فصل الخاء مع الفاء
  وخَوَّفَهُ، تَخْوِيفاً: أَخَافَهُ.
  أَو خَوَّفَهُ: صَيَّرَهُ بِحَالٍ يَخَافُهُ النَّاسُ وقيل: إذا جَعَلَ فيه الخَوْفَ، وقال ابنُ سِيدَه، خَوَّفَه: جَعَلَ الناسَ يَخافُونَه، وَمنه قَوْلُه تعالَى: {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ}(١)، أي: يُخَوِّفُكُم فَلا تَخَافُوه، كما في العُبابِ، وقيل: يَجْعَلُكُم تَخافُونَ أَوْلِياءَهُ، وقال ثَعْلَبٌ: أي يُخَوِّفُكم بأَوْلِيَائِهِ، قال ابنُ سِيدَه: وأَرَاهُ تَسْهِيلاً لِلْمَعْنَى الأَوَّلِ.
  وتَخَوَّفَ عَلَيه شَيْئاً: خَافَهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
  وتَخَوَّفَ الشَّيْءَ: تَنَقَّصَهُ، وَأَخَذَ مِن أَطْرَافِهِ، وهو مَجازٌ، كما في الأَساسِ، وفي اللِّسَانِ: تَنَقَّصَهُ مِن حَافَاتِهِ، قال الفَرَّاءُ: ومنه قَوْلُه تعالَى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ}(٢)، قال: فهذا الذي سَمِعْتُه مِن العَرَبِ، وقد أَتَى التَّفْسِيرُ بالحاءِ(٣)، وقال الأَزْهَرِيُّ: معنَى التَّنَقُّصِ أَن يَنْقُصَهم في أَبْدَانِهم وأَمْوَالِهِمْ وثِمَارِهِم، وقال ابنُ فَارِسٍ: إِنَّهُ مِن بابِ الإِبْدَالِ، وأَصْلُه النُّونُ، وأَنْشَدَ:
  تخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْها تامِكاً قَرِداً ... كَمَا تَخَوَّفَ عُودَ النَّبْعَةِ السَّفَنُ(٤)
  وَقال الزَّجَّاجُ: ويجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: أَو يأْخُذَهم بعدَ أَن يُخيفَهم، بأَنْ يُهْلِكَ قَرْيَةً فتَخَافُ التي تَليهَا، وأَنْشَدَ الشِّعْرَ المذكورَ، وإلى هذا المَعْنَى جَنَحَ الزَّمَخْشَرِيُّ في الأَسَاسِ، وهو مَجَازٌ.
  وَفي اللِّسَانِ: السَّفَنُ: الحَديدةُ التي تُبْرَدُ بها القِسيُّ، أي: تَنَقَّصَ، كما تأْكلُ هذه الحَديدَةُ خَشَبَ القِسِيِّ.
  وَقد رَوَى الجَوْهَرِيُّ هذا الشِّعْرَ لِذِي الرُّمَّةِ، ورَوَاهُ الزَّجَّاجُ، والأَزْهَرِيُّ، لابنِ مُقْبِلِ، قال الصَّاغانِيُّ: وليس لَهُمَا ورَوَى صاحِبُ الأَغَانِي - في تَرْجَمَةِ حَمَّادٍ الرّاويَةِ - أَنُّه لابْنِ مُزَاحِمٍ الثُّمَالِيِّ، ويُرْوَى لعبدِ الله بنِ العَجْلانِ النَّهْدِيّ(٥). قلتُ: وعَزاهُ البَيْضَاوِيُّ في تَفْسِيرِه إلى أَبي كَبِيرٍ الهُذَلِيِّ، وَلم أَجِدْ في ديوانِ شِعْرِ هُذَيْلٍ له قصيدةً على هذا الروِيِّ.
  وخَوَافٌ، كَسَحَابٍ: نَاحِيَةٌ بِنَيْسَابُورَ.
  ويُقَال: سَمِعَ خَوَافَهُمْ: أي ضَجَّتَهُمْ، نَقَلَهُ الصاغَانِيُّ.
  * وممّا يستدركُ عَلَيه:
  تَخَوَّفَهُ: خَافَهُ، وأَخَافَهُ إِيَّاهُ إِخَافاً، كَكِتَابٍ، عن اللِّحْيَانِيِّ، وثَغْرٌ مُتَخَوَّفٌ، ومُخِيفٌ: يُخَافُ منه، وقيل: إذا كان الخَوْفُ يَجِيءُ مِنْ قِبَلِهِ، وأَخافَ الثَّغْرُ: أَفْزَعَ، ودَخَلَ الخَوْفُ منه: وَمِنَ المَجَازِ: طَرِيقٌ خَائِفٌ: قال الزَّجاجُ: وقَوْلُ الطِّرِمَّاحِ:
  يُصَابُونَ في فَجٍّ مِنَ الأَرْضِ خَائِفِ(٦)
  هو فاعلٌ في مَعْنَى مَفْعُولٍ.
  وَحكى اللِّحْيَانِيُّ: خَوِّفْنَا، أي رَقِّقْ لنا القُرآنَ والحَدِيثَ حتَّى نَخَافَ.
  وَالخَوَّافُ، كشَدَّادٍ: طائِرٌ أَسْوَدُ، قال ابنُ سِيدَه: لا أَدْرِي لِمَ سُمِّيَ بِذلك.
  وَالْخَافَةُ: العَيْبَةُ، وفي الحديثِ: «مثل الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَافَةِ الزَّرْعِ». قيل: الْخَافَةُ: وِعَاءُ الحَبِّ، سُمِّيَتْ بذلِك لأَنَّهَا وِقَايَةٌ له، والرِّوايَةُ بالمِيمِ.
  وَالخَوْفُ: نَاحِيَةٌ بعُمَانَ، هكذا ذَكَرُوا، والصَّوابُ بالْحَاءِ.
  وَما أَخْوَفَنِي عليكَ!.
  وَأَخْوَفُ ما أَخَافُ عليكُمْ كذَا(٧).
  وَأَدْرَكَتْهُ(٨) المَخَاوِفُ.
  وَتَخَوَّفَه حَقَّهُ: تَهَضَّمَهُ(٩)، وهو مَجَازٌ.
(١) سورة آل عمران الآية ١٧٥.
(٢) سورة النحل الآية ٤٧.
(٣) الأصل واللسان وفي التهذيب: بالخاء.
(٤) نسب في اللسان والتهذيب لابن مقبل وقيل لغيره وانظر حاشية التهذيب ٧/ ٥٩٤ فيها مختلف الأقوال في تنسيبه. وسيأتي الشارح على بعض منها.
(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الهندي».
(٦) ديوانه وصدره فيه:
وَلكن أحنّ يومي شهيداً وعصبةً
وَفي اللسان: سعيداً بعصمةٍ.
(٧) في الأساس: «ضعف الإيمان» بدل «كذا».
(٨) بالأصل «وأول كتبه المخاوف» والمثبت عن الأساس.
(٩) عن الأساس وبالأصل «أهضمه».