تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كنهف]:

صفحة 470 - الجزء 12

  مَسْجِداً لم يُبْنَ على وَجْهِ الأَرضِ مِثْلُه، وقد أنْفَقْتُ على كُلِّ أُسْطوانَةٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مائةً، ولا يهدِمه إِلا باغٍ أَو حاسِدٌ⁣(⁣١)، ورُوِيَ عن بِشْرِ بن عَبْدِ الوَهّابِ القُرَشِيِّ مَوْلَى بنِي أُمَيَّة، وكان يَنْزِلُ دِمَشْقَ، وذَكَر أَنَّه قَدَّر الكُوفَةَ، فكانَتْ سِتَّةَ عَشَرَ مِيلاً وثُلُثَيْ مِيلٍ، وذَكَر أنَّ فِيها خَمْسِينَ أَلْفَ دارٍ للعَرَبِ من رَبيعَةَ ومُضَرَ، وأَرْبَعةً وعِشْرِينَ أَلْفَ دارٍ لسائِر العَرَبِ، وستّةً ومُضَرَ، وأَرْبَعةً وعِشْرِينَ أَلْفَ دارٍ لسائِر العَرَبِ، وستّةً وثَلاثِينَ أَلفَ⁣(⁣٢) دارٍ لليَمَنِ. والحَسْناءُ لا تَخْلُو من ذامٍّ، قال النِّجاشِيُّ يَهْجُو أَهلَها:

  إذا سَقَى الله قَوْماً صَوْبَ غادِيَةٍ ... فلا سَقَى الله أَهْلَ الكُوفَةِ المَطَرَا

  التّارِكِينَ على طُهْرٍ نَساءَهُمُ ... وَالنائِكِين بشَطَّيْ دِجْلَةَ البَقَرَا

  وَالسّارِقِينَ إذا ما جَنَّ لَيْلُهُمُ ... وَالدّارِسِينَ إذا ما أَصْبَحُوا السُّوَرَا

  وَالمَسافَةُ ما بينَ الكُوفَةِ والمَدِينَةِ نحوُ عِشْرِينَ مَرْحَلَةً.

  وكُوَيْفَةُ كجُهَيْنَةَ: ع، بقُرْبِها أي الكُوفَة، ويُضافُ لابنِ عُمَرَ، لأَنَّه نزَلَها وهو عبدُ الله بنُ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، هكَذا ذكره الصّاغانيُّ⁣(⁣٣)، والصوابُ ما في اللِّسانِ، يقال له: كُوَيْفَةُ عَمْرٍو، وهو عَمْرُو بنُ قَيْسٍ من الأَزْدِ، كان أَبْرَوِيزُ لمّا انْهَزَمَ من بَهْرام جُورَ نَزَل به، فَقَراهُ، فلما رَجَع إلى مُلْكِه أَقْطَعَه ذلِك المَوْضِعَ.

  وكُوفَى، كطُوبَى: د، بِباذَغِيسَ، قُرْبَ هَراةَ نَقَله الصّاغانِيُّ.

  والكُوفانُ بالضمِّ ويُفْتَحُ عن ابنِ عَبّادٍ والكَوَّفانُ، وَالكُوَّفانُ، كهَيَّبان، وجُلَّسانٍ. الرَّمْلَةُ المُسْتَدِيرَةُ وهو أَحَدُ أَوْجُهِ تَسْمِيَةِ الكوفَةِ كُوفَةَ، كما تقَدَّم.

  والكوفانُ: الأَمْرُ المُسْتَدِيرُ يُقالُ: تُرِكَ القَوْمُ في كُوفانٍ، نَقَلَه الجَوْهَريُّ.

  والكوفانُ⁣(⁣٤): العَناءُ والمَشَقَّةُ، وبه فُسِّرَ أَيْضاً قولُهُم: تَرَكْتُهم في كوفانٍ، كما في الصِّحاحِ: أي عَناءٍ ومَشَقَّةٍ وَدَوَرانٍ، وأَنشَدَ اللَّيْثُ:

  فلا أُضْحِي ولا أَمْسَيْتُ إِلّا ... وَإِنِّي منكُمُ في كَوَّفانِ

  وقال الأُمَوِيُّ: الكُوفانُ، بالضمِّ: العِزُّ والمَنَعَةُ، ومنه قولُهم: إِنَّه لفي كُوفانٍ، وفتَحَ ابنُ عَبّادٍ الكافَ، وفي اللِّسانِ: إِنَّه لَفي كُوفانٍ من ذلِك: أي حِرْزٍ ومَنَعَةٍ.

  والكُوفانُ: الدَّغَلُ من القَصَبِ والخَشَبِ نَقَله الصّاغانِيُّ، وفي اللِّسانِ بَيْنَ القَصَبِ والخَشَبِ، ويُقال: ظَلُّوا في كُوفانٍ: أي في عَصْفٍ كَعَصْفِ الرِّيحِ والشَّجَرةِ أَو في اخْتِلاطٍ وشَرٍّ شَدِيدٍ أَو في حَيْرَةٍ، أَو في مَكْرُوهٍ، أَو في أَمْرٍ شَدِيدٍ كلُّ ذلِك أَقوالٌ ساقَها الصّاغانِيُّ.

  ويُقال: لَيْسَت به كُوفَةٌ ولا تُوفَةٌ: أي عَيْبٌ نقَلَه الصّاغانِيُّ، وهو مثل المَزْرِيَة، وقد تافَ وكافَ.

  وكافَ الأَدِيمَ يَكُوفُه كَوْفاً: كَفَّ جَوانِبَه.

  والكافُ: حَرْف يذَكَّر ويُؤَنَثُ، وكذلك سائِرُ حُروفِ الهِجاءِ، قال الرّاعِي:

  أَشاقَتْكَ أَطْلالٌ تَعَفَّتْ رُسُومُها ... كما بَيَّنَتْ كافٌ تَلُوحُ ومِيمُها⁣(⁣٥)

  وَأَلِفُ الكافِ واوٌ، وهي من حُرُوف ال جَرِّ تكون: أَصْلاً، وَبَدَلاً، وزائداً، وتكونُ اسْماً، فإِذا كانت اسماً ابْتُدِئَ بها، فقِيلَ: كزَيدٍ جاءَنِي، يريدُ: مِثْل زَيْدٍ جاءَنِي.

  وتَكُونُ للتَّشْبِيهِ مثل: زَيْدٌ كالأَسَدِ.

  وتكونُ للتَّعْلِيل عند قَوْمٍ، ومنه قولُه تَعالَى: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً⁣(⁣٦): أي، لأَجْلِ إِرْسالِي، وقولُه تَعالى: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ⁣(⁣٧) أي لأَجْلِ هِدايتِه لَكُم.

  وتَكُونُ أَيضاً للاسْتِعْلاءِ قال الأَخْفَشُ: وذلِك مثلُ قَوْلِهم: كُنْ كَما أَنْتَ علَيْهِ أي: على ما أَنْتَ عَلَيهِ.

  وكَخَيْرٍ، في جوابِ ما إذا قِيلَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ أَو كَيْفَ


(١) معجم البلدان: جاحد.

(٢) معجم البلدان: وستة آلاف دار لليمن.

(٣) وياقوت في معجم البلدان.

(٤) هذه نص الصاغاني في التكملة على أنها بالفتح والتشديد لغة في كُوفان بالضم.

(٥) ديوانه ص ٢٥٨ وصدره فيه:

أشاقتك آيات أبان قديمها

(٦) سورة البقرة الآية ١٥١.

(٧) سورة البقرة الآية ١٩٨.