تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الخاء مع الفاء

صفحة 207 - الجزء 12

  وخَوَّفَهُ، تَخْوِيفاً: أَخَافَهُ.

  أَو خَوَّفَهُ: صَيَّرَهُ بِحَالٍ يَخَافُهُ النَّاسُ وقيل: إذا جَعَلَ فيه الخَوْفَ، وقال ابنُ سِيدَه، خَوَّفَه: جَعَلَ الناسَ يَخافُونَه، وَمنه قَوْلُه تعالَى: {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ}⁣(⁣١)، أي: يُخَوِّفُكُم فَلا تَخَافُوه، كما في العُبابِ، وقيل: يَجْعَلُكُم تَخافُونَ أَوْلِياءَهُ، وقال ثَعْلَبٌ: أي يُخَوِّفُكم بأَوْلِيَائِهِ، قال ابنُ سِيدَه: وأَرَاهُ تَسْهِيلاً لِلْمَعْنَى الأَوَّلِ.

  وتَخَوَّفَ عَلَيه شَيْئاً: خَافَهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.

  وتَخَوَّفَ الشَّيْءَ: تَنَقَّصَهُ، وَأَخَذَ مِن أَطْرَافِهِ، وهو مَجازٌ، كما في الأَساسِ، وفي اللِّسَانِ: تَنَقَّصَهُ مِن حَافَاتِهِ، قال الفَرَّاءُ: ومنه قَوْلُه تعالَى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ}⁣(⁣٢)، قال: فهذا الذي سَمِعْتُه مِن العَرَبِ، وقد أَتَى التَّفْسِيرُ بالحاءِ⁣(⁣٣)، وقال الأَزْهَرِيُّ: معنَى التَّنَقُّصِ أَن يَنْقُصَهم في أَبْدَانِهم وأَمْوَالِهِمْ وثِمَارِهِم، وقال ابنُ فَارِسٍ: إِنَّهُ مِن بابِ الإِبْدَالِ، وأَصْلُه النُّونُ، وأَنْشَدَ:

  تخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْها تامِكاً قَرِداً ... كَمَا تَخَوَّفَ عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ⁣(⁣٤)

  وَقال الزَّجَّاجُ: ويجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: أَو يأْخُذَهم بعدَ أَن يُخيفَهم، بأَنْ يُهْلِكَ قَرْيَةً فتَخَافُ التي تَليهَا، وأَنْشَدَ الشِّعْرَ المذكورَ، وإلى هذا المَعْنَى جَنَحَ الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاسِ، وهو مَجَازٌ.

  وَفي اللِّسَانِ: السَّفَنُ: الحَديدةُ التي تُبْرَدُ بها القِسيُّ، أي: تَنَقَّصَ، كما تأْكلُ هذه الحَديدَةُ خَشَبَ القِسِيِّ.

  وَقد رَوَى الجَوْهَرِيُّ هذا الشِّعْرَ لِذِي الرُّمَّةِ، ورَوَاهُ الزَّجَّاجُ، والأَزْهَرِيُّ، لابنِ مُقْبِلِ، قال الصَّاغانِيُّ: وليس لَهُمَا ورَوَى صاحِبُ الأَغَانِي - في تَرْجَمَةِ حَمَّادٍ الرّاويَةِ - أَنُّه لابْنِ مُزَاحِمٍ الثُّمَالِيِّ، ويُرْوَى لعبدِ الله بنِ العَجْلانِ النَّهْدِيّ⁣(⁣٥). قلتُ: وعَزاهُ البَيْضَاوِيُّ في تَفْسِيرِه إلى أَبي كَبِيرٍ الهُذَلِيِّ، وَلم أَجِدْ في ديوانِ شِعْرِ هُذَيْلٍ له قصيدةً على هذا الروِيِّ.

  وخَوَافٌ، كَسَحَابٍ: نَاحِيَةٌ بِنَيْسَابُورَ.

  ويُقَال: سَمِعَ خَوَافَهُمْ: أي ضَجَّتَهُمْ، نَقَلَهُ الصاغَانِيُّ.

  * وممّا يستدركُ عَلَيه:

  تَخَوَّفَهُ: خَافَهُ، وأَخَافَهُ إِيَّاهُ إِخَافاً، كَكِتَابٍ، عن اللِّحْيَانِيِّ، وثَغْرٌ مُتَخَوَّفٌ، ومُخِيفٌ: يُخَافُ منه، وقيل: إذا كان الخَوْفُ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِهِ، وأَخافَ الثَّغْرُ: أَفْزَعَ، ودَخَلَ الخَوْفُ منه: وَمِنَ المَجَازِ: طَرِيقٌ خَائِفٌ: قال الزَّجاجُ: وقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:

  يُصَابُونَ في فَجٍّ مِنَ الأَرْضِ خَائِفِ⁣(⁣٦)

  هو فاعلٌ في مَعْنَى مَفْعُولٍ.

  وَحكى اللِّحْيَانِيُّ: خَوِّفْنَا، أي رَقِّقْ لنا القُرآنَ والحَدِيثَ حتَّى نَخَافَ.

  وَالخَوَّافُ، كشَدَّادٍ: طائِرٌ أَسْوَدُ، قال ابنُ سِيدَه: لا أَدْرِي لِمَ سُمِّيَ بِذلك.

  وَالْخَافَةُ: العَيْبَةُ، وفي الحديثِ: «مثل الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَافَةِ الزَّرْعِ». قيل: الْخَافَةُ: وِعَاءُ الحَبِّ، سُمِّيَتْ بذلِك لأَنَّهَا وِقَايَةٌ له، والرِّوايَةُ بالمِيمِ.

  وَالخَوْفُ: نَاحِيَةٌ بعُمَانَ، هكذا ذَكَرُوا، والصَّوابُ بالْحَاءِ.

  وَما أَخْوَفَنِي عليكَ!.

  وَأَخْوَفُ ما أَخَافُ عليكُمْ كذَا⁣(⁣٧).

  وَأَدْرَكَتْهُ⁣(⁣٨) المَخَاوِفُ.

  وَتَخَوَّفَه حَقَّهُ: تَهَضَّمَهُ⁣(⁣٩)، وهو مَجَازٌ.


(١) سورة آل عمران الآية ١٧٥.

(٢) سورة النحل الآية ٤٧.

(٣) الأصل واللسان وفي التهذيب: بالخاء.

(٤) نسب في اللسان والتهذيب لابن مقبل وقيل لغيره وانظر حاشية التهذيب ٧/ ٥٩٤ فيها مختلف الأقوال في تنسيبه. وسيأتي الشارح على بعض منها.

(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الهندي».

(٦) ديوانه وصدره فيه:

وَلكن أحنّ يومي شهيداً وعصبةً

وَفي اللسان: سعيداً بعصمةٍ.

(٧) في الأساس: «ضعف الإيمان» بدل «كذا».

(٨) بالأصل «وأول كتبه المخاوف» والمثبت عن الأساس.

(٩) عن الأساس وبالأصل «أهضمه».