تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قفف]:

صفحة 440 - الجزء 12

  ويُقالُ: أَتَيْتُه عَلَى قَفّانِ ذلِكَ، وقافِيَتِه: أي على أَثَرِه وَذَكَرَهُ الجَوْهَريُّ في «قفن» ومنه حدِيثُ عُمَرَ ¥: «أَنّه قالَ له حُذَيْفَةُ ¥: «إِنَّكَ تَسْتَعِينُ بالرَّجُلِ الفاجِرِ، فقَالَ: إِنِّي اسْتَعْمِلُه لأَسْتَعِينَ بقُوَّتِه، ثُمَّ أَكُونُ على قَفّانِه»⁣(⁣١) يُرِيدُ ثمّ أَكُونُ على أَثَرِه ومن وَرائِه، أَتَتَبَّعُ أُمُورَه، وَأَبْحَثُ عن أَخْبارِه، فكِفايَتُه واضْطِلاعُه بالعَمَل يَنْفَعُنِي، ولا تَدَعُهُ مُراقَبَتِي وكِلاءَةُ⁣(⁣٢) عَيْنِي أَنْ يَخْتانَ» وأَنْشَدَ الأَصْمَعيُّ:

  وَما قَلَّ عِنْدِي المالُ إِلا سَتَرْتُه ... بخِيمٍ على قَفّانِ ذلِك واسِعِ

  وقال بعضُهم: هذا قَفّانُه: أي حِينُه وأَوانُه وكذلِكَ ربّانُه وإِبّانُه.

  وقِيلَ: قولُ عُمَرَ السابقُ مَأْخُوذٌ من قَوْلِهَم: هو قَفّانٌ على فُلانٍ، وقَبّانٌ: أي أَمِينٌ عليه يَتَحَفَّظَ أَمْرَهُ ويُحاسِبُه، وَلهذا قِيلَ للمِيزانِ الذي يُقالُ له القَبّان: قَبّانُ، كأَنَّه شَبّه اطِّلاعَه على مَجارِي أَحْوالِه بالأَمِينِ المَنْصُوبِ عَلَيه، لإِغْنائِه مَغْناهُ، وسَدِّه مَسَدَّه.

  وقال الأَصْمعيُّ: قَفّانُ كُلِّ شيءٍ: جُمّاعُه⁣(⁣٣)، وَاسْتِقْصاءُ مَعْرفَتِه قال أَبو عُبَيْدٍ: ولا أُحْسَبُ هذه الكَلِمةَ عَرَبِيّةً، إِنما أَصلُها قَبّان، وقَفّان: فعّالٌ من قولهم في القَفَا: القَفَن⁣(⁣٤)، ومَن جَعَل النُّونَ زائدةً فهو فَعْلان، وذَكَرَه الجَوْهَريُّ في «قفن» ثم قالَ: والنُّونُ زائِدَةٌ، وأَهْمَلَ ذِكْرَه في هذَا المَوْضِعِ، فقولُه: «بزيادةِ النُّونِ» يُلْزمُه ذِكْرَه اللّفْظَ في هذا التَّرْكِيبِ؛ لأَنّه يكونُ فعلان، وذَكَر الزَّمَخْشَرِيُّ أنَّ وَزْنَه فعَّال، وقالَ ابنُ الأَعرابِيِّ: هو عربيٌّ صحيحٌ لا وَضْعَ له في العَجَمِيَّةِ، فعَلَى هذا تكونُ النُّونُ فيه زائدةً، فإِنّ ما في آخرِهِ نونٌ بعدَ أَلِفٍ فإِنَّ فَعْلانَ فيه أَكثرُ من فَعَّالٍ، وأَما الأَصْمَعِيُّ، فقَالَ: قَفّانُ: قَبّانُ، بالباءِ التي بينَ الباءِ وَالفاءِ، أُعْرِبَتْ بإِخْلاصِها فاءً، وقد يجُوزُ إِخلاصُها باءً؛ لأَنَّ سِيبَوَيْه قد أَطْلَقَ ذلِكَ في الباءِ التي بينَ الفاءِ والباءِ.

