[زخف]:
  قال: وأَمَّا قَوْلُ الحَجَّاجِ: «إِيَّايَ وهذه السُّقَفَاء وَالزَّرَافَات، فإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدا مِن الجَالِسِين في زَرَافَةٍ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنَقَهُ» فالمَشْهُورُ في هذه الرِّوايَةِ التَّخْفِيفُ، نَهاهُم أَن يَجْتَمِعُوا فيكونَ ذلك سَبَباً لِثَوَرَانِ الفِتْنَةِ.
  قلتُ: وكذا قَوْلُ قُرَيْطِ بنِ أُنَيْفٍ:
  قَوْمٌ إِذَا الشَّرُّ أَبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ ... طَارُوا إِلَيْهِ زَرَافَاتِ ووُحْدَانَا
  أَو الزَّرَافَةُ: الْعَشَرَةُ مِنْهُم، وَفي بعضِ النُّسَخِ: العَشِيرَةُ منهم.
  والزَّرَافَةُ: دَابَّةٌ حَسَنَةُ الخَلْقِ، يَدَاهَا أَطْوَلُ مِن رِجْلَيْهَا، وَهي مُسَمَّاةٌ باسْمِ جَمَاعَةٍ، فَارِسيَّتُه أُشْتُرْ كَاوْ بَلَنْك(١)، كما في الصِّحاحِ: لِأَنَّ فيها مَشَابِه ومَلَامِحَ مِن هذه الثَّلاثةِ، وَهي أُشْتُرْ، بالضَّمِّ، أي: الْبَعِيرُ، وكَاوْ، أي: الْبَقَرُ، وبَلَنْكَ، كَسَمَنْد، أي: النَّمِر، فهذا وَجْهُ تَسْمِيَتِها، وقيل: كما في الصِّحاحِ: مِن زَرَّفَ في الْكَلامِ، إِذا زَادَ سُمِّيَتْ به لِطُولِ عُنُقِهَا زِيَادَةً علَى الْمُعْتَادِ(٢)، قال شيخُنَا: قد اخْتَلَطَ النَّسْلُ في الزرَافَةِ بَيْنِ الإبِلِ الحُوشِيَّةِ، والبَقَرِ الوَحْشِيَّةِ، وَالنَّعامِ، وإِنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِن هذِ الأَجْنَاسِ الثلاثةِ، كما قَالَهُ الزُّبَيْدِيُّ، وغيرُه: وتَعَقَّبَ الجاحظُ ذلك في كتابِ الحَيَوَانِ له، وأَنْكَرَه، وبيَّنَ أَغْلاطَهُم، وفيها كلامٌ في حياةِ الحَيَوَانِ، وَمُخْتَصَراتِه، ويُضَمُّ أَوَّلُهَا، عن ابنِ دُرَيْدٍ، ونَصُّه: الزُّرَافَةُ، بضَمِّ الزَّايِ: دَابَّةٌ، ولا أَدْرِي أَعَرَبِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، أَم لا، قال: وأَكْثرُ ظَنِّي أَنها عَرَبِيَّةٌ، لأَنَّ أَهْلَ اليَمَنِ يَعْرِفُونَها مِن نَاحِيَةِ الحَبَشَةِ، وقَوْلُه: في اللُّغَتَيْنِ، قال شيخُنَا: فقلتُ: لعلَّه أَرادَ التَّشْدِيدِ والتَّخْفِيفَ، إذْ لم يتقدَّم له غيرُهما، لكنْ كلامُ الجَوْهَرِيِّ صَرِيحٌ في أنَّ التَّشْدِيدَ إِنَّما هو في الزَّرافةِ، بمعنى الجَمْع، لا في الزَّرَافَةِ التي هي الحَيَوانُ المَعْرُوفُ، فلْيُحَرَّرْ.
