[شعف]:
  والحُبُّ الشَّدِيدُ يتمكنُ من سَوادِ القَلْبِ، لا مِنْ طَرَفِهِ.
  وشَعِفْتُ بِهِ، وبِحُبِّهِ، كَفَرِحَ: أيْ غَشَّى الْحُبُّ القَلْبَ مِن فَوْقِهِ، وقُرِئَ بِهِمَا، أي بالفَتْحِ والكَسْرِ، قَوْلُه تعالَى: {قَد شَعَفَهَا حُبًّا}(١)، أَمَّا الفَتْحُ فهي قراءَةُ الحسنِ البَصْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وأَبو رَجَاءٍ(٢)، والشَّعْبِيِّ، وسعيدِ بن جُبَيْرٍ، وثابتٍ البُنَانِيِّ، ومُجَاهِدٍ، والزُّهْرِيِّ، والأَعْرَجِ، وابنِ كَثِيرٍ، وابنِ مُحَيْصِنٍ، وعَوْفِ بن أَبِي جَمِيلَةَ، ومحمدٍ اليَمَانِيِّ، وَيَزِيدَ(٣) بنِ قُطَيْبٍ، وعلَى الأَوَّلِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ، وقال: أي بَطَنَهَا حُبًّا، قال أبو زَيْدٍ: أي أَمْرَضَهَا وأذابَهَا، وأَمَّا الكَسْرُ، فقد قَرَأَ به ثَابِتٌ البُنَانِيُّ أَيضاً، بمَعْنَى عَلِقَهَا حُبًّا وَعِشْقًا.
  والشَّعَفُ، مُحَرَّكَةً: أَعْلَى السَّنَامِ، زادَ اللَّيْثُ: كرُؤُوسِ الكَمْأَةِ، والأَثَافيِّ المُسْتَدِيرَةِ في أَعالِيهَا، قال العَجَّاجُ:
  فَاطَّرَقَتْ إِلَّا ثَلاثاً عُكَّفَا ... دَوَاخِساً في الْأَرْضِ إِلَّا شَعَفَا
  وقال بعضُهم: الشَّعَفُ: قِشْرُ شَجَرِ الْغَافِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّه بالغَيْنِ المُعْجَمَةِ، نَبَّهَ عَلَيه الصَّاغَانِيُّ.
  وقال اللَّيْثُ: الشَّعَفُ: دَاءٌ يُصِيبُ النَّاقَةَ، فَيَتَمَعَّطُ شَعَرُ عَيْنَيْهَا، والْفِعْلُ شَعِفَ، كَفَرِحَ، شَعَفاً، فهي تَشْعَفُ، وناقَةٌ شَعْفَاءُ، خَاصٌّ بِالْإِنَاثِ، ولَا يُقَالُ: جَمَلٌ أَشْعَفُ، أو يُقَالُ: هو بِالسِّينِ المُهْمَلَةِ(٤)، قَالَهُ غيرُ اللَّيْثِ، وقد تقدَّم للجَوْهَرِيِّ هناك.
  ورَجُلٌ صَهْبُ الشِّعَافِ، كَكِتَابٍ: أي صَهْبُ شَعَرِ الرَّأْسِ، واحدُهَا شَعَفَةٌ، وقد تقدَّم، وقد جاءَ ذلك في حديثِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ، فقَالَ: «عِرَاضُ الوُجُوهِ، صِغَارُ العُيُونِ، صُهْبُ الشِّعَافِ، (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ)».
  ومَا علَى رَأْسِهِ إِلَّا شُعَيْفَاتٌ: أي شُعَيْرَاتٌ مِن الذُّؤَابَةِ، وَقال رجلٌ: «ضَرَبَني عُمَرُ رضي الله تَعَالَى عنه، فسقَط البُرْنُسُ عن رَأْسِي» فأَغاثني الله بِشُعَيفتين في رأْسي أي: ذُؤَابَتَيْن وَقَتَاهُ الضَّرُبَ. وشَعَفَ الْبَعِيرَ بالقَطِرَانِ، كَمَنَعَ، شَعْفَةً: أي طَلَاهُ بِهِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، ومنه قَوْلُ امْرِيءِ القَيْسِ:
  لِيَقْتُلَنِي وقد شَعَفْتُ فُؤَادَهَا ... كَمَا شَعَفَ المَهْنُوءَةَ الرَّجُلُ الطَّالِي(٥)
  وَيُرْوَى: «قَطَرْتُ فُؤَادَهَا كما قَطَرَ» وقال أبو عليٍّ القَالِي: إنَّ المَهْنُوءَةَ تَجِدُ لِلْهِنَاءِ لَذَّةً مع حُرْقَةٍ.
