تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

المقصد السادس في بيان المطرد والشاذ والحقيقة والمجاز والمشترك والأضداد والمترادف والمعرب والمولد

صفحة 58 - الجزء 1

  والعجعجة في قُضاعة، يجعلون الياءَ المشدّدة جيماً، يقولون في تميميٍّ تميمِجّ.

  والاستِنطاء لغة سعْدِ بن بكرٍ وهُذيل والأَزْدِ وقيس والأَنصار يجعلون العين الساكنة نوناً إِذا جاورَت الطاءَ، كأَنْطى في أَعطى.

  والوَتم في لغة اليمن يَجْعَل الكاف شيناً مطلقاً، كلبيشَ اللهم لبيشَ.

  ومن العرب مَن يجعل الكافَ جيماً كَالجعْبة، يريد الكَعبة.

  وفي فقه اللغةِ للثعالبي اللخْلَخانيَّة تَعْرِض في لغةِ أَعراب الشِّحْرِ وعُمَان، كقولهم مَشَا الله، أَي ما شَاءَ الله.

  والطُّمطَمانِيَّة تَعْرِض في لغة حِمْير، كقولهم طابم هواء⁣(⁣١) أَي طاب الهَواءُ.

المقصد السادس في بيان المطرد والشاذ والحقيقة والمجاز والمشترك والأَضداد والمترادف والمعرَب والمولَّد

  أَما الكلامُ على الاطِّراد والشُّذوذ، فقال ابنُ جِني في الخصائص إِنه على أَربعةِ أَضرُب.

  مطرد في القياس والاستعمال جميعاً، وهذا هو الغاية المطلوبة، نحو قام زيدٌ وضربت عمراً.

  ومطرد في القياس شاذ في الاستعمال، وذلك نحو الماضي من يَذَر ويَدَع.

  ومطرد في الاستعمال شاذ في القياس كاستحوَذ، واستنْوَق الجملُ، واستفْيَل الجمل.

  وشاذ في الاستعمال والقياس جميعاً كقولهم ثوب مَصوُون، وفرس مَقوُود، ورجل مَعْوُود مِن مَرَضِه.

  ومن الشواذّ بابُ فَعِل يَفْعِل بكسر العين فيهما كوَرِث ووَمِق ووَرِيَ ووَلِي، وقد يأْتي الكلام عليه في محله.

  أَما الحقيقة والمجاز.

  ففِي النوع الرابع والعشرين من المزهر، قال العلامة فخر الدين الرازي: جِهات المجاز يحضُرنا منها اثنا عشرَ وجْهاً.

  أَحدها التجوّز بلفْظِ السّبَب عن المُسبَّب، ثم الأَسباب أَربعة: القابِل، كقولهم سالَ الوادِي، والصُّوريّ، كقولهم: لليد إِنها قدرةٌ، والفاعل، كقولهم: نزل السحابُ أَي المطر، والغَائِيّ كتسميتهم العِنب الخمْرَ.

  الثاني بلفظ المُسبّب عن السبب، كتسميتهم المرضَ الشديدَ بالموت.

  الثالث المُشابهة، كالأَسد للشُّجاع.

  والرابع المضَادّة، كالسَّيئة للجزاء.

  الخامس والسادس بلفظ الكلّ للجزء، كالعامّ للخاصِّ، واسم الجزء للكلّ، كالأَسود للزنجي.

  والسابع اسم الفعلِ على القُوّة، كقولنا للخمرة في الدّنّ إِنها مُسكرة.

  والثامن المشتقّ بعد زَوال المصدر.

  والتاسع المجاورة، كالرّاوِية للقِرْبة.

  والعاشر المجاز العرْفي وهو إِطلاقُ الحقيقةِ على ما هُجِر عُرْفاً، كالدَّابة لِلحِمار.

  والحادي عشر الزيّادة والنقصان، كقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣(⁣٢)، {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣(⁣٣).

  والثاني عشر اسم المتعلِّق علَى المتعلَّق به، كالمخلوق بالخَلْق، انتهى.

  وقال القاضي تاج الدين السُّبكي في شرح المنهاج بعد كلامٍ طويل: والفَرْضُ أَن الأَصلَ الحقيقةُ، والمجازَ خلاف الأَصلِ، فإِذا دارَ اللفظُ بين احتمالِ المجازِ واحتمالِ الحقيقةِ فاحتمالُ الحقيقةِ أَرجحُ، انتهى.

  وقال الإِمامُ وأَتباعُه: الفرق بين الحقيقةِ والمجاز إِما أَن يقَع بالتَّنصيص أَو بالاستدلال، أَما التنصيصُ فأَن يقول الواضعُ: هذا حقيقةٌ، وهذا مجازٌ، وتقول ذلك أَئمةُ اللغةِ، وأَما الاستدلالُ فالعلامات، فمن علاماتِ الحقيقةِ تبادرُ


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «الأَولى كتبه هكذا طاب الهواء كما نبه على ذلك في ص ٤٤ من المطالع النصرية اه.

(٢) سورة الشورى الآية ١١.

(٣) سورة يوسف الآية ٨٢.