تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عسقف]:

صفحة 388 - الجزء 12

  إِذا جُمادَى مَنَعَتْ قَطْرَها ... زان جَنابِي عَطَنٌ مَعْصِفُ

  هكذا رواه اللِّحيانِيُّ، ويُرْوَى مُغْضِف، بالضادِ المعجمَةِ، ونسبَ الجَوْهَريُّ هذا البيتَ لأَبِي قَيْسِ بنِ الأَسْلَتِ، قال ابنُ بَرِّيّ: هو لأَحَيْحَةَ بْنِ الجُلاحِ.

  وقال الحَسَنُ في قوله تَعالَى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ}⁣(⁣١) قال: أي، كَزَرْعٍ قَدْ أُكِلَ حَبُّه، وبَقِيَ تِبْنُه وَأَنْشَد المُبَرِّدُ:

  فصُيِّرُوا مِثْلَ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ

  أَراد مثلَ عَصْفٍ مَأْكُولٍ، فزادَ الكافُ للتَّأْكِيد أَوْ أَنّه يحتَمِلُ معْنَيَيْنِ، أَحَدُهُما: أَنَّه جَعلَ أَصحاب الفِيلِ كوَرَقٍ أُخِذَ ما كانَ فيهِ⁣(⁣٢)، وبَقِيَ هو لا حَبَّ فيهِ، أَو أَنَّه جَعَلَهم كوَرَقٍ أَكَلَتْهُ البَهائِمُ ورُوِيَ عن سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ أَنّه قالَ في قَوْلِه تَعالى: {كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} قال: هو الهَبُّورُ، وهو الشَّعِيرُ النابِتُ بالنَّبَطِيَّةِ.

  وعَصَفَه يَعْصِفُه عَصْفاً: صَرَمَه من أَقْصابِه.

  أَو جَزَّهُ قَبلَ أَن يُدْرِكَ أي: جَزَّ وَرَقَهُ الذي يَمِيلُ في أَسْفَلِه؛ ليكونَ أَخَفَّ للزَّرْعِ، فإنْ لم يَفْعَلْ مالَ بالزَّرْعِ.

  والعُصافَةُ، ككُناسَةٍ: ما سَقَطَ [مِنَ السُّنْبُلِ] * من التِّبْنِ وَنحوِه، نقله الجوهرِيُّ.

  [وككَنِيسَةٍ: الوَرَقُ المُجْتَمِعُ الذي ليسَ فيه السُنْبُلُ]⁣(⁣٣).

  وَقِيل: هو الوَرقُ الذي يَنْفَتِحُ عن الثَّمَرةِ.

  وَقِيلَ: هو رُؤُوسُ سُنْبُلِ الحِنْطَةِ، قال عَلْقَمَةُ بنُ عَبَدَةَ:

  تَسْقِي مَذانِبَ قَدْ زالَتْ عَصِيفَتُها ... حُدُودُها من أَتِيِّ الماءِ مَطْمُومُ⁣(⁣٤)

  ويَقُولون: سَهْمٌ عاصِفٌ: أي مائِلٌ عن الغَرَضِ وَكذلك سِهامٌ عُصَّفٌ، وهو مجازٌ. وكُلُّ مائِلٍ: عاصِفٌ قاله المُفَضَّلُ وأَنشد لكُثَيِّرٍ:

  فَمَرَّتْ بِلَيْلٍ وهي شَدْفاءُ عاصِفٌ ... بمُنْخَرَقِ الدَّوْداةِ مَرَّ الخَفَيْدَدِ

  وعَصَفت الرِّيحُ تَعْصِفُ عَصْفاً، وعُصُوفاً: اشْتَدَّتْ، فهي ريحٌ عاصِفَةٌ، وعاصِفٌ، وعَصُوفٌ واقتصر الجَوهرِيُّ على الأَخِيرَيْنِ، من رياحٍ عواصِفَ، قال الله تَعالَى: فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً⁣(⁣٥) يعنِي الريّاحَ تَعْصِفُ ما مَرَّتْ عَلَيه من جَوَلانِ التُّرابِ تَمْضِي به، وقد قِيلَ: إنَّ العَصْفَ - الْذِي هُوَ التِّبْنُ - مُشْتَقٌّ منه؛ لأَنَّ الرِّيحَ تَعْصِفُ به، قال ابنُ سِيدَه: وهذا ليس بقَوِيٍّ، وفي الحَدِيث: «كانَ إذا عَصَفَت الرِّيحُ» أي: إذا اشْتَدَّ هُبُوبُها.

  قال الجوهريُّ: وفي لُغَةِ بني أَسَدٍ: أَعْصَفَت الرِّيحُ فهي مُعْصِفٌ، ومُعْصِفَةٌ زادَ غيرُه: من رِياحٍ مَعاصِفَ وَمَعاصِيفَ: إذا اشْتَدّتْ.

  وقولُه تَعالى: {كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ}⁣(⁣٦) أي: تعْصِفُ فيهِ الرِّيحُ وهو فاعِلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ مثلُ قولهم: لَيْلٌ نائِمٌ، وهَمٌّ ناصِبٌ، كما في الصِّحاح، وقال الفَرّاءُ: إنَّ العُصُوفَ للرِّياحِ، وإِنَّما جعله تابِعاً لليومِ على جِهَتَيْنِ: إِحْداهُما: أَن العُصُوفَ وإِن كان للرِّيحِ فإِنَّ اليومَ يُوصَفُ به؛ لأَنَّ الريحَ تكونُ فيه، فجازَ أَن يُقال: يومٌ عاصِفٌ، كما يُقالُ: يومٌ حارٌّ، ويومٌ بارِدٌ، والحَرُّ وَالبَرْدُ فيهما، والوَجْهُ الآخرُ: أَنْ يُقال: أَراد في يوْمٍ عاصِفِ الرِّيحِ [فتحْذِف الرِّيحَ]⁣(⁣٧) لأَنها [قد]⁣(⁣٧) ذُكِرتْ في أَوَّلِ الكَلِمة.

  وعَصفَ عِيالَه يعْصِفُهم عصْفاً: كسَبَ لَهُم نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، زاد غَيْرُه: وطَلَب واحْتالَ، وقِيل: العَصْفُ: هو الكَسْبُ لأَهلِه، ومنه قَوْلُ العَجّاجِ:

  قد يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي ... بغَيْرِ ما عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ

  ومن المَجازِ: ناقَةٌ عَصُوفٌ، ونَعَامَةُ عَصُوفٌ: أي سَرِيعَةٌ تَعْصِفُ براكِبِها فتَمْضِي بِهِ، قالَه شَمِرٌ، ونقَلَه


(١) سورة الفيل الآية ٥.

(٢) يعني من الحب، كما في التهذيب.

(*) ساقطة من الكويتية.

(٣) ما بين معقوفتين ساقط من الأصل وقد نبه عَلَيه بهامش المطبوعة المصرية، بعد لفظة «من التبن» وقد استدركناه عن القَاموس، وهنا موقعه.

(٤) ويروى: قد مالت عصيفتها.

(٥) سورة المرسلات الآية ٢.

(٦) سورة إبراهيم الآية ١٨.

(٧) زيادة عن التهذيب.