[ردف]:
  وشاهِدُ الثَّانِي قوْلُ عَلْقَمَةَ بنِ عَبْدَةَ:
  طحَا بِكَ قَلْبٌ في الْحِسَانِ طَرُوبُ ... بُعَيْدَ الشَّبَابِ حِينَ حَانَ مَشِيبُ(١)
  وَقال ابنُ سِيدَه: الرِّدْفُ: الأَلِفُ الْيَاءُ والواوُ التي قَبْلَ الرَّوِيِّ، سُمِّيَ بذلك لأَنَّهُ مُلْحَقٌ في الْتِزَامِهِ، وتَحَمُّلِ مُرَاعَاتِهِ بالرَّوِيَّ، فجَرَى مَجْرَى الرِّدْفِ للرَّاكِبِ.
  والرِّدْفَانِ، في قَوْلِ لَبِيدٍ رَضِيَ الله تعالَى عنه يَصِفُ السَّفِينَةَ:
  فَالْتَامَ طَائِفُهَا الْقَدِيمُ فَأَصْبَحَتْ ... ما إِنْ يُقَوِّمُ دَرْأَهَا رِدْفَانِ
  قيل: هُمَا مَلَّاحَانِ يَكُونَانِ في، وَفي العُبَابِ، واللِّسَانِ: على مُؤَخَّرِ السَّفِينَةِ، وَالطَّائِفُ: ما يخرُج مِن الجَبَلِ كالأَنْفِ، وأَرَادَ هُنا: كَوْثَلَ السَّفِينَةِ.
  وفي قَوْلِ جَرِيرٍ:
  مِنْهُم عُتَيْبَةُ والْمُحِلُّ وقَعْنَبٌ ... وَالْحَنْتَفَانِ ومنهمُ الرِّدْفَانِ
  هما: قَيْسٌ، وعَوْفٌ، ابْنَا عَتَّاب(١) بنِ هَرَمِيٍّ، قَالَه أَبو عُبَيْدَةَ، أَو أَحَدُ الرِّدْفَيْنِ: مَالِكُ بنُ نُوَيْرَةَ، والثانِي: رَجُلٌ آخَرُ مِن بَنِي رَبَاحِ(٢) بنِ يَرْبُوعٍ، وَكانت الرِّدَافَةُ في الجاهِلِيَّةِ في بَنِي يَرْبُوعٍ، كما سَيأْتِي.
  والرَّدِيفُ: نَجْمٌ آخَرُ قَرِيبٌ مِن النَّسْرِ الْوَاقِعِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وهو بعَيْنِه الرَّدْفُ الذي تَقَدَّم ذِكْرُه عن اللَّيْثِ.
  والرَّدِيفُ أَيضاً: النَّجْمُ الذي يَنُوءُ مِن الْمَشْرِقِ إذا غَرَبَ، وَفي الصِّحاحِ: غَابَ رَقِيبُهُ في(٣) المَغْرِبِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
  وقال أَبو حاتمٍ: الرَّدِيفُ: الذي يَجِيءُ بقِدْحِهِ بَعْدَ فَوْزِ أَحَدِ الأَيْسَارِ، أو الاثْنِينِ منهم، فَيَسْأَلُهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا قِدْحَهُ في قِدَاحِهِمْ، وقال غيرُه: هو(٤) الذي يَجِيءُ بقِدْحِهِ بَعْدَ ما اقْتَسَمُوا الجَزُورَ، فلا يَرُدُّونَهُ خائباً، ولكنْ يَجْعَلُونَ له حَظّاً فيما صَارَ لَهُم من أَنْصِبَائِهِمْ، والجمعُ: رِدَافٌ.
  وقال اللَّيْثُ: الرَّدِيفُ في قَوْلِ أَصْحَابِ النُّجُومِ: النَّجْمُ النَّاظِرُ إلى النَّجْمِ الطَّالِع، وَبه فُسِّرَ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
  ورَاكِبُ الْمِقْدَارِ والرَّدِيفُ ... أَفْنَى خُلُوفاً قَبْلَهَا خُلُوفُ
  وَراكبُ المِقْدارِ: هو الطَّالِعُ.
  وقال ابنُ عَبَّادٍ: بَهْمٌ رَدْفَى، كَسَكْرَى: أي وُلِدَتْ في الخَرِيفِ والصَّيْفِ في آخِرِ وِلَادِ الْغَنَمِ، فكأَنَّهَا رَدِفَ بَعْضُها بَعْضاً.
  والرِّدَافُ، كَكِتَابٍ: الْمَوْضِعُ الذي يَرْكَبُهُ الرَّدِيفُ، وَأَخْصَرُ منه عبارةُ المُفْرَدَاتِ: والرِّدَافُ: مَرْكَبُ الرِّدْفِ، وفي الأَسَاسِ: ووَطَّأَ له علَى رِدَافِ دَابَّتِهِ، وهو مَقْعَدُ الرَّدِيفِ مِن وِطَائِهَا، ومنه قَوْلُ الشاعِر:
  لِيَ التَّصْدِيرُ فَاتْبَعْ في الرِّدَافِ
  والرِّدَافَةُ بِهَاءٍ: فِعْلُ رِدْفِ الْمَلِكِ، كالْخِلَافَة، وَكانَتْ في الجاهِليَّةِ لِبَنِي يَرْبُوعٍ، لأَنَّه لم يكُنْ في العربِ أَحَدٌ أَكْثَرَ غارةً علَى مُلُوكِ الحِيرَةِ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، فصَالَحُوهم علَى أن جَعَلُوا لَهُم الرِّدَافَةَ، ويَكُفُّوا عن أَهْلِ العِراقِ الغَارَةَ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لجَرِيرٍ - وهو من بَنِي يَرْبُوعٍ -:
  رَبَعْنَا وأَرْدَفْنَا الْملُوكَ فَظَلِّلُوا ... وِطَابَ الأَحَالِيبِ الثُّمَامَ الْمُنَزَّعَا
  وِطَاب: جَمْعُ وَطْبِ اللَّبَنِ، قال ابنُ بَرِّيّ: الذي في شِعْرِ جَريرٍ: «ورَادَفْنَا الملُوكَ» قال: وعَلَيه يَصِحُّ كلامُ الجَوْهَرِيِّ، لأَنَّه ذكَره(٥) شَاهِداً على الرِّدَافَةِ، والرِّدافَةُ مَصْدَر رَادَفَ لا أَرْدَفَ، وقال المبَرِّد: للرِّدافةِ مَوْضِعانِ: أَحَدُهما: أَنْ يُرْدِفَه الملُوكُ دَوَابَّهم في صَيْدٍ(٦) والآخَر [أنبلُ](٧)، أَن
(١) في جمهرة ابن حزم ص ٢٢٧ عتّاب الرِّدْف بن هرمي ... سمي عتّاب الردف لأنه كان يردفه الملوك.
(٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «رياح» ومثلها في جمهرة ابن حزم ص ٢٢٧، وانظر الحاشية السابقة.
(٣) قوله «في المغرب» ليست في القاموس المطبوع، وعلى هامشه عن نسخة أخرى يفيد أنها وردت فيها.
(٤) في اللسان: «الرداف: هو الذي ...» وانظر ما أورده الشارح في آخر العبارة: والجمع: رداف. والأصل كالتكملة.
(٥) عن اللسان وبالأصل «ذكر».
(٦) في الكامل للمبرد ٣/ ١٤٤٩: أحدهما أن يردفه الملكُ على دابته في صيدٍ أو تريّف أو ما أشبه ذلك من مواضع الأنس.
(٧) زيادة عن الكامل للمبرد.