  والقفَّةُ، مثَلَّثةً: رِعْدَةٌ تَأْخُذُ من الحُمَّى وقُشَعْرِيرَةٌ عن ابنِ شُمَيْلٍ، ولم يَذْكُر التَّثْلِيثَ، وقد قَفَّ قُفُوفاً: أَرْعَدَ واقْشَعَرَّ.

  وَقال النّضْرُ: القُفَّةُ كالقُشَعْرِيرَةِ، وأَصلُه التَّقَبُّضُ والاجْتِماع، كأَنَّ الجلدَ ينقَبِضُ عند الفَزَعِ، فيقومُ الشَّعَرُ لذلك.

  والقِفَّةُ بالكسر: أَوَّلُ ما يَخْرُج من بَطْنِ المَوْلُودِ وهو العِقْيُ أَيضاً، كما في اللِّسانِ.

  والقُفَّةُ بالضَّمِّ: القَرْعَةُ اليابِسَةُ، كما في الصِّحاحِ، وَقال اللَّيْثُ: كهَيْئةِ القَرْعَةِ تُتَّخَذُ من الخُوصِ يُقالُ: شَيْخٌ كالقُفَّةِ، وعَجوزٌ كالقُفَّةِ، وعبارةُ الصِّحاحِ: ورُبَّما اتُّخِذَ من خُوصٍ ونحوِه كهَيْئَتِها، تَجْعَلُ فيه المَرْأَةُ قُطْنَها، وقالَ غيرُه: يُجْتَنَى فيها من النَّخْلِ، ويضَعُ فيها النِّساءُ غَزْلَتهُنَّ، وقالَ الأَزْهريُّ: تُجْعَلُ فيها⁣(⁣٥) مَعالِيقُ تُعَلَّقُ بها من رَأْسِ الرَّحْلِ، يضَعُ فيها الرَّاكبُ زادَه، وتَكُونُ مُقَوَّرَةً ضَيِّقَةَ الرأْس.

  والقُفَّةُ: القَارَةُ هو بالقافِ، ووَقَعَ في بعضِ نُسَخِ العُباب بالفاءِ.

  والقُفَّةُ: ما ارتْفَعَ من الأَرْضِ كالقُفِّ قال شمر: القُفُّ: ما ارْتَفَعَ من الأَرْضِ وغَلُظَ، ولم يَبْلُغَ أَن يكونَ جَبَلاً، وفي الصِّحاحِ: ما ارْتَفَعَ من مَتْنِ الأَرضِ، والجَمْعُ قِفافٌ، زاد غيرُه: وأَقْفافٌ، قال امرُؤُ القَيْسِ:

  فلمّا أَجَزْنَا ساحَةَ الحَيِّ وانْتَحَى ... بِنَا بَطْنَ خَبْتٍ ذِي قِفافٍ عَقَنْقَلِ⁣(⁣٦)

  وَقيل: القُفُّ كالغَبِيطِ من الأَرْضِ، وقِيلَ: هو ما بَيْنَ النَّشْزَيْنِ، وهو مَكْرَمَةٌ، وقِيلَ: القُفُّ: أَغْلَظُ من الجَرْمِ وَالحَزْنِ.

  والقُفَّةُ: الرَّجُلُ الصَّغِيرُ الجِرْمِ، عن الأَصمعِيِّ.

  أَو القَصِيرُ القَليلُ اللَّحْمِ.

  وَقالَ غيرُه: هو الضَّعِيفُ منهم، وبُفْتَحُ.

  والقُفَّةُ: الأَرْنَبُ عن كُراعٍ.

  والقُفَّةُ: شَيءٌ كالفَأْسِ كالقُفِّ بلا هاءٍ.

  والقُفَّةُ: الشَّجَرَةُ البالِيَةُ اليابِسَةُ وبه فَسَّر الأَصمعيُّ


(١) انظر النهاية واللسان باختلافٍ في الرواية.

(٢) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «وكلأ».

(٣) كذا ضبطت في القاموس بالضم، وتشديد الميم ومثله في النهاية واللسان وأهمل ضبطها في التهذيب.

(٤) قوله القفن قال في القاموس: والقَفَنُ وتشدد نونه: القفا.

(٥) في التهذيب: يجعل لها معاليق.

(٦) ديوانه من معلقته ص ٤١ برواية: بطن خبت ذي حقاف، فلا شاهد فيها. وَبهامشه: ويروى ذي قفاف، وهي جمع قف.