فصل الراء مع الفاء
  قال: ومَعْنَى بيتِ خُزَيْمَةَ علَى ما حَكَاهُ عن أَبِي بكرِ بنِ السَّرَّاجِ، أنَّ الجَوْزَاءَ تَرْدُفُ الثُّرَيَّا في اشْتِدَادِ الحَرِّ، فتَتَكَبَّدُ السَّمَاءَ في آخِرِ اللَّيْلِ، وعندَ ذلك تَنْقَطِعُ المِيَاهُ، وتَجِفُّ، وَتَتَفَرَّقُ النَّاسُ في طَلَبِ المِيَاهِ، فتَغِيبُ عنه مَحْبُوبَتُه، فلا يَدْرِي أَيْنَ مَضَتْ، ولا أَينَ نَزَلَتْ.
  وَقال شَمِرٌ: رَدِفْتَ وأَرْدَفْتَ: فَعَلتَ بنفسِك، فإِذا فَعَلْتَ بغَيْرِك، فأَرْدَفْتَ لا غيرُ، قال الزَّجَّاجُ: يُقَال: رَدِفْتُ الرَّجُلَ: إذا رَكِبْتَ خَلْفَه، وأَرْدَفْتُه: أَرْكَبْتُه خَلْفي، قال ابنُ بَرِّيّ: وَأَنْكَرَ الزُّبَيْدِيُّ: أَرْدَفْتُه مَعَهُ بمَعْنَى أَرْكَبْتُهُ، قال: وصَوَابُهُ: ارْتَدَفتُه، فأَمَّا أَرْدَفْتُه، وردِفْتُه، فهو أَن تكونَ أَنتَ رِدْفاً له، وَأَنْشَدَ:
  إذَا الجَوْزَاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا ... لأَنَّ الجَوْزَاءَ خَلْفَ الثُّرَيَّا كالرِّدْفِ.
  وأَرْدَفَتِ النُّجُومُ. إذا تَوَالَتْ.
  ومُرادَفَةُ الْمُلُوكِ: مُفَاعَلَةٌ مِن الرِّدَافَةِ، وَمنه قَوْلُ جَرِيرٍ الذي تقدَّم ذِكْرُه: «رَبَعْنَا وأَرْدَفْنَا المُلُوكَ»، وتقدَّم الكلامُ علَيْهِ.
  والمُرَادَفَةُ مِن الْجَرَادِ: رُكُوبُ الذَّكَرِ الأُنْثَى، ورُكُوبُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
  ويُقَال: هَذِه دَابَّةٌ لا تُرَادِفُ، وَهو الكلامُ الفَصِيحُ، وَعليْه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ وجَوَّزَ اللَّيْثُ: لا تُرْدِفُ، وَتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، والرَّاغِبُ، وقيل: هي قَلِيلَةٌ، أو مُوَلَّدَةٌ مِن كَلامِ الحَضَرِ، كما قَالَهُ الأَزْهَرِيُّ: أي لا تَحْمِلُ، وَفي الأَسَاسِ: لا تَقبَلُ رَدِيفاً(١).
  وارْتَدَفَهُ: رَدِفَهُ، وَرَكِبَ خَلْفَهُ، قال الخليلُ: سَمِعْتُ رجلاً بمكَّةَ يَزْعُم أَنَّهُ مِن القُرَّاءِ، وهو يَقْرَأُ: مُرُدِّفِينَ، بضَمِّ المِيمِ والرَّاءِ وكَسْرِ الدَّالِ وتَشْدِيدِها - وعنه في هذا الوَجْهِ كَسْرُ الرَّاءِ - فالأولَى أَصْلُهَا: مُرْتَدِفِينَ، لكنْ بعدَ الإِدْغَامِ حُرِّكتِ الرَّاءُ بحَرَكةِ المِيمِ، وفي الثَّانِيَةِ، حَرَّكَ الرَّاءَ السَّاكِنَةَ بالكَسْرِ، وعنه في هذا الوجْهِ، وعن غيرِه بفَتْحِ الرَّاءِ، كأَنَّ حَرَكَةَ التَّاءِ أُلْقِيَتْ عليها، وعن الجَحْدَرِيِّ بسُكُونِ الراءِ وتشْدِيدِ الدَّالِ، جَمْعاً بيْنَ السَّاكِنَيْن. وارْتَدَفَ الْعَدُوَّ: إذا أَخَذَهُ مِن وَرَائِهِ أَخْذاً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن الكِسَائِيِّ.
