تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خسف]:

صفحة 166 - الجزء 12

  أَوْ يَكُنِ الْبَحْرُ لَهَا حَلِيفا

  ج: أَخْسِفَةٌ، وخُسُفٌ، الأَخِيرُ بضَمَّتَيْنِ عن أَبي عمرٍو، وَشاهِدُهُ قَولُ أَبِي نُوَاسٍ يَرْثِي خَلَفاً الأَحْمَر:

  مَنْ لا يَعُدُّ الْعِلْمَ إِلَّا مَا عَرَفْ ... قَلَيْذَمٌ مِنَ الْعَيَالِيمِ الْخُسُفْ

  وخَسَفَ الله بِفَلَانٍ الأَرْضَ، خَسْفاً: غَيَّبَهُ فيها، وَمنه قَوْلُهُ تَعالَى: {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ}⁣(⁣١) وَقَرَأَ حَفْصٌ، وَيَعْقُوبُ، وسَهْلٌ قَوْلَه تعالى: {لَخَسَفَ بِنا}⁣(⁣٢)، كضَرَبَ، وَالباقُونَ: لَخُسِفَ بِنَا، علَى بِنَاءِ المَجْهُولِ.

  ومِن المَجَازِ: الْخَسْفُ: النقِيصَةُ، يُقَال: رَضِيَ فُلانٌ بالخَسْفِ، أي: بالنَّقِيصَةِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، والخَسْفُ: مَخْرَجُ مَاءِ الرَّكِيَّةِ، حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ، كما في الصِّحَّاحِ.

  والخَسْفُ: عُمُوقُ ظَاهِرِ الأَرْضِ.

  وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الخَسْفُ: الجَوْزُ الذِي يُؤْكَلُ، وَيُضَمُّ فِيهِمَا في الجَوْزِ والعُمُوقِ، أَمَّا أَبو عمرٍو فإِنَّهُ رَوَى فيه بمَعْنَى الجَوْزِ الفَتْحَ والضَّمَّ، وقال: هي لُغَةُ أَهلِ الشِّحْرِ، واقْتَصَرَ أَبو حَنِيفَةَ علَى الضَّمِّ، قال ابنُ سِيدَه: وهو الصحيحُ.

  والخَسْفُ أَيضاً مِن السَّحَابِ: مَا نَشَأَ مِن قِبَلِ الْمَغْرِبِ الأَقْصَى عَن يَمِينِ الْقِبْلَةِ، وَقال غيرُه: ما نَشَأَ مِن قِبَلِ العَيْنِ حَامِلاً ماءً كَثِيرًا، والعَيْنُ عن يَمِينِ القِبْلَةِ.

  ومِن المَجَازِ: الخَسْفُ: الإِذْلَالُ، وأَن يُحَمِّلَكَ الإِنْسَانُ مَا تَكْرَهُ، قال جَثَّامَةُ:

  وَتِلْكَ التي رَامَهَا خُطَّةٌ ... مِنَ الخَصْمِ تَسْتَجْهِلُ المَحْفِلَا⁣(⁣٣)

  يُقَالُ: سَامَهُ خَسْفاً، بالفَتْحِ، ويُضَمُّ، وَسَامَهُ الخَسْفَ: إِذا أَوْلاهُ ذُلًّا، وَيُقَال: كَلَّفَهُ المَشَقَّةَ والذُّلَّ، كما في الصِّحاحِ.

  وفي حديثِ عليٍّ ¥: «مَنْ تَرَكَ الجِهَادَ أَلْبَسَهُ الله الذِّلَّةَ، وسِيمَ الخَسْفَ»، وأَصْلُه أَنْ تَحْبِسَ الدَّابَّةَ بِلَا عَلَفٍ، ثم اسْتُعِيرَ فوُضِعَ مَوْضِعَ الهَوَانِ والذُّلِّ، وسِيمَ: أي كُلِّفَ وأُلْزِمَ.

  ويُقَال: شَرِبْنَا علَى الْخَسْفِ: أي: علَى غَيْرِ أَكْلٍ، قَالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ، وابنُ الأَعْرَابِيِّ.

  ويُقَال: بَاتَ فُلانٌ الخَسْفَ: أيْ جَائِعاً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ هكذا، وهو مَجازٌ.

  وَقال غيرُه: بَاتَ القَوْمُ عَلَى الخَسْفِ: إذا بَاتُوا جِيَاعاً، ليس لَهُم شَيْءٌ يَتَقَوَّتُونَ به، وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ:

  بِتْنَا علَى الْخَسْفِ لَا رِسْلٌ نُقَاتُ بِهِ ... حَتَّى جَعَلْنَا حِبَالَ الرَّحْلِ فُصْلَانَا

  أي: لا قُوتَ لنا، حتى شَدَدْنَا النُّوقَ بالحِبَالِ لِتَدِرَّ علَيْنَا، فنَتَقَوَّتَ لَبَنَهَا، قال بِشْرٌ:

  بِضَيْفٍ قد أَلَمَّ بِهِمْ عِشَاءً ... علَى الْخَسْفِ المُبَيَّنِ والْجُدُوبِ

  وَقال أَبُو الهَيْثَمِ: الخَاسِفُ: الجَائِعُ، وأَنْشَدَ قَوْلَ أَوْسٍ:

  أَخُو قُتُرَاتٍ قد تَبَيَّنَ أَنَّهُ ... إِذَا لم يُصِبْ لَحْمًا مِنَ الْوَحْشِ خَاسِفٌ⁣(⁣٤)

  والْخَسْفَةُ، بالفَتْحِ: مَاءٌ غَزِيرٌ، وهو رأْسُ نَهْرِ مُحَلِّمٍ بِهَجَرَ.

  والْخَاسِفُ: الْمَهْزُولُ، وَهو مَجَازٌ، وقال ابنُ عَبَّادٍ: هو الْمُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ، وَقد خَسَفَ بَدَنُهُ: إذا هَزُلَ، ولَوْنُهُ: إذا تَغَيَّرَ، وفي الأَسَاسِ: فُلانٌ بَدَنُهُ خَاسِفٌ، ولَوْنُهُ كَاسِفٌ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الخَاسِفُ: الْغُلَامُ النَّشِيطُ الْخَفِيفُ، وَالشِّينُ المُعْجَمَةُ لُغَةٌ فيه، وقال أَبو عمرٍو: الخَاسِفُ: الرَّجُلُ النَّاقِهُ، ج: خُسُفٌ، ككُتُب.

  ويُقَال: دَعِ الأَمْرَ يَخْسُفُ، بِالضَّمِّ: أي دَعْهُ كَمَا هُوَ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.

  وَخُسَاف، كغُرَابٍ: بَرِّيَّةٌ، بَيْنَ بَالِسَ وحَلَبَ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: مَفَازَةٌ بيْنَ الْحِجَازِ والشَّأْمِ.


(١) سورة القصص الآية ٨١.

(٢) من الآية ٨٢ من سورة القصص.

(٣) كذا وردت رواية البيت بالأصل ولا شاهد فيها.

(٤) البيت لأوس بن حجر الشاعر الجاهلي المشهور، في ديوانه وفيه: «تيقن» بدل «تبين».