تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سفف]:

صفحة 274 - الجزء 12

  ورَوَى الأَصْمَعِيُّ:

  «إِذا ما صَرَّحَ المَوْتُ أَقْرَعَا».

  وجُوعٌ سُفَاسِفٌ بالضَّمِّ: أي شَدِيدٌ، عن ابنِ عَبَّادٍ، والسَّفْسَافُ: الرَّدِيءُ مِن كُلِّ شَيْءٍ، والْأَمْرُ الْحَقِيرُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، قال: ومنه الحديثُ: «إنَّ الله يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، ويَكْرَهُ سَفْسَافَها» ويُروَى: «ويُبْغِضُ سَفْسَافَهَا»، قال الصَّاغَانِيُّ: أي مَدَاقَّهَا، ومَذَامَّهَا، ومَلَائِمَها، وأَصْلُهُ مِن سَفْسَافِ التُّرَابِ، لِمَا دَقَّ منه، وقيل: أَصْلُهُ مِن سَفْسَافِ الدَّقِيقِ وهو مَا يطِيرُ، ويَرْتَفِعُ مِن غُبَارِهِ عِنْدَ النَّخْلِ، ثم قيل: لِكُلِّ رِيحٍ رَدِيءٍ سَفْسَافٌ، والسَّفْسَافُ مِن الشِّعْرِ: رَدِيئُهُ، وَهو الذي لم يُحْكَمْ عَمَلُهُ، وقد سَفْسَفَهُ صَاحِبُه.

  والسِّفْسَافُ: مَا دَقَّ مِن التُّرَابِ، قال كُثَيِّرٌ:

  وَهَاجَ بِسَفْسَافِ التُّرَابِ عَقِيمُهَا⁣(⁣١)

  والْمُسَفْسِفَةُ: الرِّيحُ التي تُثِيرُهُ وتَجْرِي فُوَيْقَ الْأَرْضِ، كما في الصِّحاحِ، وقد سَفْسَفَتْ، قال الشاعر:

  وسَفْسَفَتْ مُلَّاحَ هَيْفٍ ذَابِلَا

  أي: طَيَّرَتْهُ علَى وَجْهِ الأَرْضِ.

  وأَسَفَّ الرَّجُلُ: تَتَبَّعَ مَدَاق* الْأُمُورِ، كما في الصِّحاحِ، وَفي المُحْكَمِ: أَسَفَّ إِلَى مَدَاقِّ الأُمُورِ وأَلائِمِها: دَنَا، وَأَنْشَدَ اللَّيْثُ⁣(⁣٢):

  وَسَامِ جَسِيمَاتِ الْأُمُورِ ولَا تَكُنْ ... مُسِفًّا إِلَى مَا دَقَّ مِنْهُنَّ دَانِيَا

  وأَسَفَّ: هَرَبَ مِن صَاحِبِهِ، سَاعِياً أَشَدَّ السَّعيِ، يُقَال: مَرَّ مُسِفًّا، نَقَلَهُ ابنُ عَبَّادٍ.

  وقال ابنُ دُرَيْدٍ: أَسَفَّ: طَلَبَ الْأُمُورَ الدَّنِيئَةَ. وقال غيرُهُ: أَسَفَّ الْبَعِيرَ: إذا عَلَفَهُ الْيَبِيسَ.

  ومِن المَجازِ: أَسَفَّ الْفَرَسُ اللِّجَامَ أي: أَلْقَاهُ في فِيهِ، كذا في المُحِيطِ، واللِّسَانِ.

  وأَسَفَّ الطَّائِرُ: دَنَا مِن الْأَرْضِ في طَيَرَانِهِ، كما في الصِّحاحِ، وفي الأَسَاسِ طَارَ علَى الأَرْضِ دَانِياً منها، حتى كادَتْ رِجْلاهُ تُصِيبانِها⁣(⁣٣).

  وأَسَفَّتِ السَّحَابَةُ: دَنَتْ مِن الْأَرْضِ، قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ، قال عَبِيدُ بنُ الأَبْرَصِ، يذكُر سَحاباً تَدَلَّى حتى قَرُبَ من الأَرْضِ:

  دَانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الْأَرْضِ هَيْدَبُهُ ... يَكَادُ يَدْفَعُهُ مَنْ قَامَ بِالرَّاحِ

  قلتُ: وقال ابنُ قُتَيْبَةَ: البَيْتُ لأَوْسِ بنِ حَجَرٍ، وفي العُبَابِ: ويُرْوَى لأَوْسِ بنِ حَجَرٍ، وهكذا ذكَره صاحبُ اللِّسَانِ أَيضاً علَى الشَّكِّ، قلتُ: وهو مَوْجودٌ في دِيوَانِيْهِمَا.

  وأَسَفَّ النَّظَرَ: حَدَّدَهُ بِشِدَّةٍ، كما في الصِّحاحِ، زَادَ الْفَارِسِيُّ: وصَوَّبَ إِلَى الأَرْضِ، وفي حديثِ الشَّعبِيِّ: أَّنَّه «كَرِهَ أَنْ يُسِفَّ الرَّجُلُ النَّظَرَ إِلَى أذمِّهِ، أو ابْنَتِهِ، أو أُخْتِهِ» قال الصَّاغَانِيُّ: وهو مِن باب المَجَازِ، كأَنَّه جعَلَ نَظَرَهُ في أَخْذِهِ المَنْظُورَ إِليْهِ لِحِدَّتِهِ، بمَنْزِلَةِ الشَّانِيءِ لِمَنْظَرِه، ويقرُب منه قَوْلُهُم - حكاه أَبو زيدٍ -: إِنَّهُ لتَعْجُمُكَ عَيْنِي، أي: كأَنِّي أَعْرِفُكَ.

  وَفي الأَساسِ: وهو يُسِفُّ النَّظَرَ في الأَمْرِ: أي يُدِقُّهُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُسِفَّ النَّظَرَ إلَى غيرِ حُرْمَتِك: أي تُحِدَّه وتُدِقَّه.

  وأَسَفَّ الفَحْلُ: صَوَّبَ رَأْسَهُ لِلْعَضِيضِ، أي: أَمَالَهُ وقال اللَّيْثُ: أَسَفَّ الْجُرْحَ دَوَاءً: أَدْخَلَهُ فِيهِ، وَهو مَجَازٌ، كأَنَّهُ جَعَلَه له سَفُوفاً، وفي الحديثِ: «كَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ»: أي الرَّمادَ الحَارَّ، للَّذِي شَكَا مِن جِيرَانِه بإِحْسَانِهِ إِليْهِم، وَإِسَاءَتِهم إليْه، وكذلك: أَسَفَّ الْوَشْمَ نَؤُورًا ومنه قَوْلُ لَبِيدٍ ¥:

  أَوْ رَجْعُ وَاشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُهَا ... كِفَفاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا


-

وسفّاً إذا ما صرّح الموت أقرعا

وَهي رواية التهذيب، وقد ورد البيت في اللسان ونسبه للداخل بن حرام الهذلي وروايته:

لعمري لقد أعلمت خرقًا مبرَّأً ... وَسفّا إذا ما صرّح الموت أروعا

(١) ديوانه وصدره:

إذا مستثابات الرياح تنسَّمتْ

(*) كذا بالأصل بالتخفيف، وهو لغة، والأصوب تشديد القاف. كالقاموس.

(٢) في اللسان: وأنشد ابن برّي.

(٣) عن الأساس وبالأصل «يصلانها».