ١٠٩.

(٨) كذا بالأصل واللسان وفي التهذيب: ابن شميل.