  وشَعَفَ هذا الْيَبِيسُ: أي نَبَتَ فيهِ أَخْضَرُ، هكذا قَالَهُ بَعْضُهُم، أَو الصَّوَابُ بِالْمُعْجَمَةِ، نَبَّهَ عَلَيه الصَّاغَانِيُّ.
  والْمَشْعُوفُ: الْمَجْنونُ، في لُغَةِ أَهلِ هَجَرَ.
  وأَيضاً مَن أُصِيبَ شَعَفَةُ قَلْبِهِ، أي رَأْسُه عِنْدَ مُعَلَّقِ النِّيَاطِ، بِحُبٍّ، أو ذُعْرٍ، أو جُنُونٍ، وَمنه الحديثُ: «أَمَّا فِتْنَةُ الْقَبْرِ فِبِي تُفْتَنُونَ، وعَنِّي تُسْأَلُون، فَإذا كَانَ الرَّجُلُ صَالِحاً أُجْلِسَ(٦) في قَبْرِهِ غَيْرَ فَزِعٍ، ولا مَشْعُوفٍ».
  والشُّعَافُ، كَغُرَابٍ: الْجُنُونُ، وَمنه المَشْعُوفُ، قال جَنْدَلٌ:
  وغَيْر عَدْوَى مِنْ شُعَافٍ وحَبَنْ(٧)
  وشَعْفَانِ، بكَسْرِ النُّونِ: جَبَلانِ بِالْغَوْرِ، ومنه الْمَثَلُ: «لكِنْ بِشَعْفَيْنِ أَنْتِ جَدُودٌ»، وقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ: شَعْفِينَ، بِكَسْرِ الْفَاءِ، غَلَطٌ، وَنَصُّهُ في الصِّحَاحِ: وشَعْفَيْنِ: مَوْضِعٌ، وفي المَثَلِ: «لكِنْ بشَعْفَيْنِ كُنْتِ جَدُوداً»، قَالَهُ رَجُلٌ الْتَقَطَ مَنْبُوذَةً، فَرَآهَا يَوْماً تُلَاعِبُ أَتْرَابَهَا، وتَمْشِي علَى أَرْبَعٍ، وتَقُولُ: احْلُبُونِي، فإِنِّي خَلِفَةٌ جَدُودٌ، أيْ: أَتَانٌ، وَقد تقدَّم في «ج د د» وفي التَّكْمِلَةِ: ومُرْسِلُ المَثَلِ عُرْوَةُ بنُ الوَرْدِ، يُضْرَبُ لمَن نَشَأَ في ضُرٍّ فيَرْتَفِعُ(٨) عنه.
  وَفي المُسْتَقْصَى: يُضْرَبُ لمَن أَخْصَبَ بعدَ هُزَالٍ، ونَسِيَ
(١) سورة يوسف الآية ٣٠.
(٢) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «ابن رجاء».
(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «زيد».
(٤) قال الصاغاني في التكملة: وهو أجود.
(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٤٢ برواية:
أيقسلني أني شغفت فؤادها ... كما شغف
بالغين المعجمة، وفسر شغفت: أصبت شغاف قلبها، يعني غلافه، وَالمهنوءة المطلية بالقطران، وأراد بها الناقة.
(٦) الأصل والنهاية، وفي اللسان: جلس.
(٧) التكملة برواية:
قرح وأدواء شعافٍ وحبن
وَيروى: «شَغافٍ» والحبن: الماء الأصفر، عن التهذيب.
(٨) في التكملة: ثم يرتفعُ عنه فيبطرُ.