  قلتُ: ما ذكَره في بيانِ اللُّغَتَيْنِ فصحيحٌ، صَرَّحَ به الصَّاغَانِيُّ، ونَصَّه في العُبَابِ: هي الزَّرَافَةُ، والزُّرَافَةُ، بالفَتْحِ، والضَّمِّ، والفاءُ تُشَدَّد وتُخَفَّفُ في الوَجْهَيْنِ(٣) وَهكذا نَقَلَهُ صاحبُ اللِّسَانِ، وزادَ: والفَتْحُ والتَّخْفِيفُ أَفْصَحُهما(٤)، وبه تَعْلَمُ أنَّ اقْتِصَارَ الجَوْهَرِيِّ علَى تَخْفِيفِ الفاءِ في الحَيَوانِ إِشَارَةٌ إلى بَيَانِ الأَفْصَحِيَّةِ، وبه يظْهَرُ ما تَوَقَّفَ فيه شَيْخُنَا، ثم إنَّ صَرِيحَ قَوْلِ الجَوْهَرِيِّ أنَّ الفَتْحَ وَالضَّمَّ في الحَيَوانِ سَوَاءٌ، واقْتَصَرَ ابنُ دُرَيْدٍ علَى الضَّمِّ، وَصَرِيحُ كلامِ المُصَنِّفِ أنَّ الفَتْحَ أَفْصَحُ من الضَّمِّ، وهو مُقْتَضَى كلامِ الأَزْهَرِيِّ أَيضاً، وجَعَلَ عُمَرُ بنُ خَلَفِ بنِ مَكِّيٍ الصِّقلِّيُّ في كتابِه، الذي سَمَّاهُ «تَثْقِيفَ اللِّسَان» الضَّمَّ مِن لَحْنِ العَوَامِّ، ونَقَلَ الشيخُ بنُ هِشَامٍ، في شَرْحِ الشُّذورِ، عن كتاب ما يَغْلَطُ فيه العَامَّةُ، عن الجَوَالِيقِيِّ، أَنَّه قال: الزَّرَافَةُ، بفَتْحِ الزَّايِ، والعَامَّةُ تَضُمُّها، فَتَأَمَّلْ ذلك(٥).
  ج: زَرَافيُّ، كزَرَابِيَّ.
  وأَزْرَفَ الرَّجُلُ: اشْتَرَاهَا، أي: الزَّرَافَةَ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
  وأَزْرَفَ النَّاقَةَ: حَثَّها، كما في الصِّحَاحِ، وأَنْشَدَ قَوْلَ الرَّاجزِ:
  يُزْرِفُهَا الْإِغْرَاءُ أيَّ زَرْفِ
  وَرَوَى الصَّرَّامُ عن شَمِرٍ: أَزْرَفْتُ النَّاقةَ: إذا أَخْبَبْتَهَا في السَّيْرِ، ويُرْوَى أَيْضاً بتَقْدِيمِ الرَّاءِ على الزَّايِ، كما تقدَّم.
  وأَزْرَفَ إِليه الرَّجُلُ: إذا تَقَدَّمَ.
  والزُّرافَةُ، كَكُنَاسَةٍ: الكَذَّابُ، يَزِيدُ في الحدِيثِ.
  والزُّرَافَةُ: عَلَمٌ أَيضاً.
  والزَّرَّافَاتُ، كشَدَّادَاتٍ: ع، وَبه فُسِّرَ قَوْلُ لَبِيدٍ السَّابِقُ، الذي أَوْرَدَهُ ابنُ بَرِّيّ في معنَى الجَمَاعَةِ.
  وقال أَبو مالِكٍ: الزَّرَّافَاتُ: هي الْمَنَازِفُ، التي يُنْزَفُ بها الْمَاءُ للزَّرْعِ، ومَا أَشْبَهَ ذلِكَ، وَأَنْشَدَ:
(١) في التهذيب: «اشْتُرْقاوْبَلَنْق» وفي التكملة: «شَتَرْكاوبِلَنْك».
(٢) كذا بالأصل ولم ترد العبارة في الصحاح. وفي الأساس: وهي مسماة باسم الجماعة لأنها في صورة جماعة من الحيوان.
(٣) ومثله في التكملة.
(٤) وفي التهذيب: وهي الزُّرافَة والزُّرافَة، والفتح والتخفيف أفصحها.
(٥) قال الأزهري في التهذيب: والفتح والتخفيف أفصحها، وقد تقدمت الإشارة إليه.