  واسْتَرْدَفَهُ: سَأَلَهُ أَنْ يُرْدِفَهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عَن الكِسَائِيِّ، فأَرْدَفَهُ.
  وقال الأَصْمَعِيُّ: تَرَادَفَا عليه، وتَعاوَنَا بمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكذلك تَرَافَدَا.
  ومن المَجَازِ: تَرَادَفَا، أي تَنَاكَحَا، قال اللَّيْثُ: كِنَايَةً عن فِعْلٍ قَبِيحٍ.
  وتَرَادَفَا أَيْضاً: تَتَابَعَا، يُقَال: تَرَادَفَ الشَّيْءُ، أي: تَبِعَ بَعْضُه بَعْضاً.
  ومِن المَجَازِ: الْمُتَرَادِفُ مِن الْقَوَافي: ما اجْتَمَع فِيهَا، أي في آخِرِهَا، سَاكِنَانِ وهي مُتَفَاعِلانْ، ومُسْتَفْعِلانْ، وَمُفَاعِلانْ، ومُفْتعلانْ، وفاعِلَتَانْ، وفعْلَتانْ، وفعْليانْ، وَمَفْعُولانْ، وفاعِلانْ، وفعْلانْ، ومَفَاعِيلْ، وفَعُولْ، سُمِّيَ بذلك لأَنَّ غَالبَ العَادةِ في أواخِرِ الأَبْيَاتِ أَن يكونَ فيها ساكنٌ واحِدٌ، رَوِيًّا مُقَيَّداً كان، أو وَصْلاً، أو خُرُوجاً، فلمَّا اجتَمَعَ في هذه القافِيَةِ سَاكِنَانِ مُتَرادِفانِ كان أَحَدُ السَّاكِنَيْن رِدْفَ الآخَرِ، ولَا حِقًا بِه.
  والمُتَرَادِفُ: أَنْ تَكُونَ أَسْمَاءٌ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وهي مُوَلَّدَةٌ، ومُشْتَقَّةٌ مِن تَرَاكُبِ الأَشْيَاءِ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيّ.
  ورَدَفَانُ، مُحَرَّكَةً: ع، عن ابنِ دُرَيْدٍ.
  ورِدْفَةُ، بِالْكَسْرِ: ع آخَرُ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.
  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:
  رِدْفُ كُلِّ شَيْءٍ: مُؤَخَّرُه.
  وَالرِّدْفُ: الكَفَلُ: والعَجُزُ، وخَصَّ بَعْضُهم به عَجِيزَةَ المَرْأَةِ، والجَمْعُ مِن كلِّ ذلك: أَرْدَافٌ.
  وَالرَّوادِفُ: الأَعْجَازُ، قال ابنُ سِيدَه: ولا أَدْرِي أهو جَمْعُ رِدْفٍ، نَادِرٌ، أم هو جَمْعُ رَادِفَةٍ(٢) وكلُّه مِن الإتْباعِ.
  وَالعَجَبُ مِن المُصَنِّفِ، كيف تَرَكَ ذِكْرَ الرِّدْفِ بمَعْنَى الكَفَلِ!، وقد ذَكَرَهُ اللَّيْثُ، والجَوْهَرِيُّ، والزَّمَخْشَرِيّ، وَالصّاغَانِيُّ.
(١) وفي التهذيب: أي لا يدع رديفاً يركبه.
(٢) عن اللسان وبالأصل «جمع ردافة».