تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[شأب]:

صفحة 93 - الجزء 2

  وشَبَّةُ النَّار: اشْتِعَالها. ومِنَ المَجَازِ والكِنَايَة شَبَّتِ⁣(⁣١) الحَرْبُ بَيْنَهُم. وتَقُولُ - عِنْدَ إحْيَاءِ النَّار -:

  تَشَبَّبي تَشَبُّبَ النَّمِيمَه ... جَاءَتْ بها تَمْراً إلَى تَمِيمَه⁣(⁣٢)

  وهو كَقَوْلهم: أَوقَدَ بِالنَمِيمَة نَاراً. وقال أبُو حَنِيفَة: حُكِي عَنْ أَبي عَمْرو بْنِ العَلَاءِ أَنَّه قَالَ: شَبَّت النارُ وشُبَّتْ⁣(⁣٣) هي نَفْسُها شَبًّا وشُبُوباً، لازَمٌ ومُتَعَدٌ. والمَصْدَرُ الأَوَّل للمُتَعدِّي والثَّانِي لِلَّازِم. قَالَ: ولا يُقَالُ شَابَّة بَلْ⁣(⁣٤) مَشْبُوبَة.

  وشَبَّ الفَرَسُ يَشِبُّ بالكَسْرِ ويَشُبُّ بالضَّمِّ شِبَاباً بالكَسر وشَبِيباً وشُبُوباً بالضم: رَفَعَ يَدَيْهِ جَميعاً كأَنَّها⁣(⁣٥) تَنْزُو نَزَوَانا، ولَعِبَ وقَمَّصَ، وكَذَلك إذا حَرَن. تقول: بَرِئْتُ إلَيْك مِنْ شِبَابه وشَبِيبِه وعِضَاضِه وعَضِيضه قال ذو الرُّمَّة:

  بِذِي لَجَبٍ تُعَارِضُهُ بُرُوقٌ ... شُبُوبَ البُلْق تَشْتَعِلُ اشْتِعَالاً⁣(⁣٦)

  بذي لجب يَعْني الرَّعْد، أَي كما تَشِبُّ الخَيْلُ فيَسْتَبِينُ بَيَاضُ بَطْنِهَا.

  ومن المجاز: شَبَّ الخِمَارُ والشَّعَرُ لونَها أَي زَادَا في حُسْنِها وبَصِيصِها أَظْهَرَا جَمَالَهَا. ويقال: شَبَّ لونَ المَرأَة خِمَارٌ أَسْوَةُ لَبِسَتْه أَي زَادَ في بياضِها ولَوْنِهَا فحَسَّنَها لأَن الضِّدَّ يَزِيدُ في ضِدِّه ويُبْدِي ما خَفِي مِنْه، ولِذلِك قَالُوا: وبِضِدّهَا تَتَمَيَّز الأَشْيَاءُ وقال رَجُلٌ جَاهِلِيٌّ مِنْ طَيِّئ:

  مُعْلَنْكِسٌ شَبَّ لَهَا لَوْنَها ... كما يَشُبُّ البَدْرَ لَوْنُ الظَّلام

  يقُول: كما يَظْهَرُ لَوْنُ البَدْرِ في اللَّيلَةِ المُظْلِمَة.

  ومِنَ المَجَازِ: أَشَبَّ الرجلُ بَنِينَ إذَا شَبَّ وَلَدُه⁣(⁣٧) ويُقَالُ: أَشَبَّتْ فُلانَةُ أَوْلادَاً إذا شَبَّ لهَا أَوْلَادٌ.

  ومن المَجَازِ: الشَّبُوبُ بالفَتْح المُحَسِّن للشَّيْءِ. يُقَالُ: هذا شَبُوبٌ لِهذَا أَي يَزِيدُ فِيهِ ويُحَسِّنُه. وفي الحِدِيث «أَنَّ النبيَّ ÷ ائْتَزَرَ بِبُرْدَةٍ سَوْدَاء، فجعل سَوَادُهَا يَشَبُّ بَياضَه، وجَعَلَ بياضُه يَشُبُّ سَوَادَهَا». قال شَمر: يَشُبّ أَيْ يَزْهَاه ويُحَسِّنُه ويُوقِدُه.

  وفي رواية أَنَّه لَبِسَ مِدْرَعَةً سَوْدَاء، فقالت عَائِشَةُ: «ما أحْسَنَهَا عَلَيْكَ، يَشُبُّ سَوَادُهَا بَيَاضَك، وبَيَاضُك سَوَادَهَا».

  أَي تُحَسِّنُه ويُحَسِّنُها.

  وفي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ⁣(⁣٨) «إنَّه يَشُبُّ الوَجْهَ» أَي يُلونَّه ويُحَسِّنُه، أَي الصَّبِر.

  وفي حَدِيثِ عُمَر ¥ في الجَوَاهِر الَّتي جَاءَته مِن فَتْح نَهَاوَنْد: «يَشُبّ بَعْضُهَا بَعْضاً».

  والشَّبُوبُ: الفرسُ تَجُوزُ رِجلاه يَدَيْه، وهو عَيْبٌ. وقال ثعلب: هو الشَّبِيبُ.

  والشَّبُوبُ: ما تُوقَدُ بِهِ النَّارُ وقد تَقَدَّم هذا، فهو تكرار.

  والشَّابُّ من الثِّيرَانِ والغَنَم كالمِشَبِّ. قَالَ الشَّاعِرُ:

  بمَوْرِكَتَيْن من صَلَوَىْ مِشَبَّ ... مِنَ الثيرَانِ عَقْدُهُمَا جَمِيلُ⁣(⁣١)

  أَو الشَّابُّ: المُسِنُّ، كالشَّبَب مُحَرَّكَةً. وعِبَارَة الجوهريّ: الشَّبَبُ: المُسِنُّ من ثيرانِ الوَحشِ الَّذي انْتَهى أَسْنَانُه. وقال أَبُو عُبَيْدَة: الشَّبَبُ: الثَّورُ الَّذي انْتَهَى شَبَاباً، وَقِيلَ: هُوَ الَّذي انْتَهى تَمَامُه وذَكَاؤُه مِنْهَا، وكَذَلك الشَّبُوبُ، والأُنْثَى شَبُوبٌ أَيْضاً والمشَبُّ بالكَسْرِ ربما قَالُوا بِه. وقَال أَبُو عَمْرو: القَرْهَبُ: المُسِنُّ مِن الثِّيرَان، والشَّبُوبُ: الشَّابُّ. قَالَ أَبُو حَاتم وابن شُمَيْلٍ: إذَا أَحَالَ وفُصِلَ فهو


(١) الاساس: شُبَّت.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله جاءت الخ الذي في نسخة الأساس التي بيدي: تسعى بها زهراً إلى تميمه».

(٣) في اللسان: شُبَّت النارُ وشَبَّت.

(٤) اللسان: ولكن.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «كذا بخطه والأنسب بكلام المصنف كأنه ينزو.

(٦) بالأصل «شبوب البرق» وبهامش المطبوعة المصرية: «وقوله شبوب البرق كذا بخطه والذي في التكملة الشبوب البلق وهو الصواب» وهو ما أثبتناه.

(٧) كذا بالأصل واللسان، وفي الأساس: بنوه.

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: قال في النهاية: ومنه حديث أم سلمة حين توفي أبو سلمة قالت: جعلت على وجهي صبراً فقال النبي ÷ إنه الخ».